أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - لم يهدأ النقاش حتى اللحظة على قانون الضمان الاجتماعي الذي أقرته الحكومة ووصفه وزير العمل والذي تقرر أن يبدأ تنفيذه مطلع نوفمبر القادم أي بعد ثلاثة أسابيع من الآن لكن كلما اقترب موعد التنفيذ زادت حدة النقاشات لدى أوساط تعتبر نفسها أنها متضررة وتعتبر أن القانون بحاجة الى نقاش أوسع وأيضاً الى اجراء تعديلات معينة لأن بعض بنوده لا تلبي الشروط المقبولة وخاصة اذا ما قورن هذا الضمان بما يقدمه صندوق التأمين والمعاشات لموظفي الحكومة أو غيرهم من الموظفين الذين انضموا اليه كأساتذة الجامعات.
القانون ينص على تسوية حسابات كل العاملين في القطاع الخاص والشركات قبل الأول من نوفمبر والبدء من جديد بدفع نسب معينة جزء منها يتم اقتطاعه من راتب الموظف وجزء آخر يضعه رب العمل في صندوق اجتماعي لكن المشكلة هنا أن هذا الصندوق بعيد عن ارادة الدولة أو الحكومة فيما يريد المشتركون هنا ضمانة الدولة في حال حدث أي شيء سلبي مثلاً أو خسارة في الاستثمارات لا يعرف المشتركون لمن يتوجهون هل لشركة أم لأفراد؟ لكن ضمانة الدولة شيء مختلف.
بل ويتحدث البعض عن تجربة صندوق التأمين والمعاشات وهي تجربة طويلة وناجحة وخبرة تنقلت باقتدار بين عدة أنظمة حكمت في فلسطين ويتساءلون لماذا لا يتم افتتاح فرع خاص في صندوق التأمين والمعاشات هذا مطمئن أكثر لأن النجاحات التي حققها هذا الصندوق تقدم ما يكفي من الأمان للمشتركين وبإمكان الحكومة فعل ذلك .
هناك بند لافت ينص على أنه في حال كان الزوجان يدفعان اشتراك تقاعدي لهذا الصندوق فانه في حال وصولهما لسن التقاعد لا يعطي لهم راتبان بل راتب واحد للأعلى وهذا يعني أن أحدهما سيحرم من تقاعده ويكون قد تبرع باشتراكاته لمدة ثلاثة عقود مثلاً، تبرع بها لمن ؟ ولماذا؟ تساؤلات مشروعة حين يقدمها أصحاب الشأن لأصحاب الشأن. نسبة الراتب التقاعدي تقل عن 50% من الراتب وهذا أقل كثيراً من الراتب التقاعدي لموظفي الحكومة باستثناء فئة قليلة جداً وقد وضع القانون حداً أعلى لراتب التقاعد وهو ما يظلم الموظفين ذوي الفئات العليا الذين يتقاضون رواتب عالية ويتم اقتطاع مبالغ لا بأس بها من حقهم في الصندوق.
لكن وان كان ممكن تطبيق القانون وان بصعوبة في الضفة الغربية فقطاع غزة حالة تستعصي على كل القوانين لما تعرضت له في السنوات الماضية من حصار وعبث ووسط انهيار كل المؤسسات والقطاعات الاقتصادية والشركات التي أصبح أصحابها داخل السجون غير قادرين على تسديد مستحقاتهم للبنوك وتلك قصة مثارة في غزة فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستطيع الشركات التي تبقت على قيد الحياة أن تسوي أوضاع موظفيها لأن الخسارات والكساد والأزمة التي تعرضت لها الشركات في غزة جعلتها جميعاً تصل الى ادخارات الموظفين حتى تتمكن من الاستمرار وبالتالي هناك انعدام للسيولة في غزة ما يجعل من تأجيل تطبيق القانون بغزة أولوية قصوى وخاصة أن وزير العمل الأستاذ مأمون أبو شهلا يعرف تماماً تلك الظروف التي يعيشها القطاع الخاص في القطاع. لا يمكن تنفيذ القانون وسط هذا الجدل ولن تسقط السماء فيما لو تفهمت الحكومة، الأمر بحاجة الى مزيد من التشاور بين الحكومة والقطاع الخاص وهذا ليس عيباً بل أن المجتمعات الحضارية تنبنى على التكامل بين القطاع العام والخاص ، بين الحكومة والشركات لأن القوانين توضع للتطبيق ومن أجل المواطن ومستقبله وهي تُبنى على التعاون بين الحكومة والشعب بمن يمثله من مؤسسات مجتمع مدني أو نقابات أو اتحادات أو قطاع خاص وجمعيات.
لذا اذا كان هناك تعارض أو احتجاج على قوانين محددة هذا يعني أن هناك مشكلة في تلك القوانين ما يتطلب اعادة النظر فيها والسماع لأصحاب الخبرة والشأن وأصحاب المصالح أيضاً، ليس بالضرورة الشركات ذات الأرباح لكن عندما يمس الأمر المواطن العادي أو الموظف الصغير اذن هناك مشكلة ينبغي التوقف أمامها واعادة البحث من جديد لأن القوانين حين لا تكون في صالح المواطن هذا يعني أن هناك خلل ما على الحكومة اكتشافه وتعديله ، لذا فان تجميد القانون هو الخيار الأسلم حالياً لفتح حوار بين كل الأطراف والى حين الاتفاق يمكن أن يبدأ بالتطبيق مع مراعاة كارثة غزة ومالكي الشركات وأرباب العمل ورجال الأعمال الذين أصبحوا في السجون ...!!!