النجاح الإخباري - خلال تلاوة البيان الختامي لمؤتمر الاتحاد البرلماني العربي المنعقد مؤخراً في العاصمة الأردنية "عمّان" ثارت نقاشات واعتراضات من قبل ممثلي بعض الدول العربية حول البند المتعلق "برفض كافة أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي"، عندما أعترض هذا البعض داعياً إلى عدم مناقشته باعتباره شأناً سياسياً يختص به وزراء الخارجية ومؤتمرات القمة العربية، إلاّ أن معظم المؤتمرين الآخرين كان ردهم على أن هذا البند يشكّل جوهر أعمال المؤتمر الذي يجدد التمسك بالمبادرة العربية حول التسوية مع الاحتلال الإسرائيلي في قمة بيروت عام 2002 والتي ترهن أي تطبيع مع العدو الإسرائيلي بالتوصل إلى تسوية تقضي بإنسحاب الاحتلال من كافة الأراضي المحتلة عام 1967 وقيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس وحل عادل للاجئين الفلسطينيين.
.الأمر اللافت في أعمال هذا المؤتمر، نجاح فلسطين ومعها المجموعة البرلمانية العربية في التصدّي للمحاولات المحمومة من قبل بعض الأطراف العربية لإختراق على جبهة التطبيع مع العدو، فالأمر لا يتعلق بصايغاته المراوغة ولا الجمل المخادعة بل وهنا بالمواقف المحددة الحازمة والواضحة، وعنا يمكن التأكيد على ذلك من خلال الموقف الأردني الذي عّبر عنه رئيس الدورة التاسعة والعشرين عندما رفض رئيس البرلمان الأردني عاطف الطراونة الاعتراض على البند المتعلق برفض التطبيع في حين اعتبر رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم أن رفض التطبيع ضرورة قومية ويجب تحريمه بكافة أشكاله الرسمية والشعبية.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه المؤتمر على هذا الموقف الواضع والمحدد من مؤامرة التطبيع فإن ذلك يعبر عن حقيقة المواقف الشعبية العربية الرافضة لكلل أشكاله باعتباره جريمة بحق الشعب الفلسطيني كما هو جريمة بحق كافة الشعوب العربية، وأن بعض المواقف الرسمية اللاهثة وراء التطبيع مع العدو لا تعكس نبض الشارع العربي الذي ما زال داعماً للشعب الفلسطيني ولحقوقه الوطنية.
إن فشل بعض الأوساط العربية في رؤيتها ومبرراتها حول التطبيع من خلال الاعتراض على النص الواضح من جهة، أو الدعوة إلى تجاهله تماماً من جهة أخرى بفضل حرص معظم المؤتمرين على تأكيد هذا البند بنصه الأصلي، فإن من شأن ذلك أن بشكّل ضاغطاً أساسياً على كافة الجهات الرسمية وغير الرسمية المهرولة نحو التطبيع مع العدو وفي الوقت نفسه حافزاً لكل النشطاء على المستويات الشعبية في عموم المنطقة العربية لتعزيز إمكانياتهم في مواجهة عملية الاختراق، وأن الدلالة الأهم لهذا البيان أنه يعكس القدرة على المواجهة وعدم التسليم بالأمر الواقع، وفي هذا السياق فإن نتائج مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي في عمّان تشكل صفعة مباشرة للدولة العبرية كما للدول العربية المتجهة نحو التطبيع ورداً مباشراً على نتائج مؤتمر "وارسو" التي كشفت عن التوجهات التطبيعية لدى بعض الأنظمة العربية، وعليه يمكن القول أن البرلمان العربي وجهة ضربة حقيقية للمحتوى التطبيعي لصفقة القرن الأمريكية-الإسرائيلية.