نابلس - النجاح الإخباري - أوصى باحثون اقتصاديون ونقابيون، بسن قوانين وعقوبات رادعة للحد من ظاهرة التهريب الجمركي خاصة للمحروقات والتبغ، بالإضافة إلى تخفيف العبء الضريبي على الشركات المرخصة، وتوفير مستودعات وأماكن تخزين للمضبوطات، ومختبر متنقل لفحص السولار، إلى جانب تكثيف حملات التوعية للتجار والمواطنين حول مخاطر استهلاك السلع المهربة والاتجار بها.
جاءت هذه التوصيات خلال جلسة طاولة مستديرة نظمها، اليوم الأربعاء، معهد السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس"، في مقره بمدينة رام الله، تحت عنوان "مخاطر التهريب الجمركي والتهرب الضريبي وأثرهما على الخزينة والسوق الفلسطينية وسبل الحد منهما".
وقال الباحث الاقتصادي في معهد "ماس" مسيف مسيف، إن ظاهرة التهريب والتهرب في حالة تنامي، حيث يقر الخبراء أن حجمها يصل ما بين (30-35%) من قيمة الاستيراد من إسرائيل، أي ما يزيد عن مليار دولار أميركي.
وأوضح في عرضه لدراسة أعدَّها حول الموضوع، أنَّ عدد القضايا الجمركية عام (2017) وصل إلى (5672) قضية، وارتفع العدد في أوَّل (10) أشهر من العام الحالي ليصل إلى أكثر من (6300) قضية، مشيرًا إلى أنَّ الدراسات الصادرة تقدّر قيمة البضائع المهربة من السوق الإسرائيلية خلال عام (2014) بأكثر من (725) مليون دولار أميركي، ما تترتب عليه خسائر مالية للخزينة الفلسطينية بقيمة تصل إلى أكثر من (190) مليون دولار اميركي، فضلا عن الخسائر الأخرى الناجمة عن الاستيراد غير المباشر.
وحول أسباب تفشي ظاهرة التهريب الجمركي والتهرب الضريبي، بيَّن الباحث مسيف أنَّ شروط وشكل العلاقة التجارية مع إسرائيل أدّى إلى تغييب الدور الرقابي، وضعف تطبيق سياسات تجارية، إلى جانب تحكم إسرائيل بالمعابر.
وأضاف: "أدَّت القيود الإسرائيلية على التجارة إلى التوجه للشراء من السوق الإسرائيلية، وبالتالي زيادة نسبة التهريب من السوق الإسرائيلية، إلى جانب غياب القوانين الرادعة، وضعف الإمكانيات البشرية والتقنية واللوجستية، والعبء الضريبي المرتفع، وارتفاع الجمارك على سلع مثل السجائر والتبغ والسولار، والسعي إلى الربح غير المشروع من عدد من التجار، والعامل الجغرافي والسياسي من مستوطنات وعدم السيطرة الأمنية على المناطق المصنفة (ج).
وسلَّط مسيف الضوء على تفشي ظاهرة تهريب المحروقات وخاصة السولار في السنوات الأربع الأخيرة خاصة في مناطق (ج)، حيث وصل عدد النقاط العشوائية إلى أكثر من (90) نقطة، ووصلت نسبة التهريب في السولار بين (17-25%) من الكمية المستهلكة، وتقدّر الخسائر بـ(120) مليون دولار سنويًّا.
ولفت إلى أنَّ هذه الظاهرة إلى جانب آثارها الاقتصادية، فإنَّها تشكّل مخاطر صحية وبيئية ناتجة عن عدم مطابقة السولار للمواصفات والمقاييس، وهو عبارة عن خلط زيت خفيف مع مادة الكاز لاستخدامات التدفئة في المصانع، ولا يصلح لاستخدام المركبات، ويتم بيعه من التاجر الإسرائيلي للفلسطيني بـ (3) شواقل للتر، ويباع بعد ذلك للمستهلك الفلسطيني بـ(4) شواقل للتر، وهذا أقل بـشيقلين من السولار المطابق للمواصفات.
ويعرّف الخبراء التهريب الجمركي بأنَّه إدخال البضائع من دون وثائق رسميَّة، بينما في حالة التهرب الضريبي تتوفر وثائق ولكن بقيم غير حقيقية أو تكون وثائق مزيفة، أو عندما يتم إدخال البضائع عن طريق تاجر غير مسجل، ولكن بشكل عام فإن الدوافع وراء التهرب أو التهريب هي نفسها.
