النجاح الإخباري - تتساقط العقوبات الأميركية تباعاً على رؤوس الفلسطينيين من القدس عاصمة لإسرائيل مروراً بوقف تمويل الأونروا وقطع الأموال عن السلطة واعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني ثم وقف الدعم لمستشفيات القدس وصولاً لإغلاق مكتب منظمة التحرير ولا نعرف بعد ماذا يخفي الحاوي الأميركي في قبعته لكن أصبح واضحاً أنه يجهز مزيداً من القنابل ليلقيها فوق رؤوس هذا الشعب الهارب من بطش التاريخ وكأن راعي البقر الأميركي يواصل هوايته في القتل والتصفية.
ماذا تبقى لنا ونحن نتابع ونراقب ما أن يتخذ قرارات ؟ وقبل أن يبدأ الفلسطينيون بالتفكير بطريقة الرد حتى يأتي القرار الآخر في ضربات أميركية تحدث ما يكفي من فقدان التوازن لشعب وقيادة فقدا توازنهما لأن الأرض تهتز تحتهما بسبب ما يحدث من تشظي للحالة الفلسطينية وتشتتها وانقسامها وبسبب الاحتلال.
الحقيقة أن هذه الادارة هي الأكثر غطرسة واستعداء للفلسطينيين بين كل الادارات السابقة وهي الأكثر وضوحاً بينها لكنها ربما تكشف أن الاعتقاد الذي ساد ربما لدى الفلسطينيين ولدى الكثير من العرب أن يمكن للولايات المتحدة أن تكون وسيطاً بين الطرفين ينكشف عري هذا الاعتقاد لتكتشف الحقيقة الصارخة بأن الولايات المتحدة لا تختلف في عدائها للفلسطينيين عن اسرائيل بل وربما أن هناك مجموعات اقتربت للحكم فيها أكثر تطرفاً من كثير من اليهود والأحزاب في اسرائيل وهي المجموعات المسيحانية التي تعتقد بوجوب أن يتجمع كل اليهود في فلسطين لتقريب معركة "هارمجدون "وغير ذلك من الأساطير وهذا اتجاه فاعل يمثله نائب الرئيس الأميركي مايك بينيس.
لماذا تعاقب أميركا الفلسطينيين بقطع شرايين الأموال؟ لا اجابة إلا لأن ادارة ترامب تمهد لتجفيفهم حد الاستسلام ليس لقبول ما ستفعله بهم بل لإفقادهم أية قدرة على ممانعة أو الوقوف أمام ما تحضره من مذبحة بحق القضية الفلسطينية فقد باتت مقدماتها واضحة بعد كل ما اتخذ من اجراءات.
إن منظمة التحرير الفلسطينية التي تغلق واشنطن مكتبها هناك هي الطرف المعترف به والذي وقع اتفاقيات أوسلو في حديقة البيت الأبيض وهي ممثل الفلسطينيين في المفاوضات مع اسرائيل فكيف تتحدث أميركا عن ارغام الفلسطينيين على مفاوضات واحداً من أطراف هذه المفاوضات تغلق مكتبه بما يشبه سحب الاعتراف وتلك واحدة من سخريات السياسة.
واذا كانت الولايات المتحدة تقطع أموال المساعدات للسلطة واذا كانت تقطع الأموال عن مستشفيات القدس فلماذا يستمر الفلسطينيون في علاقة معها حتى بالحد الأدنى بعد كل ما فعلته بهم والسؤال الأكثر مباشرة في ظل حجبها للأموال لماذا يقبلون أن يستمر الدعم فقط للأجهزة الأمنية واذا كان للولايات المتحدة الأميركية مصلحة في ذلك من أجل الاستمرار فعلى الفلسطينيين قطع العلاقات الأمنية معها ووقف تلقي الدعم منها أسوة بالمستشفيات والمؤسسات المدنية.
واذا كانت هذه الأموال فعلاً لضمان الاستقرار فليكن هناك ما يهدد هذا الاستقرار وان كانت الأمور ليست بتلك السهولة ولكن يجب أن تشعر اسرائيل أن لهذا العبث الأميركي تهديد حقيقي للهدوء الذي شهدته المنطقة خلال السنوات الماضية بفعل العلاقة القائمة والتي لم تشهد اهتزاز ما جعلها تشعر بأن مزيداً من الضغط والتجفيف وتحريض الولايات المتحدة لعصر الفلسطينيين كما الليمونة هي خطوة ضرورية لاستكمال إعلان رايتنا البيضاء وانهائها تماماً وتصفية وجودنا وتوطين اللاجئين في أسوأ مشهد لم يتوقعه أكثر الفلسطينيين تشاؤماً منذ النكبة.
التسريب حول ما يعرف بصفقة القرن والخطوات المتدرجة التي تتخذها الادارة الأميركية تتلاءم مع تلك التسريبات مما يشي بقلق جدي كأنها قطعت شوطاً في خطتها رغم توقع الجميع بأن لاشيء يمكن أن تطرحه هذه الادارة في ظل الاستعصاء الحاصل ولكن لا شيء أيضاً يمنع هذه الادارة من طرح هذا الجنون الذي تفكر به وتسرب جزء من تفاصيله وهي تشي بنهايات أشد سواداً مما اعتقدنا بكثير.
اذا كان الأمر كذلك ينبغي وقف تام للتعاطي مع الولايات المتحدة ووقف تلقي أي مساعدات منها بما فيها تدريب أجهزة الأمن ووقف الاتصالات نهائياً معها والتفكير جدياً بآلية تطبيق قرارات المجالس الوطنية التي اتخذت تباعاً ولم يتم تطبيق أي منها الى الدرجة التي اعتقدت اسرائيل والولايات المتحدة أننا أكثر عجزاً من أن نشكل أي عنصر تهديد على مصالحهم وفي هذا خطر كبير والسؤال كيف تشعر أميركا واسرائيل أننا يمكن أن ننفذ تهديداتنا، الوضع العربي لا يبشر كثيراً والخشية من ادارة ترامب تتفوق على الحقوق الفلسطينية هذا هو الواقع ومع كل هذا يبقى الفلسطيني هو الأهم ولكن كيف يفعلها هذه المرة ويعلن مقابل اغلاق مكتب واشنطن تعليق الاعتراف بإسرائيل وأكثر ...هذا ما يمكن فعله وعلى الأقل..!!!!