أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - من لا يعرف إلى أين يذهب المشروع الاسرائيلي كأنه لا يريد أن يرى كيف تندفع الأمور نحو سياقات مختلفة تماماً عما قاتل الفلسطينيون من أجله لعقود طويلة ، فلم يعد الأمر ضبابياً كما السابق وأصبح الجميع يتحدث بلغة الفصل لأن المسار الدراماتيكي الذي تندفع باتجاهه الأحداث أصبح واضحاً للجميع بأننا منذ سنوات سير نحو الانفصال وفصل قطاع غزة عن الضفة.
منذ سنوات طويلة يحدث تباعد متعمد بين المنطقتين ومنذ سنوات يدفع الاسرائيلي بإجراءات مريبة وكل هذا أمام أعيننا جميعاً وربما كُتب الكثير مبكراً عن فصل غزة ودولة غزة وعبء غزة الديمغرافي الذي يشكل تهديداً وجودياً على اسرائيل لصالح الأغلبية العربية وبالتالي ينبغي التخلص منه ، ومراجعة التاريخ أيضاً تثبت كل هذا وأن اتفاق أوسلو لم يكن الهدف منه سوى التخلص من غزة.
في اللحظة التي جاءت فيها اسرائيل بالقيادة الفلسطينية آنذاك الى غزة كانت على درجة من السخاء بحيث أعطتها مطار في القطاع بينما رفضت ولا تزال رصف مدخل قرية في الضفة وبات جميعنا يعرف أن اسرائيل التي تستمد قوميتها من ديانتها تعتبر الضفة الغربية الأرض المقدسة التي لا ينبغي التفاوض عليها أو التنازل عنها بينما غزة المنطقة التي يجب التخلص منها هذا لم يكن يحتاج الى عباقرة السياسة كي يروا أو يقرأوا ذلك فالأمر سبق اصداره في الكثير من الدراسات الاسرائيلية لمن يريد أن يقرأ أو يراقب أو يتابع.
أين نحن من هذا؟ ألم نقطع أشواطاً بعيدة في ذلك؟ لقد أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من تحقيقه أو قوسين أو أدنى من التطابق بفعل ما فعلناه بأنفسنا من تحقيق المشروع الاسرائيلي دون أن نداري أو نحاول الادعاء بغير ذلك.
كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال أن ندعي عدم المعرفة أو عدم الرؤية وفي كلتا الحالتين فان ما لدينا من سياسيين يمكن ادانتهم فيما لو أدركوا ذلك ويبقون الوضع يسير باتجاهه أو لا يدركون ذلك ففي هذا ما يشي بمستوى من السطحية السياسية غير المقبولة أمام قضية بهذا المستوى وتهديد بهذه الدرجة من الخطر.
ماذا حصل بالمشروع؟ قبل أكثر من أحد عشر عاماً طُردت السلطة المركزية من قطاع غزة وتشكلت سلطتان واحدة للضفة والأخرى لغزة ماذا يعني ذلك؟ وتتالت اجراءات الفعل ورد الفعل بين السلطتين وخففت السلطة في الضفة مسئوليتها عن غزة وبدأت برفع يدها عنها كجزء من معاقبة حركة حماس واذ بنا نرى أن الأمور تذهب في سياق أكثر انفصالاً ماذا كان يعني ذلك؟
ان طرد السلطة من غزة فعل خاطيء ساهم بالفصل واجراءات السلطة فعل خاطيء يساهم بالفصل وعدم تواجد موظفي السلطة على معبر رفح فقط يعزز الفصل وكثير من الاجراءات والسلوك السياسي الذي يحدث عندنا يصب أرباحاً صافية دون أن ندري في بنك السياسة الاسرائيلي فلماذا ندير سياسة بهذا المستوى من الخسارات؟
إن استمرار الانقسام هو استمرار لفعل يخدم المشروع الاسرائيلي ، إن عدم المصالحة هو فعل يخدم المشروع الاسرائيلي ،إن استمرار تشظي النظام السياسي بشقيه سلطة ومعارضة هو فعل يخدم المشروع الاسرائيلي وكل ذلك قيل وكتب كثيراً واذا ما دققنا بما الذي نفعله نكتشف أن كل شيء نسلكه يؤدي الى الانفصال .
الخشية أننا ننزلق أكثر ومن يتابع طبيعة التجاذبات في الحالة الفلسطينية يدرك أن الهوة تتسع بين منطقتين يريد الاسرائيلي بينهما انفصالاً تاماً والخطر أننا بتنا نرى كل ذلك ولم نعد نستطيع منعه والأكثر خطورة أن كل ما يجري تحت أعيننا أصبح جزء من مشروع تصفية القضية فهل نعرف؟ أم أننا ندفن رؤوسنا في الرمال؟ أم استسلمنا وكلنا يقف عاجزاً أمام المشروع؟ الحقيقة أننا في ربع الساعة الأخيرة والأمر لم يعد يحتمل ترف الخلاف الفلسطيني أكثر لأنه ليس خلافاً فصائلياً بل خلافاً سيقضي على كل أحلامنا التي انولدت منذ سبعة عقود وقطعنا بها شوطاً ....قبل أن تنكسر ...يا للخسارة ..!!!