فرنسا - النجاح الإخباري - تخللت حوادث سير عدة أحدها شهد حالة وفاة، حركة “السترات الصفراء” التي حشدت أكثر من مئة ألف شخص السبت في فرنسا احتجاجاً على فرض ضريبة بيئية على الوقود وزيادة أسعارها وكذلك على سياسة الرئيس ايمانويل ماكرون، لكن دون أن تتمكن من “شل” فرنسا.
وارتفع التوتر مع محاولة بعض السائقين تجاوز تجمعات المحتجين وتوفيت متظاهرة عندما صدمت امرأة أصيبت بالهلع جمعاً منهم في منطقة الالب.
وأوقعت حوادث أخرى 47 جريحاً، ثلاثة منهم حالتهم خطرة وفق مصادر رسمية. ومن بينهم أحد المارة الذي أدخل إلى “العناية الفائقة” بعد ان صدمته سيارة في شمال البلاد.
واوقفت الشرطة 24 شخصاً واستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق التجمعات.
وقالت وزارة الداخلية ان أكثر من الفي تجمع شارك فيها 124 ألف شخص، وإن الحركة أعيقت في بعض الطرق لكن لم يتم غلق اي محور طرق استراتيجي.
وقالت ايفيلن راليير بيني وهي تعطل الطريق في جورا (شرق) حيث رفعت لافتة كتب عليها “أغيثوا أمة في خطر”، “نحن هنا، هذا هو الشعب، نحن صغار العاملين، لم يعد بمقدورنا أن نعيش”.
وفي باريس سار خمسون متظاهرا من قوس النصر الى جادة الشانزيليزيه وهم يهتفون “ماكرون استقل”.
واطلق على مجموعات الاحتجاج هذه “السترات الصفراء” في اشارة الى السترة الصفراء المضيئة التي يتعين على كل سائق في فرنسا ان يحتفظ بها في سيارته وذلك بغرض جعله في موضع رؤية أفضل في حال حدوث حادث سير.
وهي تحتج على زيادة سعر الوقود وفرض رسوم عليها على شكل ضريبة بيئية، وأيضا ضد السياسة “الظالمة” للحكومة التي تمس بالقدرة الشرائية.
غير ان أحدا لا يعرف مدى اتساع حركة الاحتجاج حيث انها تبدو تلقائية الى حد كبير.
وقال كيفن دوجاردين (27 عاما) وهو احد المحتجين إن “الحركة غير سياسية وغير نقابية. إنها صرخة عامة لشعب فقد طاقته على الاحتمال”.
وتراوح رد فعل الحكومة في الايام الاخيرة بين التهديد والتهدئة وقال وزير الداخلية ادوار فيليب انه “بالامكان التظاهر” لكن “ليس مقبولا” إغراق البلد في حالة شلل.
وأعلنت الحكومة الاربعاء زيادة المساعدات المخصصة للأكثر فقراً حتى يتمكنوا من تغيير سياراتهم او دفع فواتير المحروقات. وفي اليوم ذاته اعترف ماكرون بشكل غير مسبوق بأنه لم “ينجح في مصالحة الشعب الفرنسي مع قادته” الامر الذي جعل منه أحد شعارات حملته الانتخابية.
-“غضب عام”-
وتأتي حركة الاحتجاج هذه بعد سنة صعبة للرئيس الفرنسي مع تظاهرات ضد برنامج “تغيير” فرنسا الذي طرحه، لكن تلك التظاهرات لم تنجح في وقف عجلة الاصلاحات. في المقابل تراجعت شعبية ماكرون الى ما دون 30 بالمئة وهو أدنى مستوى لها منذ انتخابه في 2017.
في الاثناء تلقت حركة “السترات الصفراء” دعم 73 بالمئة من الفرنسيين بحسب معهد الاستطلاع ايلابي. واوضح فنسنت تيبو مسؤول الدراسات في المعهد ان “54 بالمئة من ناخبي ماكرون يدعمون او يتعاطفون مع هذه الحركة. وهذا امر ليس بالقليل”.
من جانبه قال جيروم سانت ماري رئيس معهد بولينغ فوكس للاستطلاعات “هذا يشكل نجاحا لدى الرأي العام”.
وكتبت صحيفة لوباريزن “سواء كانوا بضعة آلاف او عدة ملايين وسواء تمكنوا من شل البلاد ام لا، لقد نجح أصحاب السترات الصفراء (..) وذكروا قادتنا بان الرسوم البيئية مآلها الفشل اذا تجاهلت الواقع اليومي لمن تخصص لمساعدتهم”.
وراى جيروم سانت ماري ان “هذه الانتفاضة أخطر من سابقاتها لانها تملك القدرة على الاتساع لتشمل اربعة أخماس المجتمع اي كل من يملك سيارة ولديه دخل متواضع”.
وأوضح الخبير “ان ايمانويل ماكرون يواجه صعوبات كبرى أمام شعب الوسط والفرنسي متوسط الدخل الذي لا يشعر أنه محبوب من ماكرون لأن (الرئيس) يجسد نوعا من النخبة الباريسية والاجتماعية والثقافية”.
من جانبه اعتبر فنسنت تيبو ان “صورة رئيس الاغنياء لازالت ماثلة بقوة و(ماكرون) يجد صعوبة في النأي بنفسه عنها”.
وحركة “السترات الصفراء” تجمع بين الغضب والاحباط وهي أيضا “نتيجة اتهامات وتراكم الهفوات” في تصريحات ماكرون عندما تحدث عن الناس العاديين.
واعتبر تيبو ان رفع أسعار البنزين ليس الا “صاعق تفجير (…) فالاستياء عام”.
من جهته راى سانت ماري ان “تراجع شعبية ماكرون يستفحل. وهناك ارضية ملائمة ووقود” جاهز للتفجير.
وعنونت صحيفة ليبيراسيون اليسارية “ضريبة البنزين: القطرة التي جعلت الكيل يطفح”. وكتبت “ان اتساع الحركة يعود لسيبين، ان ماكرون لم يفشل فقط في مصالحة الشعب مع قادته بل انه زاد من الهوة التي تفصلهما”.