النجاح الإخباري - اعتاد الطبيب إياد شقورة، وهو صيدلي يعمل وقت الحرب في غرفة الطوارئ في مستشفى ناصر في خان يونس، على مشاهدة سيل من الشهداء والجرحى، إلا أنه فقد وعيه مساء الإثنين عندما وصلت جثامين أطفاله وأمه وأقاربه إلى المستشفى.
فجع شقورة (42 عاما) بعد اكتشافه أن أفراد عائلته هم بين ضحايا الغارة التي أصابت منزلهم في خان يونس جنوب قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أسفر عن ارتقاء 10305 شهداء، وإصابة أكثر من 25 ألفا، في حصيلة غير نهائية صادرة عن وزارة الصحة.
وأشارت الوزارة إلى أن من بين الشهداء 4237 طفلا، و2719 سيدة، و631 مسنا، فيما بلغ عدد المفقودين نحو 2350 مواطنا، بينهم أكثر من 1300 طفل.
وألقى شقورة بعينين دامعتين صباح الثلاثاء النظرة الأخيرة على أحبائه الذين تم لفهم بأكفان بيضاء على طاولة المشرحة في قسم الطوارئ.
وبدأ بتعداد أسماء أصحاب الجثامين واحدا تلو آخر: "في هذه الضربة، فقدت والدتي زينب أبو دية، وفقدت أخوي محمود وحسين شقورة، واختي إسراء شقورة مع ابنيها حسين ونبيل شقورة"، مضيفا "وفقدت ابني، فلذتي كبدي عبد الرحمن (7 سنوات) وعمر (5 سنوات)".
وأضاف شقورة واضعا جبهته على جبهة طفله عبد الرحمن التي كانت ملطخة بالدماء، "لدي خمسة أطفال، ولكنه كان المفضل بالنسبة إلي". ووضع جثمانا عبد الرحمن وشقيقه في كفن واحد.
وتساءل الدكتور شقورة بألم "ما الذنب الذي اقترفوه حتى تصب على رؤوسهم أطنان من القنابل وأطنان من المتفجرات؟ الحمد لله. هم ليسوا أحسن حالا من أطفال سبقوهم الى عند الله".
ويتحدر شقورة من عائلة من اللاجئين الفلسطينيين الذين هجّرتهم العصابات الصهيونية عام 1948. ويمثل اللاجئون اليوم مع أحفادهم نحو 80% من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,4 مليون شخص، بحسب أرقام صادرة عن الأمم المتحدة.
وأدى الطبيب صلاة الجنازة في باحة المستشفى، بينما وضعت جثامين أفراد عائلته وطفليه أمامه، فيما وقف خلفه عدد من الأقارب والزملاء.
وقال "سأدفن أطفالي الآن وسأواصل عملي".
ونقلت الجثامين إلى "مقبرة شهداء خانيونس" القريبة من المستشفى لدفنها. وفي الطريق إلى المقبرة، حمل شقورة طفله عبد الرحمن وقبله على رأسه للمرة الأخيرة.