منال الزعبي - النجاح الإخباري - أثار قرار قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس في الشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية، محمود الهباش حالة من الجدل، حيث أصدر تعميمًا على المحاكم الشرعية يتمُّ بموجبه منع تسجيل حالات الطلاق بجميع أنواعه في شهر رمضان الفضيل وترجأ لما بعد انقضائه إلا أذا اقتضت الضروة ذلك.
وفي حديث أجراه "النجاح الإخباري" مع سلاف صوالحة، مديرة دائرة الإرشاد الأسري في ديوان قاضي القضاة، والتي علَّقت على الموضوع قائلةً: "أستغرب حالة الجدل لدى البعض، وأشير إلى أنَّ المحاكم الشرعية هي جزء من المنظومة القضائية الفلسطينية بموجب القانون الأساسي الفلسطيني والذي تنصُّ فيه المادة (101) على أنَّ المسائل الشرعية، والأحوال الشخصية تتولاها المحاكم الشرعية والدينية وفقًا للقانون، وقانون الأحوال الشخصية يتضمن العلاقة داخل الأسرة، من لحظة الفحص الطبي ما قبل الزواج، مرورًا بالزواج، وانتهاءً بالآثار المترتِّبة على زوال الرابطة الزوجية، وعليه فإنَّ المحاكم الشرعية لم تتجاوز صلاحياتها".
وأضافت صوالحة، أنّ سوء الفهم لدى البعض يقتضي ذكر التعميم بالحرف لتوضيح بعض الأمور التي أساء البعض فهمها، التعميم يحمل الرقم (22/2018)، وكان تاريخه في (13/5/ 2018)، وهو موجَّه للسادة القضاة في جميع المحاكم الشرعية ويطالبهم بتأجيل سماع الطلاق بأنواعه إلى ما بعد انقضاء شهر رمضان المبارك إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك.
وبيَّنت صوالحه أنَّ ذلك التعميم تلاه تقرير من دائرة الإصلاح الإرشاد الأسري يبيِّن الأسباب الداعية لذلك.
ووضّحت أنَّه يجب أن تكون هناك أسباب داعية للاستثناءات التي يتم فيها تسجيل حالات طلاق في بعض المحاكم خلال شهر رمضان، كأن تكون هناك ضرورة ومصلحة محقَّقة مدوّنة يوقِّع عليها رئيس قسم الإرشاد.
وبخصوص جزئية تأجيل سماع الطلاق قالت صوالحة: "علينا أن نُفرِّق بين عملية إقرار الطلاق وعملية إنشاء الطلاق، وهما مختلفتان، فالإقرار هو مجيء شخص للمحكمة وإعلامها أنَّه أوقع الطلاق على زوجته سواء أكان بوعيه وإرادته أو خلافه، وهنا على المحكمة تسجيل هذا النوع من الطلاق، أمّا إذا جاء شخص إلى المحكمة منفردًا أو رفقة زوجته بما يعرف بمعاملة الطلاق مقابل الإبراء، هنا تبقى المعاملة في دائرة الإرشاد ليتم النظر فيها، والتي يتم رفضها بداية، إلا إذا كان هناك ضرورة ملحَّة أو مصلحة".
وأكّدت صوالحة على أنَّ هذا التعميم لم يُصدر من قاضي القضاة ليتم تجاوزه وعلى جميع المحاكم الالتزام بما جاء فيه.
ووضّحت صوالحة دواعي هذا الأمر إذ إنَّ الطلاق هو مشكلة اجتماعية ذات أبعاد نفسيَّة لا يمكن إنكارها أو إنكار مردودها السلبي خاصَّة على الأطفال وتحديدًا خلال الشهر الفضيل، فمجرد تلفظ الإنسان بالطلاق سواء أكان جادًّا أم مازحًا يترتب على ذلك أحكام شرعية.
وشدَّدت على قدسية الشهر الفضيل الملزمة للمسلمين بضبط النفس والتصرفات والألفاظ التي تلحق الضرر بالنفس، فكان لا بد من ضبط سلوك الناس بهذا الخصوص.
وأضافت صوالحة أن هناك متابعة حقيقَّة داخل المحاكم الشرعيَّة من قبل هيئة التفتيش القضائي لمعرفة مدى التزام المحاكم الشرعية بهذا القرار، وأيّ مخالفة للاستثناءات المقرَّرة يتم اعتبارها مخالفة إداريَّة، وإنَّ هذا التعميم صدر فعليًّا عام (2012)، ويُصرّ قاضي القضاة على تجديده كلَّ عام.
ونوَّهت إلى أنَّ في ذلك التأخير للطلاق فرصة ومصلحة للأسرة وأنَّ دور المحكمة محاولة الإصلاح وهذا ما يتم في كثير من الأحيان، لحفظ هذه العلاقة الزوجيَّة المقدَّسة، والصيام مدرسة تهدف لضبط النفس وتحسين الأخلاق.