أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - حالة من الفراغ تجتاح الوضع الفلسطيني فلا شيء من كل تلك المصطلحات التي جرى تداولها خلال السنوات الطويلة الماضية عاد يعني شيء ولا عاد المواطن ينتظر من تداولها أي شيء فالمصالحة أصبحت عنواناً لتحريك مؤقت في هذا الركود القاتل ولو لم تكن هناك حوارات مصالحة ماذا سيكون لدينا من عمل؟
لا انتخابات ولن يكون فتلك أصبحت خارج علم المنطق في مكان تخلو صراعاته من المنطق فمن يؤمن بأن هذا حق للناس أصلاً؟ ومن يؤمن بأن السلطة أصلاً سلطة الشعب؟ أما التشريعي فتلك رواية أخرى سواء تم حله أو لم يتم ماذا يعني لأنه بحكم المحلول أصلاً منذ صراعات 2007 في غزة والانقسام الى سلطتين ثم بحكم المحلول عام 2010 منذ أن انتهت ولايته ولكن لأن كل شيء لدينا فهلوة فان كل المؤسسات قائمة وكأنها منتخبة كما كل الدول العربية جميعاً فكم زعيماً ردد كلمة الشرعية مرات عديدة؟
أما التمكين وهو بات أمراً أكثر بعداً عن غيره وهو المصطلح الذي كان حصراً على الاخوان المسلمين والآن تريده السلطة من حركة حماس التي لن تتعاطى معه وسيظل يتردد طويلاً كما المصالحة دون أن نصل الى شيء فالدوامة التي سحبتنا منذ أن فشلنا في مأسسة خلافاتنا تحت سقف واحد لاتزال تدور بنا في نفس الدائرة ونحن أسرى لموجاتها ومصطلحاتها.
وما بين أوراق مصالحة تراكمت على الرفوف وأخرى لم يجف حبرها أصبح التيه أكثر حيث تتحدث حماس عن ورقة مصرية فيما تنفي فتح على لسان عضو لجنتها المركزية بالأمس أن مصر لم تقدم ورقة مصالحة من الأصل وما بين التأكيد والنفي والصمت المصري لازال التيه هو مرشدنا الوحيد بعد أن دخلنا الى ما نحن فيه.
هل يمكن حل المسألة؟ يبدو الأمر في غاية الصعوبة فكل الوصفات تم تجربتها ففي الدول الحضارية حين يتعثر النظام السياسي يعيدوه للشعب صاحب السلطة والسلطان ففي اسرائيل 34 حكومة خلال سبعون عاماً وأن النظام الأساسي في اسرائيل ينص على مدة الحكومة 4 سنوات لكن بالأرقام كان نصيب كل حكومة حوالي عامين وهكذا سار خصمنا محافظاً على نظامه السياسي من العطب عندما يتعثر وواضح أننا وضعنا في عربتنا كل العصى في دواليب حركتها لنبقى كما نحن دون أدنى فهم لمتطلبات السياسة.
لا انتخابات قبل المصالحة ولا مصالحة لتجري الانتخابات ولا تشريعي ولا حل للتشريعي ولا علاقة بإسرائيل ولا قطع علاقة معها ولا علاقة مع أميركا ولا قطيعة معها ولا تطبيق قرارات المركزي فالمركزي يطالب الرئيس والفصائل تطالب المركزي وحماس تطالب السلطة بتحمل مسئولية غزة والسلطة تطالب بالتمكين وهكذا كل شيء مجرد مطالبات أصبحت عناوينا الرئيسية في وسائل الاعلام.
والأهم من كل ذلك وفي ذروة انشغالنا بالقضايا الداخلية وانسداد الحوار وتمسك الأطراف بما فرضته الأحداث والمتغيرات من أمر واقع وفيما تبدو حالتنا يسودها هذا القدر من الجمود إلا من رحلات المصالحة تبدو الحالة الاسرائيلية في ذروة نشاطها على المستوى الدولي والاستيطاني فعدد الدول التي صوتت إلى جانب اسرائيل في الأمم المتحدة مدعاة للخوف وكل هذا بالتأكيد جاء نتاج عمل سري سابق والنشاط الاستيطاني في ذروته ونحن لازلنا نتداول مصطلحات لم تعد تعني شيء أمام مواطن ينسحق تحت عجلات الانقسام ومن لا يصدق عليه بالسير في أحد شوارع غزة ليعرف الى أين وصلنا فصورة الفتاة التي انتشرت وهي نائمة ليلا في هذا البرد القارس أمام مخبز العائلات تقطع القلب ..!
الأكثر غرابة في المشهد هو حجم الانحسار اللافت في الأمم المتحدة وصعود التأييد لإسرائيل أثناء التصويت على القرار الذي قدمته الولايات المتحدة وما كان مدعاة للغرابة هو أن كل الفصائل والقوى والأحزاب كانت تحتفل بالنصر كعادتنا في تجارة الوهم لأننا لم ننجح حتى اللحظة تمسكنا بالتصويت الذي لم يكن في صالحنا وجعلنا منه انتصار لأنه لم يمر بصدفة الكويت التي طالبت بالثلثين في تمريره ولولا ذلك لكان الأمر محزناً ولا زلنا نتداول مصطلحات الانقسام دون قدرة على الاختراق ..!!!