وكالات - ريما كتانة نزال - النجاح الإخباري - تعزز حضور الصحافيات الفلسطينيات في نقابة الصحافيين عقب الانتخابات الأخيرة، عبر وصول تسع عشرة صحافية إلى عضوية المجلس الإداري المؤلف من 63 عضواً، وبما يعادل نسبة 30% من الصحافيات، وأيضا من خلال وصول 6 عضوات في الهيئة القيادية الأولى للنقابة (الأمانة العامة)، وبنسبة 29% من قوامها تقريباً. وعليه، اقتربت نقابة الصحافيين من تطبيق قرار المجلسين الوطني والمركزي في منظمة التحرير الفلسطينية الداعي لتمثيل المرأة بنسبة 30%، وهو إنجاز مهم يمكن أن يكون له تأثير على باقي النقابات للاقتداء به.
لكن، إذا ما دققنا في الأمر واقتربنا من اللائحة الداخلية للنقابة، سنجد أن الصدفة المحْضة قد وقفت خلف صعود الصحافيات إلى عضوية الأمانة العامة والمجلس الإداري، والمتمثلة بتقدم قائمة واحدة للترشح لخوض الانتخابات ونجاحها بالتزكية. واقترن ذلك مع وجود المادة 40 من النظام الداخلي المعمول به في النقابة، التي تنص على وجوب تضمين القائمة المرشحة لخوض الانتخابات ما لا يقل عن ثلاثين بالمئة من مرشحيها للصحافيات ضمن ترتيب يدرج «واحدة على الأقل من بين الثلاثة أسماء الأولى وواحدة على الأقل من بين كل أربعة أسماء تلي ذلك».
ولكي نضمن استدامة وتأكيد التمثيل النسوي بالنسبة المشار إليها في المادة 40، يقتضي حكماً    العمل على تعديل النظام الداخلي والانتقال بالنص من ضمان الترشح في القوائم المرشحة بنسبة 30% من إجمالي القائمة المرشحة، إلى ضمان التمثيل بذات النسبة في نتيجة الانتخابات. وهذا التحديد في النص أساسه أن النظام الداخلي سكت عن تمثيل واضح للمشاركة الرقمية ولم يحصِّنها من خلال النص على وجوب تمثلهن بالنسبة المذكورة، وهو ما ينبغي على الأمانة العامة الجديدة أن توليه اهتمامها مستقبلاً من أجل تعديله وإصلاحه، لكي لا يحصل أي نكوص أو تراجع في نسبة التمثيل عما تحقق راهنا، ولا سيما أن جميع القوائم في حال ترشح أكثر من قائمة تدرج عادة رجلاً لترؤسها، وفقا للمنظور الثقافي السائد والتجاذبات الحاصلة في تحديد الأفضلية، وهو ما يخل بتجسيد نسبة المشاركة، لذلك يقتضي النص بشكل واضح على تحقيق نسبة الكوتا المقرة في نتيجة الانتخابات وليس الترشح فقط.  
ولا نأتي بجديد حين نقول، إن الإعلام يلعب دوراً حيوياً في تشكيل الرأي العام، وهو ما ينبغي على النقابة أن تدرسه جيداً بشكل منهجي وقِيَمي، وأن تضع الخطط الضاغطة على راسمي السياسات في المؤسسات الإعلامية بشكل خاص وعلى الإعلاميين والصحافيين عموماً، لكي يرتقوا بالوعي العام في قضايا النوع الاجتماعي ولعبهم الدور المهم في زيادة الوعي حول العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي على سبيل المثال، ومن أجل التصدي للمواقف والصور النمطية السلبية الثقافية والاجتماعية في المجتمع تجاه المرأة، والعماء الجندري السائد في الإعلام المنحاز لصالح الرجل وإعطائه المساحات الواسعة في التغطيات الإخبارية بينما تعطي النساء مساحات متواضعة في الظهور والمحتوى أمر يستحق النقد والتصويب.  
وبنظري أن التحدي الأكبر في رسم سياسات إعلامية مناصرة وحساسة للنوع الاجتماعي يكمن في دور الصحافيات، اللواتي وان تعزز حضورهن في النقابة من الناحية العددية التمثيلية، فإن المطلوب منهن امتلاك خطة تغييرية تراكمية لتعزيز سياسات إعلامية تعكس أهدافا وأجندة حقوقية وثقافية تغييرية محددة ومفصلة على أساس النوع الاجتماعي، وان تكون هذه الخطة قابلة للتنفيذ والتمرحل، وتوفير آلية للرقابة على التنفيذ ويُعمل على مراجعتها وتقييمها دورياً لتطويرها، بما يستهدف التغيير الخارجي للبيئة المحيطة، والتغيير الداخلي في النقابة على صعيد مواءمة البيئة الداخلية لتصبح مهيأة لتقبل حضور المرأة وتذهب لانتخابها دون كوتا بتحقيق العدالة والمساواة، وكلا الهدفين متداخل ويخدم كل منهما الآخر.
ما ننتظره فعلا من الصحافيات في المجلس الإداري والأمانة العامة بمساحتهن الجديدة، فتح كوة جديدة في جدار الثقافة التقليدية النمطية للمرأة، ووضع خططهن الطموحة بشكل عام والتنسيق مع الحركة النسائية في المساحة المشتركة في العمل. وكذلك تظهير بصمتهن الخاصة في البعد الاستراتيجي على واقع النقابة ومستقبلها، وإيلاء الاهتمام للصحافيين والصحافيات الشباب لرفع وعيهم بقضايا المرأة وحقوقها والمصطلحات الحساسة للنوع الاجتماعي وتوطينها، خاصة في مرحلة تختلط فيها المفاهيم ويتم تشويهها وشيطنتها وتصنيفها كمصطلحات دخيلة على اللغة وعلى ثقافة المجتمع.
في المحصلة، لا شك بأن القطاع الإعلامي بكل مسمياته وتعبيراته وتوجهاته، يُعد واحدا من أهم القطاعات المؤثرة في الرأي العام، والقادرة على إحداث التغيرات والتحولات، في الثقافة السائدة والمنظور المجتمعي سلبا أو إيجابا، وتغليب الإيجابي يتطلب خطة ورؤية واضحة لا لبس فيها تجاه قضايا النوع الاجتماعي وعموم نظام المجتمع، من خلال التأكيد على ثقافة التعدد السياسي والثقافي وحماية والدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان وقيم العدالة الاجتماعية والمساواة ورفض التمييز وقبول الاختلاف والتنوع، واجتثاث ثقافة الإقصاء والتعالي والتنمر وشيطنة الآخر لمجرد الاختلاف، فهل ستكون المرأة في نقابة الصحافيين بمستوى هذه التحديات والأعباء؟؟ وهل ستنجح في المواجهة؟ أسئلة برسم الإجابة ستتضح معالمها وآفاقها في قادم الأيام.