النجاح الإخباري -
أكد مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم الاثنين في مدينة رام الله برئاسة الدكتور رامي الحمدالله رئيس الوزراء، رفضه لتهديدات وتصريحات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" من أن قضية القدس قد تمت إزاحتها عن طاولة المفاوضات، وبأن الفلسطينيين أمام خيارين إما العودة لطاولة المفاوضات أو وقف المساعدات الأمريكية. وجدد المجلس التأكيد على موقف القيادة الفلسطينية برفض القرار الأمريكي الغاشم بشأن القدس، ورفض الخضوع للابتزاز الأمريكي والتفاوض على المبادئ والحقوق الفلسطينية الثابتة والراسخة، بل على آليات تنفيذ القرارات الدولية والمبادئ التي أقرتها الشرعية الدولية وعلى رأسها القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران 1967.
وأكد المجلس دعمه لموقف القيادة الفلسطينية في سعيها لتشكيل إطار دولي لتطبيق قرارات الشرعية الدولية، ووضع الآليات، والضمانات، وجدول زمني لتطبيقها وليس التفاوض عليها، في ظل استمرار إسرائيل بتوسعها الاستيطاني ومصادرة الأراضي، واستمرار سيطرتها على المناطق المسماة "ج"، بالإضافة إلى الانتهاكات اليومية بحق الفلسطينيين، وشدد المجلس على ضرورة قيام الدول الأوروبية بدور فعّال تجاه عملية السلام، وبلورة آلية دولية لرعاية المفاوضات بهدف إيجاد حل عادل وشامل لكافة قضايا الحل النهائي وفق قرارات الشرعية الدولية، وصولاً إلى تجسيد دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي هذا السياق، ثمّن المجلس مواقف الدول خلال جلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة (التي خصصت لبحث الوضع في الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية في ظل إعلان ترامب بشأن القدس)، والتي وقفت إلى جانب الحق والعدل وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة التي نصت عليها قوانين الشرعية الدولية وقراراتها. كما أشاد المجلس، على وجه الخصوص، بموقف الأشقاء في الكويت، والمملكة العربية السعودية، كما ثمّن المجلس رفض بريطانيا لقرار ترامب بتخفيض المساعدات المقدمة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، وتجديد بريطانيا التزامها الراسخ هذا العام بدعم وتأييد أنشطة الوكالة وبرامجها.
وجدد المجلس دعوته العاجلة إلى المجتمع الدولي، وفي مقدمته مجلس الأمن الدولي، بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني ومعاناته، ووقف سرقة الاحتلال للأرض الفلسطينية ونهبها لأغراض الاستيطان، والتنكيل المستمر بأبناء شعبنا، وأدان المجلس العدوان الإسرائيلي المتواصل ضد محافظات الوطن من اقتحامات واعتقالات ونصب الحواجز والتنكيل بالمواطنين العزل، وأشار إلى أن ما ينفذه الاحتلال على الأرض يعد امتداداً لاستباحة جيش الاحتلال لكامل الأرض الفلسطينية المحتلة، و"استباحته الاستعمارية" لمناطق "أ" بذرائع وحجج مختلفة وواهية.
