منال الزعبي - النجاح الإخباري - في منطقة " التل"، الواقعة وسط البلدة القديمة في بلدة الخضر جنوب بيت لحم، يرتسم مشهد التآخي والحريات الدينية في دير يقابله مسجد.
وتحتفل جميع الطوائف المسيحية في محافظة بيت لحم ومنذ زمن قديم بعيد الخضر في الخامس والسادس من أيَّار، حيث يزور دير الخضر العديد من المسيحيين لذكرى المحارب الروماني الذي آمن برسالة المسيح إبَّان حروب الرومان الذين كانو يعبدون الأوثان.
وُلد القديس جاورجيوس - جريس أو جورج أو الخضر- عام (280)م في مدينة اللد بفلسطين، وتوفي عام (303)م. وكلمة جاورجيوس هي من أصل يوناني وترجمتها إلى العربية تعني الفلاح أو المزارع العامل في الأرض.
لعائلة كانت تعيش في مدينة اللد وتتَّخذ من أرض الخضر مكانًا يسمى عزبة لوفرة المياه وخصوبة الأرض، عذَّب الرومان مار جريس بعدَّة طرق لثنيه عن الإيمان برسالة المسيح، وبعد عجزهم أعدموه في رومانيا وأحضروا جثته إلى مدينة اللد وفيها دُفن.
وصف مار جريس بالخضر لأنَّه كان يلبس اللون الأخضر وفرسه لونها أخضر أيضًا
وتخليدًا لاسم هذا المحارب المؤمن أقام المسيحيون كنيسة تحمل اسمه سنة (1912) محاطة بصور، وفي ساحتها بئر ماء وغرف نوم الرهبان، وفي الجهه الجنوبية بني مطبخ لتحضير الموائد للحجاج والزوار، وقاعه كان يعالج فيها مرضى الصرع حتى أنشأت الحكومه الأردنية مستشفى الأمراض العقلية في بيت لحم.
وعيد الخضر، هو آخر أعياد الربيع الفلسطينية، ويقال في الأمثال الشعبية: "صلّب وخُش، وخمّس واطلع"، وتعني بلغة تقويم السنة الفلسطينية الفلاحيَّة، إنَّ على الفلاح بعد إنهائه أعياد الربيع في شهر نيسان، الذي يسمى شهر الخميس، أن يعود مجدَّدًا ويُعزِّب في أرضه، ويستمر حتى منتصف أيلول، حيث عيد الصليب، فمع أوَّل قطرة مطر تنزل على الأرض، يعود إلى منزله، حاملًا ثمار الأرض ليمضي موسم الشتاء.
ويقال: "في عيد الخضر حرام حط النير ع البقر"، في إشارة إلى توقف حراثة الأرض، التي يتمُّ حراثتها مرَّة ثالثة في بداية شهر أيار.
وتقام في عيد الخضر الصلوات لجميع الطوائف المسيحية، ويوزَّع خبز القداس، وتضاء الشموع، ويقدّم زيت الزيتون لقناديل الدير، ويتمّ تعميد الأطفال.
ويشارك الجميع في هذه المناسبة دون تمييز، وهذا ما تمَّ التداول عليه منذ سنوات وسنوات، وعليه تُشكِّل هذه المناسبة الدينية الوطنية تقليدًا سنويًّا شعبيًّا.
ومنذ يوم أمس، انتشر عدد من رجال الشرطة والأمن الوطني على طول امتداد الشارع الموصل للدير، وكذلك في منطقة التل.
يُشار إلى أنَّ المحتفلين يمارسون طقوسًا دينية تقربًا للقديس "جيورجيوس"، مثل: القلادة الحديدية، وقص الشعر، ولباس الخضر، وخبز القداديس، والنذور بالأغنام، وزيت الزيتون، والسير حفاة.