أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - وكأن الأمر كان يتطلب عدة ضربات على رؤوسنا حتى نعرف أن مكانتنا الدولية التي تقدمت في مرحلة من المراحل تعويضاً عن اخفاقات الداخل أن تلك المكانة آخذة بالانهيار وأن الدبلوماسية الفلسطينية تقف عاجزة ومندهشة ربما مما يحدث فقد كنا نواسي أنفسنا في مرحلة ما ببعض النقاط التي نسجلها على المستوى العالمي مثل رفع مكانة فلسطين وبعض اعترافات البرلمانات وبعض قرارات الأمم المتحدة أو حتى مجلس الأمن الذي يتعلق بالاستيطان أواخر فترة أوباما لكن الآن بدا وكأن كل شيء ينهار.
أحداث دراماتيكية تدعو للخوف مما يحدث وقد نفهم التحول الذي حدث للمواقف الأميركية بعد وصول ادارة مثل ادارة الرئيس ترامب ولكن الأحداث تشي بتتابع يلتحق بتلك الادارة من قبل دول كانت تحسب تاريخياً مؤيدة لحقوق الفلسطينيين حيث شهدت الأيام الماضية مجموعة من المواقف غير السارة.
أن يقوم ابن الرئيس البرازيلي بزيارة مستوطنة بسيغوت في رام الله وينشر فيديو دعائي عن الاستيطان ويغادر الى دول خليجية ليعود منتصف هذا الشهر لافتتاح مكتب تجاري في القدس فتلك لم تكن بالحسبان وخاصة أن البرازيل دولة كانت على الدوام الى جانب الفلسطينيين.
وأن نخسر تصويت دول لأحد القرارات التقليدية المؤيدة لنا في الأمم المتحدة كانت على الدوام تصوت الى جانب الفلسطينيين منها اليونان والنمسا وألمانيا والبرازيل فتلك مصيبة وأن تتحضر فرنسا التحاقاً بألمانيا في اعتبار معارضة السياسة الاسرائيلية هي معارضة للسامية وفرنسا التي أظهرت في العقود الأخيرة مواقف متقدمة جداً الى جانب الحقوق الفلسطينية قياساً بألمانيا وغيرها، وأن تعلن المدعية العامة لمحكمة الجنايات في تقريرها ما يساوي بين الفلسطينيين والاسرائيليين فتلك انهيارات لا يمكن تجاهلها.
تلك الحقيقة التي أمامنا ولها أسباب فالنظام السياسي الفلسطيني لدينا ينهار ومن الطبيعي أن تكون الانهيارات الدبلوماسية هي نتاج طبيعي لحالة التردي الداخلي وتآكل المؤسسة وتكلس الحالة الفلسطينية وتوقف الانتخابات وتغييب الهياكل الوطنية والانقسام واقتطاع غزة بالانقلاب مسلح وطرد السلطة وتعدد العناوين السياسية والمشاريع والصراع الداخلي وانكشاف الفلسطينيين أمام نهم السلطة فالعالم يتابع ويراقب كل شيء ولا يمكن خداعه ، فقط سقطنا من نظره.
لكن البارز في ملف العمل الخارجي هو الغياب التام للدبلوماسية الفلسطينية التي لم تعرف أن قضيتنا تحتاج الى طواقم تعمل كخلايا النحل على مدار الساعة وليس عملاً موسمياً وأن سفاراتنا في الخارج أكثر أهمية من تعيين هواة أو موالين من البسطاء وأن الجاليات الفلسطينية أكثر أهمية من تفتيتها لتكون نموذج عن صراعات الداخل بدلاً من توحيدها والاستفادة منها ككتلة ضاغطة اشغالها في ذاتها وتسعير الصراع بين أبنائها حد الانهاك وأصابتها بالشلل.
أن يصل الأمر بالنرويج التي احتضنت مفاوضات أوسلو بإعلانها وقف مساعداتها المالية للسلطة الوطنية إذا لم تغير بعض مناهج التعليم فتلك وحدها كافية للإدراك أن الأمر أخطر مما يتصور بعض المسئولون الذين ينامون على وهم الاعتقاد أن الأمور بخير وأن القضية حية ولم يشعروا بعد بالكارثة.
لا يمكن الاستمرار هكذا فما حدث في الأيام القليلة الماضية وحده كفيل بإشعال كل الأضواء الحمر لأن الخط البياني يشير الى أننا نفتقد كل ما تراكم على امتداد عقود ماضية وكل ما أنجزته السياسة الفلسطينية بكل الثمن المكلف على امتداد العقود وبكل التنازلات التي قدمت لإقناع العالم برغبة الفلسطيني بالسلام لنكتشف أن العالم بدأ يذهب باتجاه معاكس .
علينا أن نتحمل المسئولية عن أي اخفاق وأن نكف عن القاء كل المسئولية على العالم والعرب وكأننا بريئون فقد حطمنا كل شيء في الداخل ، وتصارعنا على السلطة ، انقسمنا ،دمرنا مؤسساتنا ، فقدنا قدرتنا على اقناع العالم بجدارتنا ، تلك هي الحقيقة التي لا يريد أي مسئول سماعها والأسهل له أن يشتم الآخرون.
ما يحدث يحتاج التي حساب كبير وقبل فوات الأوان يحتاج الى تغيير كل طواقم العمل الخارجي التي قدمت لنا هذا الحصاد المُر فقد آن الأوان بعد تلك الهزات بعمل مختلف وطواقم مختلفة فهذا ما لدينا هل نفهم؟؟
على الهامش :
عندما كانت تهتف الجماهير للزعيم الخالد "بالروح بالدم نفديك يا أبو عمار "كان يقاطعهم قائلا :"يا فلسطين يا فلسطين " ! يا خسارة .
اجتماع للمكتب السياسي لحماس في تركيا خلفه العلم التركي في غياب تام لعلم فلسطين ! يا خسارة .