وناقش المجلس، مشاركة رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمدالله في الاجتماع الطارئ للجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة لفلسطين، والذي سيعقد في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسيل نهاية الشهر الجاري، ويضم عدداً كبيراً من ممثلي الدول والمنظمات الدولية التي تقدم المساعدات لفلسطين، وأشار المجلس إلى أهمية التأكيد للوفود المشاركة على أن المسار الاقتصادي ليس بديلاً عن المسار السياسي، وأن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، واسترداد الحقوق وضمان مستقبل مشرق للشعب الفلسطيني في دولته الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، هو الأساس لتحقيق النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى أهمية استعراض الأزمة المالية الخانقة التي تواجه السلطة الوطنية نتيجة الانخفاض الحاد في الدعم الخارجي الأمر الذي أثر بدوره على الإنجازات التي حققتها الحكومة على صعيد تنمية الإيرادات وتخفيض العجز المالي وإجراء الإصلاحات وتنفيذ الخطط التنموية في مختلف المجالات، والأخذ بعين الاعتبار المصالحة الوطنية والسيناريوهات المالية الناتجة عن تحقيقها والالتزامات المالية التي ستترتب عليها، مع التركيز على حشد التمويل لتنفيذ عدد من المشاريع الاستراتيجية في قطاع غزة، وفي مقدمتها مشروع محطة تحلية المياه، والذي تقدر تكلفته 620 مليون دولار ومشروع توفير الغاز الطبيعي لمحطة توليد الكهرباء، والتي ستساهم في زيادة القدرة الإنتاجية للمحطة وبأسعار مخفضة، والذي تقدر تكلفته بحوالي (88 مليون دولار)، إضافة إلى حشد التمويل لبناء (100 مدرسة) ستوفر حوالي (15 ألف) فرصة عمل، وغيرها من المشاريع الحيوية في القطاع.
كما شدد المجلس على أهمية مناقشة إمعان الحكومة الإسرائيلية في ترسيخ احتلالها ومواصلة مخططاتها الهادفة إلى إحكام مشروعها الاستيطاني الاستعماري في الضفة الغربية، واستكمال تهويد وضم مدينة القدس، ومواصلة السيطرة على اقتصادنا، ومماطلتها في إنهاء الملفات المالية والاقتصادية العالقة، ومصادرة مقدراتنا ومواردنا الطبيعية ونهبها وفرض القيود في المنطقة المسماة "ج"، واستمرار فرض الحصار الجائر على شعبنا في قطاع غزة، وتصعيد جرائم القتل والإعدامات الميدانية وسياسة الفصل العنصري ضد شعبنا الأعزل، كما شدد على ضرورة وقوف المجتمع الدولي عند مسؤولياته تجاه تقديم الدعم المالي من ناحية، وتجاه مختلف السياسات والمخططات العنصرية الإسرائيلية من ناحية أخرى، والوقوف إلى جانب حقوق شعبنا التي أقرتها الشرعية الدولية، وتمكينه من تجسيد سيادته واستقلاله وإقامة دولته على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (194) لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين أخرجوا من أرضهم وديارهم بالقوة والإرهاب، وإطلاق سراح أسرانا الذين يتعرضون لأبشع أشكال الظلم والقهر والتعذيب والتنكيل في المعتقلات الإسرائيلية.
وفي سياقٍ آخر، أدان المجلس مصادقة الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولى على مشروع قانون "جثامين الشهداء الفلسطينيين"، واعتبر المجلس أن هذا القانون يمثل خرقاً صارخاً لأبسط حقوق الإنسان، ويؤكد إمعان الاحتلال الإسرائيلي في همجيته وتطرفه وسياسة العقاب الجماعي التي يمارسها ضد الشعب الفلسطيني وعائلات الشهداء، وإصراره على انتهاك القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية والأخلاقية كافة، وأكد المجلس رفضه استغلال "جثامين الشهداء" كورقة ابتزاز أو مساومة، وأكد أن قضية الشهداء المحتجزة جثامينهم أولوية لدى القيادة الفلسطينية وعلى رأسها سيادة الرئيس محمود عباس والحكومة، مشدداً الحرص على متابعة هذا الملف بأبعاده السياسية والقانونية والإنسانية والأخلاقية في كافة المحافل الدولية، وبما يمكن من حشد رأي عام ودولي ضاغط لوضع إسرائيل أمام مسؤولياتها المحددة وفقاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف، وصولاً إلى استرداد جثامين الشهداء كافة، والذي يعتبر استمرار إسرائيل باحتجازها ليس مجرد انتهاك للقوانين والاتفاقيات، وإنما جريمة ضد الإنسانية ينبغي أن تعاقب عليها.