بدوره، عرض مدير دائرة البترول في جهاز الضابطة الجمركية أمجد براهمة، آلية عمل الجهاز في مكافحة ظاهرة التهريب الجمركي ومن ضمنها تهريب السولار والسجائر والتبغ، لأهمية هذه السلع في رفد الخزينة الفلسطينية، لافتا إلى أن طواقم الضابطة تعمل على مدار الساعة لضبط المحطات العشوائية، ولكنها تواجه الكثير من الصعوبات خاصة أن هذه المحطات تتركز في المناطق المصنفة "ج".
وشدد على ضرورة وجود قوانين أكثر حزمًا في التعامل مع قضايا التهريب الجمركي، موضحًا في ذات الوقت أن عددا من التجار الذين تم ضبطهم، جرى تحويلهم للنيابة وتوقيفهم في السجون.
وأشار براهمة إلى عدم جدية الجانب الإسرائيلي في مكافحة انتشار هذه الظاهرة، حيث تجري عملية خلط السولار المهرب وغير المطابق للمواصفات في مناطق مكشوفة بمنطقة "عطروت"، الخاضعة لسيطرة الاحتلال، لافتا إلى أن إسرائيل معنية بضرب اقتصادنا بأي شكل من الأشكال.
وأكد ضرورة دراسة التوزيع الجغرافي لمحطات الوقود قبل منح رخص جديدة، رافضًا أن يتم منح ترخيص لنقاط عشوائية لا تستوفي مواصفات وشروط الترخيص كحل لهذه القضية.
من جانبه، أكد مدير دائرة المكافحة والتفتيش في جهاز الضابطة الجمركية لطفي ناصر، ضرورة إنشاء مختبرات متنقلة لفحص المحروقات في دوريات الضابطة الجمركية، للوصول إلى نتائج سريعة حول مطابقة هذه المحروقات للمواصفات من عدمها، واتخاذ الإجراءات القانونية بصورة مباشرة.
ولفت إلى أن عدم سيطرة الجهاز على كافة المناطق الفلسطينية، وعدم السيطرة على المعابر بشكل كامل، يتيح للمهربين استحداث وسائل وطرق لمواصلة جرائمهم، مؤكدا أن الجهاز استحدث دائرة الاستخبارات الجمركية لجمع المعلومات حول المهربين والنقاط العشوائية والمراقبة عن كثب.
وأشار إلى أن الجهاز يواصل حملات التوعية للمواطنين حول خطورة استخدام السولار المهرب والمخلوط على مركباتهم، مؤكدا ضرورة توحيد جميع الجهود لمكافحة انتشار هذه الظاهرة.
من جهته، قال رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات سهيل جابر، إن ظاهرة تهريب المحروقات وخاصة السولار أصبحت متفشية بشكل كبير، مشيرًا إلى أن الجهات المتضررة من هذه الظاهرة هي خزينة الدولة، والمواطن والتاجر.
وأشار إلى أنه يتم تهريب ما يقارب 30 مليون لتر من السولار المخلوط والمغشوش شهريًا، حيث يتم تصنيعها في شركات إسرائيلية لاستخدامات مختلفة وليس للمركبات، وهي غير خاضعة لضريبة البترول "البلو"، ولكنها أصبحت تباع في محطات عشوائية في الضفة الغربية.
وطالب بتخفيف العبء الضريبي على السولار لينخفض سعره شيقلا واحدا، وبالتالي يصبح سعره قريبا من سعر السولار المخلوط، ما يفسح المجال أمام المواطن لاتخاذ قرار بعدم شراء هذه المواد المهربة.
وكشف أن الجانب الإسرائيلي أعد مشروعا مؤخرًا لفرض ضريبة البلو على المواد التي تستخدم في خلط المحروقات مثل الزيوت وغيرها، موضحًا أن المصادقة على هذا المشروع ستعمل على الحد من انتشار ظاهرة خلط السولار.
وقال إن الدراسات تبين أن عدد محطات الوقود المرخصة في الضفة الغربية تفوق حاجة المواطن، ولكن هناك إشكالية في توزيعها الجغرافي نظرًا لعشوائية منح التراخيص في السابق، رافضًا ذات الوقت منح أي تراخيص للمحطات العشوائية كحل للمشكلة. ودعا إلى الإسراع بسن قانون للهيئة العامة للبترول يكون رادعا للمهربين.