أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - الحكومة التي تعمل حالياً لا يمكن أن نعطيها علامات التقييم ونسبة النجاح ارتباطاً بمعايير التقييم في العالم أين نجحت وأين لم تنجح لسبب واحد ووحيد أنها تعمل تحت الاحتلال ويتحكم هذا الاحتلال بمصادرها ومواردها والأموال التي تحول لها لكن بالنسبة للغزيين يدركون بأن وضع الضفة الغربية على المستوى الانساني أفضل بما لا يقاس من طوابير التسول التي تصطف على البريد يعطون لهذه الحكومة علامات جيدة.
ليس هذا هو الأمر المهم لأن الأزمة السياسية التي تخيم على رؤوس الفلسطينيين أكبر وأكثر عمقاً من ترف الحياة وخاصة بعد فقداننا التوازن في قطاع غزة خلال السنوات الماضية لكن حالة الانقسام هي التي تطغى على الهم الوطني هذا الانقسام الذي ترسخ وتجذر ولم يعد هناك أمل بإنهائه فقد غاب مصطلح المصالحة تماماً عن الأجندة الوطنية والنقاش العام وحتى عن الوسطاء الذين تعبوا منا ومن هذا الملف وها هي روسيا تجرب حظها لتحصد ما حصده سابقوها.
لدينا كارثة وطنية اسمها انقسام وقد أفرزت مصطلحاتها مثل طرفي الانقسام وهو بالمناسبة مصطلح طبيعي لا يعني من المخطئ ومن الضحية لكن أية مشكلة بالكون وجب أن يكون لها طرفان مثلما نكتب أو نقول الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي لا يعني تبرئة الاسرائيلي من كونه احتلال لكنه طرف في المفاوضات مثلاً، كذلك مصطلحات على نمط حكومتين ونظامين سياسيين ومنطقتين وغير ذلك لكن الأهم أننا بتنا أشبه بشعبين متباعدين مثل كوريا الشمالية والجنوبية أو قبرص اليونانية والتركية ولسوء الحظ أنهما لم يتحدا حتى اللحظة هذا اذا ما تجاهلنا الاسرائيلي الذي يمنع تماماً أي اتحاد بيننا أو أية مصالحة وقد ثبت عملياً أننا أضعف من الارادة الاسرائيلية في ذلك.
بغض النظر من سيشكل الحكومة لكن البدايات تقول أننا لسنا أمام حكومة فصائلية التي نريد لأن الحلم بحكومة تجمع الكل الفلسطيني يراود كل واحد من الفلسطينيين وكان يجب على حركة فتح التي قررت في اجتماعها أول أمس برئاسة الرئيس الفلسطيني أن تتحرك بصدر أكثر اتساعاً وليس كما سمعنا من عضو لجنتها المركزية عزام الأحمد ففتح تقود النظام السياسي ومسئوليتها أن تعيد بناؤه أن تكون الجامع الوطني لا بلغة "لن تلهث خلف أحد" بل أن المسئولية الوطنية تقتضي أن تحاور وتحاور لتقديم الأفضل وأن تفعل كما كان يفعل ياسر عرفات الذي كان يذهب لكل شركاؤه وحتى خصومه ليكونوا حوله وتلك الفرصة لازالت قائمة.
وبالمقابل على الفصائل أن تعرف أن الحكومة التي ستشكل هي الحكومة المعترف بها وأن من يشكلها هو رأس النظام السياسي وصاحب الولاية ومالك المفاتيح وبالتالي فان المعارضة للدخول في حكومة مسبقاً يعني المراوحة في نفس مربع الانقسام والحكم بتأبيده فقد تشكل حكومة من جميع الفصائل فرصة يمكن أن يبني عليها أو خطوة نحو انهاء الانقسام.
ماذا لو أعلنت حركة فتح التي تحكم النظام السياسي أنها ستقدم ما يكفي من التنازلات للفصائل من أجل اهداء الشعب الفلسطيني حكومة وحده؟ وماذا لو أعلنت الفصائل أنها ستقدم ما ينبغي من التنازلات من أجل انجاح تشكيل حكومة للجميع، فاذا كان الكل الوطني يتعامل مع الحكومة على أنها غنيمة فمن الطبيعي أن نشهد هذا المستوى من اللغة التي نسمعها سواء من حركة فتح أو من الفصائل.
قليلاً من التسامح بات مطلوباً بحده الأدنى بعد هذا العراك الذي داسنا جميعاً وبدد حلمنا الوطني بدولة ونظام سياسي وبرلماني وانتخابات قليلاً من الهدوء وسط الصخب والاتهامات التي لا تنام فشكلنا لم يعد لائقاً ونحن نتصارع على سلطة اما تحت الاحتلال أو تحت الحصار وكلتاهما مصابتين بالعجز والوهن قليلاً من الهدوء حتى نفكر أين وصل مشروعنا الوطني الذي تآكل.... هي فرصة للإقلاع اذا ما فكرنا بكل هذا الجحيم وكل تلك الكارثة التي تحيطنا فنحن نحتاج الى مراجعة الذات بلا استعراض كفانا تشظياً وكفانا استهتار من أجل أن نحكم شعباً لم نستطيع أن نوفر له أقل كثيراً مما توفره القيادة الصومالية كفى خجلاً كما قال الشاعر العراقي مظفر النواب ...!!!