ورحب المجلس بقرار البرلمان الدنماركي باستبعاد المستوطنات في الضفة الغربية من الاتفاقيات الثنائية مع دولة الاحتلال، وكذلك القرار الخاص بتشديد الإجراءات الحكومية الدنماركية ضد الاستثمار في المشاريع من جانب الهيئات العامة أو الخاصة على السواء، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2334). وأكد المجلس أن هذا القرار هو انتصار لحقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته في الحرية والاستقلال، ورسالة مهمة على عدم شرعية الاحتلال ومستوطناته على الأراضي الفلسطينية المحتلة، داعياً الأمم المتحدة إلى إلزام إسرائيل بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي بشأن الاستيطان.
وفي سياقٍ آخر، استغرب المجلس استمرار حركة حماس في حملة التضليل وتشويه الحقائق وادعاءاتها بأن الحكومة تتجاهل احتياجات مستشفيات غزة من الوقود والدواء، مشيراً إلى أن وزارة الصحة قامت بتوريد حوالي (40 شاحنة) من الدواء والمستلزمات الطبية لمستشفيات قطاع غزة قبل أسبوعين بقيمة (4 ملايين دولار). وجدد المجلس التأكيد على مواصلة الحكومة لأداء مهامها، وتحملّها بإنفاق حوالي (100 مليون دولار) شهرياً على قطاع غزة، في الوقت الذي ما زالت فيه حركة حماس تواصل تحصيل الرسوم والضرائب لصالح خزينتها، وتستحوذ على كافة إيرادات القطاع، وترفض من ناحية تلبية احتياجات المستشفيات وغيرها من المؤسسات من جهة، والتي بالإمكان تغطيتها من الإيرادات التي تحصلها وفي الوقت نفسه ترفض تحويل الإيرادات إلى الخزينة العامة، وتقوم ببيع الوقود المورد من جمهورية مصر العربية إلى الشركات الخاصة وبأسعار مرتفعة بدلاً من استخدامه لزيادة القدرة الإنتاجية لمحطة التوليد، وذلك لتشغيل المولد الثاني للمحطة مما سيساهم في زيادة عدد ساعات الوصل وخاصة في هذه الظروف الجوية الباردة، كما ترفض تمكين الحكومة من تحصيل الضرائب والرسوم، والذي كان مقرراً البدء به في العاشر من الشهر الجاري، في الوقت الذي تطالب فيه الحكومة بدفع رواتب من قامت بتعيينهم كشرط لتمكين الحكومة من الجباية، كما أنها ترفض تمكين الحكومة من أداء مهامها تمكيناً شاملاً في كافة المجالات كما في الضفة الغربية، وجدد المجلس التأكيد على أن التمكين لن يتم إلّا بشكل كامل ومستوفٍ لكافة شروطه، مشدداً على أن الجهة المعطلة هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن معاناة أهلنا في قطاع غزة، وهي التي تتحمل المسؤولية كذلك عن تعطيل مسيرة المصالحة وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته. وأكد المجلس ان المصالحة خيار استراتيجي لا رجعة عنه، ولن تتوانى الحكومة وبتوجيهات فخامة الاخ الرئيس محمود عباس في بذل كل الجهود لتحقيق ذللك
ونعى المجلس إلى أبناء شعبنا بكل الحزن والأسى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية المناضل غسان الشكعة، الذي انتقل إلى جوار ربه مساء الخميس الماضي، بعد حياة حافلة بالعطاء والنضال والكفاح، من أجل تحقيق الحلم الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وتقدم المجلس من أبناء شعبنا ومن عائلة الفقيد بأحر التعازي والمواساة سائلاً المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته وأن يلهمنا جميعاً جميل الصبر وحسن العزاء.
وعلى صعيدٍ آخر، قرر المجلس إحالة كل من مشروع قرار بقانون بشأن تعديل قانون مكافحة الفساد، ومشروع قرار بقانون معدل للقانون رقم (7) لسنة 1999م بشأن البيئة وتعديلاته، ومشروع نظام الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراستها لإبداء الملاحظات بشأنها، تمهيداً لاتخاذ المتقضى القانوني المناسب في جلسة مقبلة.