أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - من سخريات الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين وأحد أشكال التفوق هو أن اسرائيل تجري في العام الواحد دورتي انتخاب وبات واضحا إن لم يتم تشكيل الحكومة قد تذهب لثالثة، وشاءت المصادفات أن أنشر مقال أمس عن أزمة الانتخابات لدينا حد الاستحالة لأنتقل في المقال الذي يليه عن فائض الانتخابات لديهم حد التخمة.
يوم الجمعة الماضي أجرت صحيفة اسرائيل هيوم استطلاعاً بين الاسرائيليين حول الرغبة بإجراء انتخابات من جديد كانت النتيجة أن 60% لا يريدون انتخابات، من حقهم فقد شبعوا من الانتخابات حد الترف أما على الجانب الفلسطيني فلا يحتاج الأمر لاستطلاع وأغلب الظن فيما لو تم ستكون النسبة 99% يريدون اجراءها وفقط 1% من المستفيدين من هذا الوضع والذين ستطيح الانتخابات بمواقعهم وامتيازاتهم سيعارضونها هي نسبة ال 1% التي تغامر بالوطن وبمصالحه وبالشعب ومستقبله وتجمد حاضره.
الرئيس الفلسطيني تحدث عبر منصة الأمم المتحدة عن نيته اصدار مرسوم رئاسي فيما الرئيس الاسرائيلي قال أن الشعب لا يريد انتخابات ثالثة، أغلب الظن أنها لن تجري عندنا كما يعلن الرئيس أبو مازن وأغلب الظن أيضا أنها ستجري لدى الطرف الآخر رغماً عن إرادة رؤفين ريفلين الذي هاجمه أحد صحافيو جريدة هآرتس اليسارية قائلاً له "الأصح أن على الشعب الذي هو السيد أن يطلب من نفسه أن يحسم في هذا الموضوع بشكل واضح لم يرسل الشعب نتنياهو للبيت ولم يرسله للسجن ولم يرسله للحكومة".
لكن الأهم فيما كتبه "روغل الفر" في هآرتس "اذا كان الشعب لا يرغب لكنه مجبر واذا لم يكن يريد انتخابات أخرى فعليه أن يعرف أن هذه ليست مسألة رغبة" هنا الحكمة ليس فقط الاعتراف بسيادة الشعب صاحب السيادة وليس فقط أن الانتخابات حق من حقوق المواطن الذي انقطع نَفَسه لدينا وهو يمطالبا بها ولكنها واجبة على الشعب ليحسم في مصيره السياسي الذي شهد ميوعه في دورتين سابقتين أو بمصير نظامه السياسي أما النظام لدينا فهو يتسيد علينا ويحرمنا من تلك الحقوق والواجبات وكأننا لا نساوي جناح بعوضة.
السؤال الأكثر احراجاً كيف لدولة احتلال والاحتلال وهو أكثر أشكال العنصرية والاستبداد وقمع الشعوب أن يصاب بتخمة الانتخابات وشعب تحت الاحتلال مستلبة كل حقوقه من قبل اسرائيل يُمنع من اجراء انتخابات من قبل بني جلدته تلك مفارقة ربما تضعنا جميعاً ليس فقط أمام الحساب بل أمام قدرتنا على بناء واستكمال مشروع وطني أو بناء نظام ديمقراطي حضاري أو دولة مدنية ان توفرت لها فرصة، واضح كأننا نقتلع أعيننا بأيدينا وتلك ليست جديدة لكثر ما قيلت وكُتب ما يشبهها على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الجميع الذين شاهدوا كيف أجهضنا مستقبلنا بصراعنا على السلطة.
المفارقة على طرفي الحدود جارحة وتعكس صورة سوداوية صحيح أن النظام السياسي في اسرائيل مأزوم ولكن تلك الأزمة وليدة الديمقراطية ولها ألف حل وحل سواء بالعودة للشعب صاحب السيادة كما يقول الصحفي الاسرائيلي وكما يقول كتابنا أيضاً أو حتى بالقانون القضاء ولكن كارثتنا لا حل لها فالشعب خارج الحسابات أما القضاء لدينا فله مأساة أخرى..!!!