أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - ليس الصاروخ الأول الذي يصل تل أبيب العاصمة وسط الهدوء فقد وصلها صاروخان منذ أيام وفي الوضع الطبيعي فإن وصول صاروخ إلى شمال تل أبيب لا يبقي للحكومة أو الجيش الإسرائيلي أي خيار سوى إعلان الحرب وعندما يحدث أثناء الدعاية الانتخابية فإن إعلان الحرب الاستعراضية كما الحروب السابقة تصبح ضرورة لكن هذه المرة يبدو الأمر مختلف.
من ناحية فقد استعاد نتنياهو تفوقه في استطلاعات الرأي وإلى حد ما بات مطمئنا بأنه من سيشكل الحكومة لكن الأمر أبعد كثيرا من مشروع نتنياهو الشخصي أو الحزبي فهذه الدولة تديرها مراكز دراسات كان بن غوريون مبكرا قد وضع القرار بيدها وليس بيد هواة السياسة المتشاكسين حسب تعبير بن غوريون نفسه.
هل كان يمكن أن تذهب الأمور باتجاه حرب؟ الأمر ليس بتلك البساطة، فلو تصاعدت ستصل الصواريخ إلى تل أبيب وقد تستمر طيلة فترة الدعاية الانتخابية وقد تحرج نتنياهو أكثر وربما ستؤدي إلى خسارته الانتخابات فهل هذا ما تريده حركة حماس؟ مشكوك بذلك.
وبالمقابل فيما لو شعر نتنياهو أثناء الحرب والانتخابات أن ظهره للحائط قد يتحرك بأقصى قدر من الجنون بنظرية الأرض المحروقة هو والجيش فيما لو تعرضت الدولة خلال فترة الحرب لما يمس قوة الردع أو الهيبة قد يدفع نتنياهو ربما أن يستمر في ضرب غزة حتى اسقاط حكم حماس كما يطالبه خصومه فهل هذا ما يريده نتنياهو وإسرائيل؟ مشكوك بذلك.
هنا بيت القصيد فنتنياهو وحماس خصمان لدودان ويتمنى كل منهما أن يسحق الآخر ولكن في هذه المرحلة وللمفارقات السياسية فان كل منهما يحتاج الآخر مرغماً وكل منهما يتكئ على الآخر، لذا فان الضربات المتبادلة بقيت تحت السيطرة حتى لا تحدث تغيراً في قواعد اللعبة التي اقتصرت أن يقدم كل منهما خدمة للآخر دون تنسيق بينهما وقد حدث ذلك على امتداد التاريخ الطويل مع ألد الأعداء في مراحل ما .
فحركة حماس تريد بقاء نتنياهو ولا تتمنى فوز غانتس وحزب الجنرالات لأن نتنياهو أغلق كل أبواب التسوية التي يعتاش عليها الرئيس أبو مازن والسلطة وساهم في افشال مسار التفاوض منهياً بذلك الدور السياسي للسلطة وتعرف حركة حماس أن استمرار نتنياهو يعني استمرار اضعاف السلطة واستمرار اغلاق ملف التسوية وفي ظل الخصومة السياسية القائمة فلسطينياً تفكر حماس بهذا الشكل أما حزب غانتس فقد يحدث تحولاً في السياسة الاسرائيلية نحو اعادة المفاوضات مع السلطة ما يعني اعادة احياء السلطة.
استمرار اليمين في اسرائيل يعني أن السلطة تتحول الى عبء في الضفة الغربية يعمل هذا اليمين على احداث التآكل التدريجي لها كما حدث خلال السنوات الماضية وصولاً نهاية ما وهذا سيكون في صالح حركة حماس.
أما اليمين الاسرائيلي والذي بات يرأسه نتنياهو منذ سنوات فهو يعتبر أن استمرار الانقسام مرهون ببقاء وحكم حماس بغزة وقد قالها نتنياهو منذ أيام أنه سمح بإدخال الأموال لضمان بقاء الانقسام وهذا الانقسام هو ضمان مشروع الفصل أي فصل قطاع غزة الذي اجتهدت مراكز الدراسات لوضع تصوره منذ ثمانينات القرن الماضي.
لذا فان العدوين اللدودين حماس ونتنياهو ورغم ما بينهما من صراع إلا أن كل منهما يريد الآخر فلكل منهما مشروعه الذي ينفذ من خلال عدوه هكذا شاءت الأقدار لذا فان أي تفكير بالحروب أو أن تحدث تغيراً في البيئة السياسية القائمة وبالتحديد في قطاع غزة فانه تفكير لم يقرأ بدقة المشاريع الاسرائيلية ومنتج مراكز الدراسات على امتداد العقود الماضية..!!