وكالات - عقل أبو قرع - النجاح الإخباري - ازدادت هذه الأيام الشائعات والتكهنات والتوقعات عن احتمال، بل عن احتمال مؤكد، بتغيير أو تعديل حكومي خلال الفترة القادمة، وحتى تم تداول أسماء جديدة لوزراء أو لرئيس الحكومة القادم، أو التكهن ببقاء رئيس الحكومة الحالي، وعن أسباب التغيير أو التعديل، وضخ دماء جديدة، أو جذب الكفاءات، أو التخلص من وزراء لم يكونوا على قدر من التوقعات والكفاءة أو التناغم مع روح الفريق، وما إلى ذلك من أسباب.
وبصرف النظر عن نوعية الحكومة الجديدة أو المعدّلة، وسواء أكانت تضم فصائل برئاسة حركة «فتح»، أو تضم مستقلين أو «تكنوقراط»، أو حكومة فصيل واحد، أو حكومة أي خليط منهما، فإن المواطن أصبح في حالة من المعرفة والوعي، ومن التوقع بأن تعمل الحكومة القادمة على تحديد الأولويات الحياتية الأساسية له، وبالتالي تواجهه بصراحة حول الإمكانيات واحتمالات الحلول، وتعمل من أجل التعامل معها بشكل جدي وعملي وواقعي، بعيداً عن شعارات ومبررات مكررة اعتدنا عليها.
وسوف تعمل الحكومة الجديدة أو المعدلة في ظل الوضع الفلسطيني الحالي القاتم، من أوضاع التشتت والانقسام وفشل جولة الحوار الأخيرة بمدينة العلمين المصرية في إحداث أي اختراق باتجاه إنهاء الانقسام، وفي حالة من الركود الاقتصادي وأزمة المقاصة والرواتب والبطالة وتفشي الفقر وازدياد ظواهر اجتماعية خطيرة، من السرقات والجرائم والاعتداءات، وتعاطي المخدرات والوساطة والمحسوبية وغيرها،، وبالتالي الحاجة إلى حكومة تتعامل بشكل عملي وضمن رؤيا واضحة واقعية لهذه المشاكل اليومية، والأهم تحديد إمكانيات التعامل معها وإيجاد الحلول وإزالة القيود التي تعترض ذلك.
وبصرف النظر عن نوعية الحكومة القادمة أو مدى التغيير مقارنة بالحكومة الحالية، فإن المهم هو وجود الرؤيا الواضحة، وخطة العمل المبنية على جدول زمني وبشكل عملي واقعي، مع مخرجات واضحة قصيرة وبعيدة المدى، وفي إطار علمي من المتابعة والتعلم والتقييم، ومن خلال التركيز على النتائج، وتعتمد على الإمكانيات واحتياجات الناس، بحيث يتم تحقيق الإنجازات التي يريدها المواطن العادي في الشارع، وفي نفس الوقت، فإن الحديث عن حكومة جديدة أو عن غيرها من المسمّيات في ظل عدم وجود مؤشرات أو بوادر لإحداث تغيير إيجابي على الأرض، أو في حياة المواطن اليومية، سيزيد من التبعات والإحباطات والانتكاسات.
ونحن نعلم أنه حين يتم تشكيل أو تعديل حكومة، ومع كل الآمال والتفاؤل الذي يرافق تشكيلها في وقت التشكيل أو التعديل، فإننا ما زلنا في حالة من الجمود الداخلي المتواصل، وفي ظل انعدام أي بصيص أمل أو تفاؤل بالبدء في الإنهاء الحقيقي للانقسام، وفي ظل واقع يترسخ على الأرض، ووضع اقتصادي جامد، ومعدلات بطالة مرتفعة تزيد باستمرار لتتعدى الـ 26%، وفي ظل غلاء الأسعار وازدياد نسبة الفقر لتتجاوز الـ 25%، مع انعدام أي آفاق في التغيير أو التحريك، على الأقل في المدى القريب، فمن المنطقي أن يطرح الناس أسئلة عديدة حول جدوى الحديث عن تشكيل حكومة جديدة أو تعديل الحالية دون خطط عملية للتغيير.
ومع انتظار إذا ما كان هناك من إعلان عن تشكيل أو تعديل حكومي، فإننا نعرف أن وظيفة الحكومة، أو الأداة التنفيذية للسلطة، في كل دول العالم، وكذلك في حالتنا الفلسطينية، هي العمل على توفير الخدمات الأساسية للمواطن، من صحة وتعليم وأمان واستقرار وسلامة، وفي أوضاعنا الخاصة، العمل على تثبيت وجود المواطن في الأرض، وتحقيق الحياة الكريمة والاحترام له. وكذلك من خلال خلق الفرص والظروف وتوفير الإمكانيات وتسخير المصادر لإيجاد فرص عمل وتشغيل وإنتاج وتصدير، والعمل على تحقيق نوع من الأمن الغذائي والدوائي، سواء من خلال دعم القطاعات الإنتاجية، مثل الزراعة والصناعة وبأنواعها، وكذلك حماية الموارد الطبيعية، التي دونها لا يمكنه العيش بشكل سليم والتقدم والتنمية، أي حماية البيئة الفلسطينية التي فيها يحيا، من أرض وهواء ومياه وغذاء، والتعامل بأولوية مع تداعيات التغيرات المناخية التي تعصف بنا هذه الفترة.
ورغم الاحتياجات الملحّة للمواطن، إلا أنه لم يعد مبالياً كثيراً ولم يعد يرفع سقف التوقعات عالياً، مثلما كان الواقع خلال جولة الحوار الأخيرة لإنهاء الانقسام، ولكن ما يهمه كمواطن عادي هو مدى ما سيؤدي إليه هذا التشكيل أو التعديل الجديد من تغيير في الوضع الحالي وكذلك في حياته اليومية، وبالشكل الإيجابي التي يتوقعه من خلال التغيير.
وبالتالي، فإن أي تغيير أو تعديل في الأشخاص، وبالأخص في حقائب وزارية مهنية حياتية، بعيدة عن حقائب السياسة أو السيادة، من المفترض أن يتم من خلال ضخ الكفاءات المتخصصة، ومن المتوقع أن يتبعه تغيير في سلّم الأولويات وبرامج العمل أو في سياسات وخطط، بحيث تؤثر بشكل إيجابي على غالبية المواطنين، وبشكل يضع المواطنين وتوجهاتهم كأولوية في عمل الحكومة، بعيداً عن التجاذبات والمناوشات والمزايدات، وبصرف النظر عن اسم رئيس الحكومة القادم أو أسماء أعضاء الحكومة، أو النوعية أو الصيغة الائتلافية التي ستقوم عليها.