ترجمة إيناس الحاج علي - النجاح الإخباري -  هانا (اسم مستعار) لاجئة تبلغ من العمر (53) عاما وأم ل (10) من غزة ومريضة بالسرطان وهذه القصة ليست بالكاد فريدة من نوعها: إنها قصة العديد من مرضى السرطان في القطاع الذين يتم تسييس الوصول إلى العلاج فيه من قبل الاحتلال الإسرائيلي لأكثر من 10 سنوات من الحصار البري والبحري والجوي بالإضافة إلى الإغلاق المتكرر لمعبر رفح على الحدود بين غزة ومصر.

تقول هانا "لم يكن لدي دواء لأشهر كنت أعيش على المسكنات، حقن تخثر جليكسان، أدوية الغدة الدرقية لا حصر للأدوية التي أحتاج إلى اخذها يوميا ولكن لا يمكن الآن لأنها لم تعد متوفرة وببساطة لا يمكن أن تشتريها من القطاع الخاص."

وتشير:"أسناني بحاجة إلى رعاية عاجلة بسبب كل العلاج الكيميائي ولكن لا يمكن تحمل تكاليف العلاج وأظهرت التقارير وجود  كتل في الغدة الدرقية التي تحتاج إلى إزالتها وفحصها على وجه السرعةو لقد انتظرت أكثر من شهر لتعيين موعد لخزعة أو جراحة لازالتها، ولكن  لا توجد عمليات متاحة في مستشفى الشفاء قبل غزة عام 2020."

"إنه أمر كارثي أن تكون مريضا بالسرطان في غزة، فهو أمر مهين وغير مرغوب فيه، حيث يحكم عليه بالموت البطيئ ولا يتوفر علاج السرطان في غزة، ويتحكم الإسرائيليون والمصريون في العلاج خارج غزة لا يبدو أن أحد منهم يهتم أو يأخذ حالة المرضى على محمل الجد أو يتعاملون معنا بشكل عاجل بالنسبة لهم نحن أرقام فقط والمرضى الذين ينتظرون وفاتهم وليس الناس الذين لديهم الحق في الحصول على العلاج بكرامة، أو الناس الذين قد يمكنهم البقاء على قيد الحياة والعيش بين أسرهم وأحبائهم." تضيف هانا.

وتتابع بقلق "أن تكون مريضا بالسرطان في غزة أمر مرهق جسديا ونفسيا وماليا وعلينا أن نهتم بجميع الإجراءات بأنفسنا، وعلينا أن نتقدم بطلب التغطية المالية للحالة الطبية وللإذن الإسرائيلي بمغادرة غزة وهذا قد يستغرق أسابيع وحتى شهور، وعلينا أن ننتظر  وأن نكون مستعدين دائما للمغادرة عندما نتلقى رسالة موافقة من الإسرائيليين، والرسالة النصية المرسلة إلى هواتفنا النقالة غالبا ما تصل إلى الليلة السابقة للتعيين أو في نفس اليوم ويكون التصريح ساري المفعول لمدة يوم واحد.

"اضطررت إلى الانتظار لمدة خمسة أشهر قبل أن أتلقى التصريح الإسرائيلي بالمغادرة إلى القدس الشرقية، ثم انتشر السرطان، وبعد ذلك اضطررت إلى وقف العلاج الكيميائي ثلاث مرات لأن طلب التصريح كان معلقا، قد انتشر إلى نخاع العظم.

"على الرغم من أن معظم العلاج الطبي مشمول ماليا من قبل وزارة الصحة الفلسطينية ما زال علي أن أقدم مبلغاً ضخما للدفع لرحلتي مثلما حصل في 2013 في مصر حيث لاتشمل الإحالة الطبية إلى مصر الإقامة ، ونفقات المعيشة والاختبارات الطبية غير المتوفرة في المستشفيات أريد أن أذهب إلى القدس ويجب أن أقترض المال من الأصدقاء، فالرحلة إلى القدس تتكلف ما بين 75 و 450 شيكل (21- 127 دولارا)، وإذا كان لدي فحوصات في تل أبيب، يجب أن أدفع 600 شيكل (170 دولارا) لأخذ سيارة أجرة إلى هناك، واضطررت إلى بيع الأثاث في بيتي لأتمكن من السفر إلى القدس، سبعة من أولادي الأكبر سنا من خريجي الجامعات، ولكنهم جميعا عاطلون عن العمل، وأجد كل هذا مهينا جدا." زادت متحدثة خلال لقاء لها نشرته صحيفة "هارتس الإسرائيلية" معها.

وتنقل هانا عن طبيبها الذي يقدم لها العلاج في احد المستشفيات:"إنه يجب علي اتباع نظام غذائي مغذي وإذا لم أستطع شراء مسكنات أو طعام أساسي كيف يمكنني تقديم طعام مغذي أكثر تكلفة؟  كيف يمكنني أن أشعر بالإيجابيةوانا قلقة من قدرتي على الاستمرار بالعلاج؟ كيف يمكنني أن أكون مسترخية إذا لم يكن الدواء متوفرا ولا أستطيع تحمل تكالفيه؟ أو عندما أحتاج إلى عبور حاجز عسكري لتلقي العلاج؟! أو ماذا أفعل برحلة إلى القدس والعودة إلى غزة وحيدة بدون رفيق؟ !! 

"أن تكون مريضا بالسرطان في غزة يعني أن تتعرض للحصار: حصار الدواء وحصار التصاريح وحصار الغذاء والرواتب والمعابر الحدودية، و ضغوط نفسية هائلة، ولكن على الرغم من كل هذا، يجب أن أكون قوية، إن لم يكن لنفسي، لأطفالي ". تابعت هانا بمرارة.

إحصاءات صادمة:

يشير تقرير صدر حديثا عن منظمة الصحة العالمية إلى أن عام 2017 شهد أقل عدد من الموافقات الإسرائيلية على التصاريح للمرضى الذين يغادرون غزة لتلقي العلاج منذ عام 2008. ولم ينجح سوى 54 بالمائة من طلبات المرضى بالمغادرة عبر حاجز إيريز العسكري الإسرائيلي في عام 2017، مقارنة ب 93 في المائة في عام 2012. وتوفي 54 مريضا في انتظار الموافقة على المغادرة.

وفي كانون الأول / ديسمبر 2017، لم ينجح ثلاثة من أصل خمسة من مرضى السرطان في الحصول على تصريح لمغادرة غزة عبر معبر إيريز. وكان معبر رفح مفتوحا لمدة أربعة أيام فقط في كلا الاتجاهين في كانون الأول / ديسمبر 2017.

والأرقام المروعة من منظمة الصحة العالمية تأتي في سياق التقارير الأخيرة المقلقة من قبل الأمم المتحدة ورئيس أركان جيش الاحتلال، ومفادها أن قطاع غزة الذي يبلغ عدد سكانه حوالي مليوني نسمة نصفهم من الأطفال على وشك الانهيار الإنساني.

ومنذ نيسان / أبريل 2017 وإغلاق محطة الطاقة الوحيدة في غزة، كانت الخدمات الهامة في مجالات الصحة والمياه والصرف الصحي وجمع النفايات الصلبة تعمل وفقا لخطة وقود طارئة  وضعتها الأمم المتحدة لتشغيل المولدات الاحتياطية. وبين نهاية كانون الثاني / يناير وأوائل شباط / فبراير، تم إغلاق مستشفيين؛  مستشفى للأمراض النفسية، ومرفق الصحة النفسية 13 عيادة للرعاية الصحية الأولية.