النجاح الإخباري - "الفنون جنون"، مقولة قد يراها الكثير من الناس على أنها واقعية وصحيحة للغاية، وذلك لما يشاهدوه من الفنانين خاصة المعاصرين منهم، الذين يعرضون أفكاراً غريبة وغير مسبوقة في أعمالهم ومشاريعهم، ولكن الفنان –بأي مجال فني- يرى الأمر من مكان آخر، ووجهة نظر مختلفة تماماً، فالأمور التي نعتقد نحن بأنها جنونية، يراها الفنان بأنها غاية بالمنطقية، بل وأنها مشروع فني مهم، و"أكياس الشاي" المستعملة، هي خير دليل على ذلك، نعم عزيزي القارئ أكياس الشاي المستعملة، تحولت على يد فنانة أمريكية، إلى مشروع رسم فني جميل ومدهش.
بدأت القصة قبل أكثر من ثلاثة أعوام مع الفنانة الأمريكية "روبي سيلفيوس"، المعروفة بين أصدقائها وعائلتها بحبها وشغفها الكبيرين بشرب الشاي، ولأنها فنانة ورسامة، وكما ذكرنا سابقاً أن هذه الفئة لهم منطقهم ورؤيتهم الخاص للأشياء، قامت بتحويل حبها للشاي إلى لوحات فنية، من خلال الرسم على الأكياس الفارغة والمستعملة، كأنها قماش للرسم.
هذه الفكرة الفريدة التي خطرت إلى بال سيلفيوس، تطورت بسرعة، وتحولت إلى مشروع فني أطلقت عليه اسم "363 يوماً من الشاي"، وهدف هذا المشروع أن ترسم سيلفيوس 363 لوحة على أكياس الشاي، خلال 363 يوماً متواصلة، أي قرابة العام من الرسم اليومي، وأصبحت هذه اللوحات، بمثابة يوميات سيلفيوس، التي تعرض من خلالها أفكارها وأحلامها وما تمر به خلال اليوم، بطريق بصرية لطيفة ومتقنة وتصنع الدهشة لكل من يراها، عبر الرسم فوق أكياس الشاي، وبالوقت نفسه، سلطت هذه الفنانة الأمريكية الضوء على إمكانية إعادة استخدام الأشياء المستعملة، والتي من الممكن أن تكون مواد أساسية بالمشاريع الفنية مثلاً، أو ما تبقى من الأمور الأخرى في الحياة.
حين عرفت عائلة وأصدقاء الفنانة الأمريكية سيلفيوس بهذا المشروع الذي بدأته، كان لديهم رد فعل طريف للغاية، حيث أصبحوا يرسلون لها أكياس الشاي الفارغة التي كانوا يستعملونها، بمقاسات وأحجام مختلفة أيضاً، حتى تساعدها في مشروعها الفني، الذي جذب انتباه العديد من الناس عبر الإنترنت، ورأوا أن سيلفيوس تقوم بمشروع فريد وغريب ويستحق المتابعة، الأمر الذي شجع الفنانة الأمريكية حتى تستمر في هذا الأمر، وفتح لها أبواباً جديدة في مجالات الفن المختلفة، مشابهة لمشروعها، والتي من الممكن أن تكون مشاريع فنية مستقبلية.
قد تكون الفكرة التي بدأتها الفنانة الأمريكية "روبي سيلفيوس"، ليست جديدة تماماً، على الرغم من أن استخدامها وطريقة تطبيقها على أكياس الشاي تحديداً هو ابتكارها الخاص، وذلك لأن الكثير من الفنانين العالميين، وحتى الفنانين العرب أيضاً، عملوا على أفكار مشابهة تقريباً، من خلال إعادة تدوير الأشياء التي نستخدمها بشكل يومي، حتى تكون مشاريع فنية جميلة، إلا أن المميز بمشروع سيلفيوس أنها استعانت بأمر يومي تحبه جداً، يرافقها كل صباح أو مساء، ليكون مشروعاً فنياً غاية في الدهشة.