هاني حبيب - النجاح الإخباري - بعد أربعة وأربعين أسبوعاً من مسيرات العودة الكبرى على تخوم قطاع غزة مع دولة الاحتلال، نعتقد أن الوقت قد حان إلى إجراء تقييم وطني جماعي مسؤول، بهدف مراجعة مدى إسهامها في توجيه رسالة وطنية خالصة من عموم أبناء الشعب الفلسطيني، بضرورة وقوف المجتمع الدولي أمام تنصل دولة الاحتلال من تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وفي الجوهر منها حقه في العودة إلى وطنه وتعويض اللاجئين عن ممتلكاتهم، فضلاً عن حقه في مواجهة الاحتلال الذي يستخدم القوة الفائضة في هذه المواجهات.

لقد بات من الواضح مدى الارتباط بين مسيرات العودة وبتفاهمات التهدئة مع الاحتلال، وفي الجوهر منها ما يسمى المنحى القطرية في سياق فئوي بحيث بات شعار رفع الحصار عن قطاع غزة، على أهميته وضرورة العمل على انجازه متجاوزاً لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين ووحدة الشعب الفلسطيني.

إن رفض حركة حماس لتسلم المنحة القطرية الثالثة ما يؤكد من جديد صحة الاستنتاج أن الاحتلال نجح في تحويل الأبعاد السياسية للصراع مع العدو إلى سياق إنساني وبحيث باتت المساعدات الإنسانية المزعومة، أحد ملفات "الحل الاقتصادي" الذي نادت به إسرائيل والولايات المتحدة طوال الوقت.

لقد بدأت مسيرات العودة الكبرى، كما يعلم الجميع بهدفٍ معلن من قبل منظميها يتمحور حول رسالة واضحة محددة إلى المجتمع الدولي، لأن قرارات الأمم المتحدة حول حق العودة للاجئين الفلسطينيين لا زالت حبراً على ورق وأنه المسؤول عن إفلات الاحتلال من العقاب في الوقت الذي ما زال الشعب الفلسطيني مناضلاً ومقاتلاً لنيل حقوقه، مع ذلك ومع الوقت ومع ربط هذه المسيرات الشعبية بتفاهمات التهدئة "والحل الاقتصادي" على أسس إنسانية مع انزياح الأسس السياسية للصراع، فإننا بتنا نرى أن عملية المراجعة باتت أكثر من ضرورية، ذلك لضمان استمرار مسيرات العودة في سياق أهدافها التي أعلنت لدى انطلاقها قبل 44 أسبوعاً لاستعادة استهدافاتها السياسية بعيداً على توظيفها الفئوي ولضمان المسيرة الكفاحية الوطنية الجامعة، وبما ينسجم مع تطلعات شعبنا الفلسطيني وبما يمنع توظيف تداعياتها في سياق الانتخابات الإسرائيلية القادمة.