أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - باغتيال القائد العسكري لحركة الجهاد الاسلامي بهاء أبو العطا تكون اسرائيل قد رفعت مستوى التصعيد بدرجة لا يمكن العودة بسهولة نحو التهدئة، قبل جولة قتال فالجهاد الاسلامي أقل استجابة للوسطاء من حركة حماس صحيح أن علاقته بمصر جيدة ولكنها ليست كذلك مع قطر كوسيط ما يعني أن الذي قرر هذا الاغتيال يعرف أن جولة قتال ستندلع بعده.
منذ فترة واسرائيل تتحدث عن سياسة الاغتيالات ومنذ فترة وهي تمهد لاغتيال بهاء أبو العطا وتحمل مسئولية كسر التهدئة باستمرار واعطاء تعليمات بإلقاء الصواريخ رغم أن حركة الجهاد أكدت لمصر عدم صحة ذلك لكن الاعلام الاسرائيلي استمر بتهيئة الارضية لهذا الاغتيال.
نفتالي بينت الذي تسلم وزارة الدفاع كان يدعو باستمرار لممارسة اغتيال قادة الفصائل، أفيغدور ليبرمان يدفع باتجاه العودة لسياسة الاغتيالات، بيني غانتس المكلف بتشكيل الحكومة كان قريب من هذا المنطق ، نتنياهو وحده كان يسعى لتهدئة منذ أكتوبر الماضي أو منذ أن حل الكنيست نفسه لضمان انتخابات بأجواء هادئة لكن الانتخابات تكررت وهو ما جعله يمدد الرغبة والآن لم يختلف الأمر كثيراً حيث سيناريو الانتخابات مرة أخرى يطفو على سطح السياسة في اسرائيل بعد أن فشل نتنياهو وشارف غانتس على الفشل .
منذ حل الكنيست في أكتوبر العام الماضي أصبحت حكومة نتنياهو مهمتها تسيير الأعمال أي بشكل ما تقلصت صلاحياتها وخصوصاً فيما يتعلق باتخاذ قرار الحرب ليس فقط لتهيئة أجواء انتخابات بل خوفاً من اتخاذها قرارات انتخابية ومنذ ثلاثة عشر شهراً من يقود الدولة هي الدولة العميقة وأبرزها الجيش وان كان للمستوى السياسي دوراً في اتخاذ القرارات لكن الجيش في اسرائيل له الدور الأكبر في لعبة الحرب ولأن رئيس الأركان وفقاً للقانون هو القائد العام للقوات المسلحة فانه المخول باتخاذ قرار الحرب ولا يستطيع رئيس الوزراء الذهاب لحرب دون موافقته وارتباطاً بذلك يمكن القول أن الجيش وأجهزة الأمن هم أصحاب اتخاذ القرار.
لماذا بهاء أبو العطا ؟ بعد عدوان 2014 تمكنت اسرائيل من تثبيت معادلة حققت على اثرها نوع من الهدوء استمر لسنوات فالدمار الذي لحق بغزة جعل الغزيين وفصائل المقاومة أكثر هدوء وأكثر عقلانية في اجراء حسابات الحرب وقد تبجحت اسرائيل بذلك معتبرة أنها تمكنت من كي وعي الغزيين وتحقيق الهدوء في الجنوب وهو ما اعتاد نتنياهو على تكراره وهو كل ما تريده اسرائيل من غزة في الوقت الحالي كمقدمة لدفعها باتجاه آخر.
لكن العام الأخير وهو ما تكثف في الأشهر الأخيرة هو حديث اسرائيل عن تمرد القائد العسكري في الجهاد على كل ذلك وبنظر اسرائيل هو من يحاول كسر المعادلة التي تمكنت من تثبيتها وهي ما تطلق عليها معادلة الردع أو معادلة تحقيق الأمن في الجنوب حسب رئيس الحكومة.
في الآونة الأخيرة بدا نوع من التغيير في طبيعة العلاقة أو حدث تغيير فيها حيث العام الأخير كان يشهد رداً سريعاً وكبيرا من قبل الفصائل في غزة وأحياناً كانت تنطلق الصواريخ ويقال للوسطاء انتقلت ذاتياً أو بفعل عوامل المناخ الى أن حدثت الجولة قبل حوالي ثلاثة أسابيع بصواريخ أطلقت فجأة على اسرائيل فسارعت وسائل الاعلام بالإشارة بالاسم الى بهاء أبو العطا باعتباره المسئول عن اصدار التعليمات بإطلاقها ما كان يعني التمهيد لاغتياله وهو ما يؤكده نتنياهو في مؤتمره الصحفي بعد اجتماع الكابينيت الذي استمر ثلاث ساعات صباح الثلاثاء عندما قال " لقد اتخذ قرار اغتيال أبو العطا قبل عشرة أيام".
المسألة في اسرائيل التي تعرف أن اغتيال أي من القادة فإن هناك من سيملأ الفراغ لكن باتت اسرائيل في العام الأخير أو الأشهر الأخيرة أو حتى الأسابيع الأخيرة تشعر أن هناك تآكلاً في قوة الردع التي حققتها ضد القطاع وبدا أن هناك مناخاً في اسرائيل بات يعلن عن رغبة شديدة بعدم السماح بمزيد من التآكل وكان هناك قدر من المسئولين يتصدرهم ليبرمان الذي يسخر من سلوك الحكومة على نمط "نتنياهو يرسل مال ويتلقى صواريخ" وغيره بدأوا يطالبون بفعل ما لعدم السماح بانهيار المعادلة.
هنا يمكن القول أن هذا الاغتيال الذي يأتي في ظروف حساسة بالنسبة للنظام السياسي الاسرائيلي الذي لا يجد مخرجاً ولكن التآكل الذي يحدث والذي عبر عنه نتنياهو وكذلك رئيس الشاباك نداف أرغمان وغيره الذين برروا عملية الاغتيال يؤكدوا أن اسرائيل لا تريد أن تذهب أكثر باتجاه ما تعتبره تراجع لقوة الردع وهو ما حدث خلال الأشهر الماضية وكأنها تريد أن تضع له حد.
اعترافات اسرائيل أنها منذ أشهر تناقش عملية الاغتيال ونتنياهو يعترف أن رئيس الأركان صاحب الاقتراح ما يؤكد فكرة الجيش والدولة العميقة ويعترف أيضاً أن الجولة الأخيرة هي من تسببت في وضع القرار بموضع التنفيذ، كل هذا يعني أن اسرائيل أيضاً هي المسئولة عن التصعيد وهي من خذل الوسطاء الذين من حقهم أن يغضبوا تماماً وهي من لا يريد للهدوء أن يثبت لأن الاغتيال يضع الفصائل بموقف حرج حين تسكت وحين ترد ولكنها لا تستطيع أن تسكت...!!!