وكالات - أشرف العجرمي - النجاح الإخباري - أعلنت لجنة التحقيق الدولية المُستقلّة التابعة للأمم المتحدّة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل، الجمعة 30/9/2023، نتائج ما توصلت إليه والتي تتلخص في أن إسرائيل انتهكت وما زالت تنتهك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير من خلال احتلالها الطويل الأمد واستيطانها وضمها للأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967.
وجاء في الورقة التي نشرتها اللجنة تحت عنوان «العواقب القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية»، وفي إطار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يطلب من محكمة العدل الدولية، إصدار فتوى (رأي استشاري) بشأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، أن «الاحتلال الإسرائيلي، الذي دام 56 عاماً حتى الآن، غير قانوني بموجب القانون الدولي»، مؤكدة أن نتيجة الأعمال غير المشروعة توجب عواقب قانونية على إسرائيل لوضع حد لـ «الفعل غير المشروع دولياً». كما أكدت أن جميع الدول والأمم المتحدة ملزمة بالتحرك بشكل عاجل لوضع حد لهذه الأعمال غير القانونية.
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد منح لجنة التحقيق ولايتها في 27 أيار 2021 للتحقيق «داخل الأرض الفلسطينية المحتلّة، بما فيها القدس الشرقية، وداخل إسرائيل في جميع الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي الإنساني وجميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان التي سبقت 13 نيسان 2021 ووقعت منذ هذا التاريخ».
هذا التقرير ليس الأول بل صدرت تقارير عن تحقيقات دولية سابقة منها تقرير لجنة مجلس حقوق الإنسان الصادر في شهر حزيران من العام الماضي، وتقرير نفس اللجنة في 20 تشرين الأول الماضي، الذي يقول إن هناك أسباباً معقولة تدعو للاستنتاج بأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة بات غير قانوني بموجب القانون الدولي نظراً لاستمراره وسياسات الحكومة الإسرائيلية للضم بحكم الأمر الواقع.
ودعت لجنة التحقيق المؤلّفة من ثلاثة أعضاء الجمعية العامة آنذاك إلى إحالة طلب عاجل يستفتي محكمة العدل الدولية بشأن الآثار القانونية الناشئة عن استمرار الرفض الإسرائيلي لإنهاء احتلالها للأرض الفلسطينية، مشيرة إلى أنه بموجب القانون الدولي الإنساني، فإن احتلال أرض ما خلال الحرب هو وضع مؤقّت ولا يحرم السلطة الواقعة تحت الاحتلال من وضعها كدولة أو من سيادتها.
ناهيكم عن تقرير لجنة غولدستون الصادر في أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة في نهاية العام 2008 وبداية العام 2009، الذي تحدث عن انتهاكات خطيرة قامت بها إسرائيل للقانون الإنساني الدولي، وقانون حقوق الإنسان، والجرائم التي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب.
وطالب بالمحاسبة الدولية على هذه الجرائم والانتهاكات. وهذا ينطبق على قرارات عديدة صادرة عن مجلس حقوق الإنسان والمنظمات الدولية المختلفة، بما فيها قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة التي تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني وتطالب بإنهاء الاحتلال ووقف انتهاك حقوق شعبنا. فالقضية الفلسطينية هي الأولى على مستوى العالم التي تحظى بهذا الكم الهائل من تلك القرارات والتي لم يطبق منها أي شيء.
التقرير الجديد يحتل أهمية بالغة لأنه يتعلق بالتوصية بالحصول على رأي استشاري قانوني من محكمة العدل الدولية بشأن استمرار الاحتلال الإسرائيلي.
وهذا دون شك سيضاف إلى القرار المماثل الذي صدر عن المحكمة بشأن جدار الفصل العنصري العام 2004، كما أنه يأتي في وقت تتولى فيه حكومة أقصى اليمين الاستيطاني العنصري مقاليد الأمور في إسرائيل.
وتواجه تظاهرات واحتجاجات حاشدة ضد سعيها للسيطرة على السلطة القضائية وقلب نظام الحكم في إسرائيل إلى ديكتاتورية كاملة لا تختلف عن غيرها من الدكتاتوريات الفاشية الأخرى.
بعض الخبراء والمحللين الإسرائيليين يتوقعون مستقبلاً مظلماً لإسرائيل في ظل هذه الحكومة، فعدا الشرخ العميق الذي تحدثه في المجتمع الإسرائيلي وخاصة بين اليهود، هي تقرب إسرائيل إلى أن تكون تحت طائلة العدالة الدولية الغائبة تماماً عن كل ما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني وجرائمها ضده. بل إن بعضهم يبشر بقرب نزع الشرعية عن إسرائيل ومحاكمة قادتها بتهم ارتكاب جرائم حرب وانتهاك القانون الدولي.
صحيح أن هناك خيبة أمل فلسطينية كبيرة تجاه سياسة المعايير المزدوجة التي يتعامل بها الغرب في موضوع حقوق الإنسان خاصة في ظل منح إسرائيل حصانة من العقوبات الدولية.
وهذا يظهر بوضوح في سياسة محكمة الجنايات الدولية التي يبني عليها الفلسطينيون آمالاً عريضة، فهي خلال أيام من اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية بدأت التحقيق، وبعد عام أصدرت أمراً باعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
بينما لم تقرر التحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية التي هي مستمرة منذ أكثر من 56 عاماً. وعندما حاولت أن تفعل شيئاً خلال عهد الإدارة الأميركية السابقة تعرضت لعقوبات أميركية منها مقاطعة القضاة ومنعهم من الحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، ولكن لا بديل عن المؤسسات الدولية للتأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني والانتصار للعدالة في نهاية المطاف فهذا أملنا الوحيد.
ومع ذلك دون كفاح فلسطيني مستمر ومتطور ومبدع ميدانياً وسياسياً ودبلوماسياً لا يمكن أن يتحرك الضمير العالمي الذي يعيش حالة سبات فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.