ترجمة خاصة - النجاح الإخباري - تضرب المجاعة شريان الحياة لا سيما مع عدم توفر الماء والغذاء في شمال قطاع غزة، وهو ما يترك أثره على الفئات الضعيفة مثل الأطفال والنساء الحوامل والمرضى.
وتقول المواطنة وفاء الكرد إنه عندما اقترب موعد ولادتها، كان وزنها أقل مما كان عليه قبل الحمل، وكانت تعيش على الأرز والعصير ذو النكهات الصناعية.
وقالت إنها أنجبت طفلة تزن حوالي 2.7 كغم، اسمها تيماء، منذ ما يزيد قليلاً عن أسبوعين.
ومنذ ذلك الحين، أمضى زوجها أيامه في البحث في الأسواق في شمال غزة، حيث تعيش الأسرة، محاولاً العثور على ما يكفي من الطعام لزوجته لكي تتمكن من إرضاع الطفلة تيماء وإبقائها على قيد الحياة.
وتعاني ما يقرب من 60 ألف امرأة حامل في غزة من سوء التغذية والجفاف ونقص الرعاية الصحية المناسبة، وفقا للصحة في غزة.
وقالت صحة غزة، في بيان لها، إن نحو 5000 امرأة في غزة تلد كل شهر في ظروف قاسية وغير آمنة وغير صحية نتيجة القصف والتهجير.
وأضافت أن نحو تسعة آلاف امرأة، من بينهم آلاف الأمهات والحوامل، استشهدهن منذ بدء القصف والغزو الإسرائيلي في أوائل أكتوبر/تشرين الأول.
وحذرت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة من أن المجاعة تلوح في الأفق في الجيب المحاصر، حيث أفاد مسؤولو الصحة أن 25 شخصا على الأقل، معظمهم من الأطفال، استشهدوا بسبب سوء التغذية والجفاف في الأيام الأخيرة.
وقالت الدكتورة ديبورا هارينجتون، طبيبة التوليد العاملة في مستشفى الأقصى بوسط غزة، إن الأمهات الحوامل والحديثات اللاتي عالجتهن لم يحصلن على ما يكفي من الرعاية قبل الولادة وبعدها، مما يعرض حياتهن وحياة أطفالهن للخطر.
وقالت الدكتورة هارينجتون إن بعض الأمهات الجدد اللاتي تحدثت إليهن قلن إنهن أُجبرن على الولادة في الشارع، أو في ملاجئهن، أو في سياراتهن، لأنهن لم يتمكن من الوصول بأمان إلى المستشفى في الوقت المناسب.
وأضافت: "الكثيرات منهن يلدن بشكل غير آمن، دون وجود قابلات في بيئة صحية، مع عدم توفر موارد لإنقاذ الحياة".
وجدت مجموعة التغذية العالمية، وهي مجموعة من وكالات الإغاثة العاملة في غزة، في تقرير لها الشهر الماضي أن أكثر من 90 بالمائة من الأطفال دون سن الثانية والنساء الحوامل والمرضعات، في كل من شمال غزة ومدينة رفح الجنوبية، يواجهون فقرًا غذائيًا حادًا.
وقالت السيدة الكرد إن شغفها الأكبر أثناء الحمل كان تناول الطماطم، التي كانت نادرة جدًا في شمال غزة. وفي عيد ميلادها، في نوفمبر/تشرين الثاني، كان زوجها صالح مصمماً على أن يجد لها بعضاً من الطعام.
وبعد ساعات، عندما عاد أخيرًا إلى المنزل - حاملًا كيسًا من الطماطم باهظة الثمن التي اشتراها من المتجر الوحيد الذي يبيعها - كانت زوجته "أكثر سعادة مما كانت عليه عندما اشتريت لها خاتمًا ذهبيًا في عيد ميلادها العام الماضي"، كما قال في مكالمة هاتفية مع صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
ومثل السيدة الكرد، قالت آية سعادة، وهي حامل في شهرها السابع بطفلها الثاني، إنها لم تتمكن من العثور على الفواكه أو الخضار لتناولها في الأشهر الأخيرة من الحمل.
وأضافت أنها لم تكن تحصل دائمًا على مياه نقية للشرب.
وقالت السيدة سعدة، 23 عاماً، التي تلجأ إلى مستشفى في شمال غزة: "أشعر بالدوار والغثيان دائماً، وأشعر بالتعب المستمر".
ومضت السيدة سعادة في رسالة صوتية سرج حكايتها لصحيفة نيويورك تايمز: "من المفترض أن يزيد وزنك أثناء الحمل.. ولكن بدلاً من ذلك، أنا أفقد الوزن".
وقال الدكتور هارينجتون إن الأمهات الضعيفات يلدن أطفالًا ضعفاء، وتواجه النساء الحوامل والأمهات المرضعات مخاطر عالية بشكل خاص لسوء التغذية.
وقالت: "إذا كنت تعاني من سوء التغذية، فمن المرجح أن تصاب بفقر الدم.. سوف تفتقدين جميع أنواع المغذيات الدقيقة التي تحتاجينها لنمو طفلك بأمان."
وأضاف الدكتور هارينجتون أن النساء الحوامل اللاتي أصيبن في القصف أو اللاتي أصيبن بأمراض معدية - والتي تنتشر بسرعة في جميع أنحاء غزة - يواجهن أيضًا مخاطر أكبر بكثير للإجهاض وولادة الجنين ميتًا.
وواصلت شرحها: "عندما تكون الأمهات مريضات، فإن أطفالهن يمكن أن يمرضوا أيضاً، وهذا يزيد من معدلات ولادة أطفال ميتين..نظرًا لأن النساء لا يحصلن على رعاية ما قبل الولادة، لا يمكنك التقاط المشاكل".
وقالت السيدة سعادة إن خوفها الأكبر - واصفة ذلك بالشيء الوحيد الذي يدور في ذهنها - هو أن يولد طفلها وهو يعاني من مشاكل صحية لأنها تفتقر إلى الطعام المغذي والمياه النظيفة أثناء الحمل. وقالت: "ليس من الممكن الاستعداد لقدوم طفلي.. نحن الآن نبحث فقط عن الطعام لنأكله."
واكملت حديثها خلود سعدة، 34 عاماً، وهي حامل في شهرها التاسع وتعيش مع أطفالها الأربعة في خيمة بمدرسة في شمال غزة: "الطعام الذي آكله الآن ليس صحياً".
واختتمت حديثها: “لا يوجد طعام صحي في الأسواق الآن، لا دجاج ولا سمك”. وأضافت في رسالة صوتية لنيويورك تايمز: “لا يوجد طعام مناسب للمرأة الحامل”.