النجاح الإخباري - على بعد أمتار قليلة من مواقع عسكرية، وذخيرة حية، وطلقات رصاص "إسرائيلية"، يتجمهر العشرات من الأطفال الغزيين لساعات طويلة في عدة نقاط على الحدود الشرقية لقطاع غزة.
ويشارك هؤلاء الصغار برفقة ذويهم، أو بمفردهم في مسيرة "العودة وكسر الحصار"، المتواصلة منذ يوم الجمعة الماضي، بدلا من الاحتفال بيوم "الطفل الفلسطيني"، الذي يوافق اليوم الخميس.
وتحتفل فلسطين في الخامس من أبريل/نيسان من كل عام، بـ "يوم الطفل الفلسطيني"؛ للتذكير بحقوق الأطفال الفلسطينيين.
وبدأت مسيرات العودة، صباح الجمعة الماضي؛ حيث تجمهر عشرات الآلاف من الغزيين، في عدة مواقع قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل للمطالبة بعودتهم إلى مدنهم وقراهم التي هُجروا منها عام 1948.
وقمعت قوات الاحتلال تلك الفعاليات السلمية بالقوة واستهدف المدنيين بدم بارد، ما أسفر، حتى اليوم، عن استشهاد 21 فلسطينياً، وإصابة المئات.
الطفلة الفلسطينية سما النجار (12 عامًا)، تقف أمام مجموعة من العائلات الفلسطينية المشاركة في مسيرة "العودة" الحدودية، وتلقي أبياتا من الشعر بصوت مرتفع وانفعال شديد.
وقالت الصغيرة التي توشحت "بالكوفية" الفلسطينية، وترتدي الثوب الفلسطيني المطرز (زيّ تراثي)، إنها تأتي برفقة عائلتها كل يوم إلى الحدود الشرقية لمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة؛ للمشاركة في مسيرة "العودة".
وأضافت: "أنا جاية (جئت) مع أهلي لنحرر فلسطين، ونتخلص من اليهود؛ لأنهم ما لهم شيء بأرضنا".
وتابعت: "راح نيجي (سنأتي) كل يوم هون (هنا) لأنه من حقنا العودة لأرضنا، واحنا (نحن) اشتقنا لها كتير (كثيرًا)".
وأشارت الصغيرة إلى أنها وبقية المتظاهرين يشاركون بسلمية في المسيرات على حدود غزة، لكن الجيش الإسرائيلي يستهدفهم بإطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع.
ويطالب الفلسطينيون بحق عودتهم، الذي ظهر عقب "النكبة" التي حلت بهم عام 1948، بعد أن أسفرت سلسلة مذابح ارتكبتها عصابات صهيونية بحق قرى ومدن الفلسطينية إلى نزوح نحو 800 ألف فلسطيني، آنذاك.
ومنذ ذلك الوقت، يطالب اللاجئون الفلسطينيون، البالغ عددهم حاليًا نحو 5.9 ملايين، بالعودة لأراضيهم، رغم مرور نحو (70 عاما) على تهجيرهم القسري.
وتنص قرارات أصدرتها الأمم المتحدة من أهمها القرار 194 الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1948، على حق اللاجئين في العودة لأراضيهم، وهو الأمر الذي لم ينفذ حتى الآن.
وعلى حدود مدينة خان يونس شارك العديد من الأطفال في رسم لوحة كبيرة لخارطة فلسطين التاريخية.
ويتجول هؤلاء الصغار بين الخيام التي نُصبت على الحدود، وكوّن العديد منهم صداقات جديدة.
ولا يبدو عليهم الخوف رغم اقترابهم من منطقة "خطر الموت" جراء الاستهدافات الإسرائيلية المتواصلة للمتظاهرين، بل على العكس يستمتعون بوقتهم في اللعب.
الفتى عبد الله أبو خاطر (16 عامًا) يقول: "رسالتنا للعالم بيوم الطفل الفلسطيني: بدنا نعيش بحرية زي (مثل) كل أطفال العالم".
وتابع: " باجي (أحضر) كل يوم هنا وبضل (أبقى) 8 ساعات، وأهلي عارفين (يعلمون) أنني هنا وراضين (موافقين)؛ لأنه إحنا (نحن) ندافع عن حقنا المسلوب".
وأكمل: "لازم ندافع عن حقنا عشان (حتى) نعيش بكرامة ونأخذ حقنا بالحياة والتعليم، وإحنا هنا نعبر عن رأينا بسلمية".
ولم تختلف دوافع الفتي صهيب حسن (17 عامًا)، للمشاركة في المسيرات الحدودية عن سابقه؛ فهو يرى ضرورة دعم كل الخطوات التي تحقق عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم.
وقال حسن إن "الطفل الفلسطيني حياته تختلف عن أي طفل حول العالم، وهو لا يخاف القوات الإسرائيلية في أي مكان في فلسطين، ويسعى لتحرير بلاده".
وذكر الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، في بيان له الخميس، أن 15 طفلًا فلسطينيًا تتراوح أعمارهم ما بين (7-19 عامًا) استشهدوا خلال عام 2017، على يد القوات الإسرائيلية.
وأضاف البيان: "كما اعتقل 1467 آخرين في السجون الإسرائيلية خلال العام ذاته (تم الإفراج عن معظمهم)، في حين تم توثيق استشهاد 6 أطفال في شهري يناير/كانون ثاني، وفبراير/شباط للعام 2018".
ويقبع حاليا في سجون إسرائيل 350 طفلا فلسطينيا، حسب بيانات أصدرتها، أمس الأربعاء، هيئة الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
المصدر: الأناضول