وكالات - النجاح الإخباري - رغم ارتفاع ضئيل في أسعار مزيج برنت المقياس العالمي الخميس الماضي بنسبة 0.24 في المئة، إلا أن الأسعار لا تزال تتجه جنوبًا نحو أدنى المستويات في عام كامل.
ارتفعت العقود الآجلة للخام الأميركي نايمكس، تسليم فبراير بنسبة 0.59 في المئة أو ما يعادل 29 سنتًا إلى 46.11 دولارًا للبرميل.
لكنها انخفضت بنسبة 5 في المئة الخميس إلى أدنى مستوى في أكثر من عام، بسبب المخاوف إزاء تخمة المعروض وتوقعات الطلب على الطاقة، وهبوط أسواق الأسهم مدفوعة برفع الفائدة الأميركية.
من دواعي القلق في صفوف أعضاء أوبك ودول منتجة أخرى أن هبوط الأسعار إلى أدنى المستويات منذ الربع الثالث من 2017 محققًا خسارة بواقع 11% لن يكون الأخير، بل بداية مرحلة من تهاوي الأسعار، تعود بنا إلى صيف 2014 وبداية 2016، عندما انهارت الأسعار من فوق 100 دولار للبرميل إلى أقل من 30 دولارا. هذا الهبوط الحاد في الأسعار من 86 دولارا للبرميل في أكتوبر الماضي، وبنسبة 40%، خلق جوًا تشاؤميًا في صفوف المتعاملين. ومن الجدير ذكره أن سعر 86 دولارا للبرميل كان أعلى مستوى في أربع سنوات.
لماذا تنخفض الأسعار؟
السبب الرئيس الذي أدّى إلى الانخفاض الأخير في الأسعار هو ارتفاع الفائض في المعروض العالمي من الخام، الأمر الذي دفع إلى عزوف المستثمرين في الأيام العشرة الأخيرة من عام 2018.
رافق ذلك تراجع في الأسهم العالمية الرئيسة، وسط مخاوف بين المستثمرين بشأن احتمالات تراجع الاقتصاد العالمي مع اقتراب العام الجديد.
وزاد تهديد الرئيس دونالد ترمب بإغلاق الحكومة الاتحادية في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، من مخاوف المستثمرين. ويرى بعض المراقبين أن رفع الاحتياط الفدرالي لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة أخيرًا سيؤثر سلبًا على الطلب، وهذا بدوره يكبح أي احتمالات لارتفاع أسعار النفط.
يبدأ في مطلع 2019، تنفيذ اتفاق جديد لخفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميًا، بين كبار المنتجين في "أوبك"، ومنتجين مستقلين بقيادة روسيا، في محاولة لاستعادة الاستقرار إلى الأسواق. وكما يظهر فإن التخفيضات التي تم الاتفاق عليها في اجتماع فيينا الأخير بين "أوبك" وشركاء خارج المنظمة سوف لا تنجح في امتصاص الفائض المعروض، وسنشهد في الأسابيع المقبلة تقلبات في الأسعار، ولكن الاتجاه العام سيكون جنوبًا، ما يعني هبوطا في الأسعار.
تصاعد الإنتاج الأميركي يزعزع استقرار أسواق النفط
ارتفع الإنتاج الأميركي إلى 11.6 مليون برميل يوميًا، بسبب انتعاش حركة إنتاج الزيت الصخري، أي تحولت الولايات المتحدة إلى أكبر منتج وأكبر مستهلك للنفط في العالم، وتنتج روسيا ما يقارب 11.5 مليون برميل يوميًا، ومن ثم السعودية تنتج 11.3 مليون برميل يوميًا.
نقلت وكالة الإعلام الروسية عن ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي قوله: "إن بلاده ملتزمة بخطط لخفض إنتاجها النفطي بمقدار 228 ألف برميل يوميًا، بما يتماشى مع اتفاق أوبك". ونقلت وكالة إنترفاكس عن نوفاك أيضًا أن منتجي النفط الروس أكدوا جاهزيتهم لخفض إمدادات الخام. ولكن انخفاض الأسعار يشير إلى أن التخفيضات غير كافية.
اللافت أن رئيس وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول يعتقد أن إنتاج النفط الأميركي سيسبب زعزعة في توازن أسواق الخام في الفترة المقبلة. أضاف: "إن إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من النفط قد يعادل تقريبًا إنتاج روسيا والسعودية معًا بحلول عام 2025".
تابع إن "النزاعات التجارية بين بعض الدول والتطورات في الشرق الأوسط إلى جانب الانخفاض الحاد في إنتاج فنزويلا النفطي دعما التقلبات الملحوظة في سوق النفط".
لكن المسألة الرئيسة التي ستؤثر بشدة في أسواق النفط العالمية ستكون النمو السريع في النفط الصخري الأميركي، حسب ما أفاد به "بيرول"، وأشار إلى أنه يرى انخفاضات جادة في أسعار النفط، مستبعدًا زيادة كبيرة في الأسعار على المدى القصير.
استقر إنتاج الولايات المتحدة من النفط خلال الأسبوع الماضي عند ثاني أعلى مستوياته على الإطلاق، مع هبوط صافي الواردات الأميركية من الخام.
عقوبات ترمب على النفط الإيراني غير مجدية
تبددت مخاوف السوق من ارتفاع شاهق في الأسعار بسبب العقوبات على صادرات النفط الإيرانية بسبب تراجع الرئيس ترمب وعدول الإدارة الأميركية عن تطبيق العقوبات الصارمة بمنح إعفاءات لثماني دول تستورد النفط الإيراني، مما أفقد العقوبات قيمتها.
هذه الإعفاءات ساهمت في ارتفاع التخمة في السوق. كما إن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة لا تزال تلقي بظلالها على الأسواق العالمية رغم الهدنة بين العملاقين. كما إن المخاوف من تراجع النمو الاقتصادي العالمي وتراجع الطلب على النفط تساهم في تعزيز النظرة السلبية على مستقبل أسعار النفط في المستقبل المنظور. لا شك أن هبوط الأسعار سيخدم مصلحة الدول المستوردة للنفط والمستهلكين.
ومن الواضح أن التخفيضات التي أقرتها أوبك وروسيا سوف لا تكون كافية لمنع تراكم الفائض في السوق. وحسب تنبؤات أوبك نفسها سترتفع المخزونات العالمية من النفط بواقع 500 ألف برميل يوميًا في النصف الأول من عام 2019، وهذا سيزيد التخمة في المخزونات التجارية للدول الصناعية.
ولكن ألم يحن الوقت للولايات المتحدة بأن تتحمل بعض العبء بكبح إنتاج الزيت الصخري والنفط التقليدي بدلًا من الاعتماد الكلي على "أوبك".