أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - لم ننتبه منذ زمن أن العلاقات بين الشعب الفلسطيني في شقي الوطن آخذة بالانحسار حد القطيعة وأن تلك العلاقات تنحسر في جانب رسمي ضيق جداً ولم يعد أحد من الضفة يزور قطاع غزة إلا القليل جداً وأصبح ابن الضفة الغربية أقرب لكل العالم باستثناء أبناء شعبه في غزة بينما ابن غزة الذي انقطع عن العالم لا يعرف شيء عن الضفة.
كان هذا الأمر لعقدين بعد النكبة في خمسينات وستينات القرن الماضي وكان من حسنات الاحتلال الاسرائيلي بعد عام 67 أنه أعاد توحيد الشعب الفلسطيني انفتحت الضفة على غزة والعكس وأصبح المواطن الغزي خلال ساعة ونصف يكون في أبعد مدن الضفة الغربية وهو الأمر الذي أعاد صياغة الثقافة الموحدة للشعب الفلسطيني بعد أن كانت الضفة أقرب للثقافة الأردنية وغزة للمصرية نتاج تلك القطيعة، الوحدة التي جسدها احتلال بقية فلسطين كانت تعيد صياغة الثقافة الموحدة للشعب الواحد وهو ما مهد للانتفاضة الأولى كجسد موحد.
بعد انشاء السلطة الوطنية قل الاحتكاك بين جزئي الوطن ثم كانت الانتفاضة التي استغلتها اسرائيل لتقطع الطريق على أي تواصل للشعب الفلسطيني وبعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة انعدم الأمر بشكل نهائي مقتصراً على المرضى والقليل من التجار ما يعيد وزيادة الهوة ويهدد بإعادة انتاج ثقافات متعددة للشعب الواحد.
هذا موضوع يطول الحديث فيه ويمكن لعلماء الاجتماع أن يعيدوا قراءة خطر انعزال فئات وتجمعات الشعب الفلسطيني وهو أعظم ما أنتجه تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية التي أعادت توحيد شعبنا بعد الشتات لكن الظاهرة الأبرز التي يمكن نقاشها هي توقف طلاب قطاع غزة عن الدراسة في جامعات الضفة الغربية وهي جامعات فلسطينية من حق أي فلسطيني في الداخل أن يدرس هناك.
منذ ثمانينات القرن الماضي لم تكن الجامعات في الضفة تخلو من طلاب فلسطينيين كان لهم دور في اتحادات الطلاب هناك بل وعاد هؤلاء الطلاب الى قطاع غزة بعضهم تزوج عادوا محملين بروح شعبهم هناك ولازال بعضهم يتحدث عن الوديان والجبال والعائلات وشجر الزيتون والزعتر والعمل التطوعي والطلاب وخارطة القرى التي تحيط خاصرة كل مدينة فكيف حدث أن يبحث الطالب في غزة عن كل جامعات الكون ولا يبحث أو يطمح للدراسة في جامعات فلسطينية؟
الأمر خطير بالمنظور السسيولوجي الاجتماعي وتلك مهمة مراكز الدراسات التي تقدم المشورة وأظن أنها تتعدم لدينا لكن الأهم مسئولية من تلك؟ ومن الجهة الوطنية التي يجب أن تستنفر قلقاً من هذا الأمر، الجهة هي قيادة الشعب الفلسطيني وحكومته ومنظمة التحرير التي يحسب لها معجزة توحيد شعبنا تحت راية واحدة ونشيد واحد تلك مسئوليتها باعتبارها مسئولة عن الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.
هذه القضية يجب أن تدرس بجدية في مؤسسة اللجنة التنفيذية التي تدرك ماذا يعني التباعد بين شقي الوطن بالمعنى النفسي والثقافي، وقضية دراسة الطلاب يجب أن تكون أولوية واذا لم تكن اللجنة التنفيذية تناقش قضايا اجتماعية وطنية بهذه الخطورة فماذا يناقشون اذن؟ فالأمر سهل تنفيذه وغير مكلف بالنسبة للسلطة الوطنية، كل ما في الأمر أن يصدر قراراً لوزارة الشئون المدنية باستصدار تصاريح للطلاب بغض النظر عن عددهم وهذا حق لهم ويمكن أن يذهبوا مرة واحدة في بداية العام ويعودون اجازة الصيف ويمكن أيضا أن يتنازلوا عن رؤية ذويهم على مدار العام فهم من غزة ومؤهلون للحد الأدنى في كل شيء وقريبون من خط الفقر في أحلامهم ومطالبهم ومستوى حياتهم.
الدكتور رامي الحمد لله رئيس الوزراء باعتباره ترأس جامعة النجاح لفترة طويلة يدرك أكثر من غيره ماذا يعني وجود جزء آخر من أبناء الشعب الفلسطيني في جامعات في جزء آخر من الوطن ولا أعرف كيف غاب الأمر عن طاولة الحكومة لسنوات طويلة، وهي دعوة لوضع المسألة على طاولة المؤسسات جميعها من حق أبناء غزة الدراسة في جامعات الضفة الغربية وواجب الحكومة بذل كل الجهود لتحقيق ذلك والا علينا التوقف عن اتهام الاحتلال بأنه يسعى لفصل أبناء شعبنا عن بعضهم، الحكومة قادرة وعلينا نحن الكتاب أن ننبه للأمر هذا دورنا ...وذلك واجبها ..!!!