وكالات - توفيق أبو شومر - النجاح الإخباري - قرأتُ يوم 5-5-2023 خبراً عن وصول الرجل الصيني البارع (جاك ما) إلى إسرائيل وهو مؤسِّس شركة التسويق الرقمية، "علي بابا"، وهو أبرز الخبراء في مجال تكنولوجيا المعلومات، يملك عدداً من الشركات المعلوماتية الكبرى، كنتُ أظنُّ أن وصوله لإسرائيل لغرض الزيارة، غير أن وصوله لإسرائيل هذه المرة له صفةٌ أخرى، سيصبح بروفيسوراً في جامعة تل أبيب!
جاك ما الصيني يملك ثروة كبيرة، تبلغ 235 مليار$ صُنِّف العام 2017 في المرتبة الثالثة ضمن خمسين شخصية ثرية في العالم، كان بروفيسوراً في جامعة طوكيو!
قال عنه البرفيسور أريل بورات رئيس جامعة تل أبيب: "انضمامه إلى طاقم الأساتذة مكسب كبير سنستفيد منه ومن تجربته"!
هذا الخبر أعادني مرة أخرى للكتابة عن دور الجامعات في النهضة بمختلف أقسامها، النهضة السياسية والاقتصادية والاجتماعية!
لم يعِ كثيرون بعدُ أهمية الجامعات والمعاهد ودورها في النهضة السياسة والاقتصاد، للأسف ظل كثيرٌ من الجامعات في عالمنا العربي هيئاتٍ ووزارات حكومية، أو شركات تجارية، أو منظمات حزبية، لا تنتج بواعث التقدم والرقي، بل تتغذى على جسد الوطن، وترتزق من جيوب الفقراء والمعدمين، وهناك جامعات أخرى خطيرة هدفها اكتشاف المواهب وتهجيرها من الوطن، إن كثيراً من جامعاتنا كانت هي السبب في إنتاج الأزمات الاقتصاد والسياسة لبلدانها، لأنها قَصَرَتْ عملَها كدفيئات لمنح الشهادات وتخريج الموظفين ممن يُنهكون دولهم، ويُصبحون أبناء الميري، ويغفون في حضن دولهم النائمة!
دائماً أكتب عن هذه المأساة، وأذكِّر المختصين باقتباس نموذج الجامعات الإسرائيلية وهي جامعات لا تتشابه في مقرراتها وفي أساتذتها، فجامعة تل أبيب المختصة بعلوم التكنولوجيا وإعداد الدارسين لفهم المحيط الخارجي، تختلف عن جامعة بن غوريون في النقب المتخصصة في الحداثة التاريخية، أما جامعة بار إيلان فهي لدراسة التاريخ الصهيوني الديني، أما جامعة أرئيل فهي جامعة مختلطة تشمل كل الأطياف، أما الجامعة العبرية فهي جامعة المخطوطات والملفات والأرشيفات، أما جامعة هرتسيليا سابقاً، ورايخمان حالياً فهي لإنتاج الأفكار الحديثة وتعزيز التلاقُح الفكري بين مفكري العالم، أما جامعة حيفا التكنولوجية فهي أيضا لإنتاج الإبداعات بمختلف أشكالها وأقسامها!
كل الجامعات السابقة تتنافس في استقطاب الخبرات والكفاءات، وتجتذب إلى صفوفها كل البارزين والمفكرين والمبدعين، لأن إغراءهم بالمال لا يُساوي شيئاً نظير ما يقدمونه من خبرة، تقود المجتمع للتطور والنهوض!
أعادني، جاك ما مؤسس موقع على بابا الإلكتروني إلى إنجاز برفيسور إسرائيلي اسمه، رون روبن رئيس جامعة حيفا، وأستاذ التاريخ في جامعة نيويورك، كيف فرش البساط لاتفاقية التطبيع بين إسرائيل والإمارات منذ سنوات طويلة عبر برنامج اسمه (عواصم الأفكار) في جامعة نيويورك، وأبو ظبي وحيفا، وكان هو رأس الحربة لتوقيع اتفاقية أبراهام 13-8-2020، رافق نتنياهو في زيارته للصين العام 2017 لتوقيع عدة اتفاقيات في مجالات تكنولوجيا المعلومات!
ولا أنسى أيضاً كيف استقطبت إسرائيل، جيمي والس، مؤسس الويكبيديا وهي جامعة العالم المفتوحة. جيمي والس اعتاد زيارة إسرائيل عشرات المرات، وهو يتيح المجال لمئات الإسرائيليين من محرري صفحات الويكبيديا وهي الأكثر تأثيراً في العالم!
ما أكثر أسماء الجامعات في عالمنا، وما أكثر خريجيها، غير أنها لا تخضع للمقاييس العالمية، ولا يمكن أن توضع في لوائح الجامعات المؤثرة، مثل مقياس جامعة شنغهاي، ولندن وغيرها!
إن المقاييس الرئيسة للجامعات وفق جامعة شنغهاي تعتمد مائة درجة نهائية للتقييم، فهي تمنح عشر درجات للمناهج التعليمية في الجامعة، وأربعين درجة لكفاءة أعضاء هيئة التدريس، وتمنح عشر درجات أخرى لفروع الجامعة وامتداداتها، ثم تمنح أربعين درجة لتأثير الجامعة في مجال الأبحاث والدراسات المحكّمة في العالم!