وكالات - مهند عبد الحميد - النجاح الإخباري - تحت شعار إنقاذ مستقبل الأبناء والعملية التعليمية، تعددت المبادرات لحل الأزمة، كمبادرة الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان والمؤسسات التربوية والحقوقية والنقابية ومجلس أولياء الأمور التي انبثقت عنها لجنة مبادرة حل الأزمة، ومبادرة المجلس الثوري لحركة فتح، ومبادرة ائتلاف أمان.
هذه المبادرات وغيرها تبعث جميعا على الأمل بتحقيق انفراجة تفتح الطريق أمام عملية إصلاح وتصويب التعليم.
تستند اللجنة إلى 5 مطالب: 1- دمقرطة اتحاد المعلمين وتشكيل جسم خاص بمعلمي الحكومة. 2- مهننة التعليم وتحويل التعليم العام إلى مهنة وإنجاز هذه العملية ضمن نظام خاص ينجز خلال عام. المقصود هنا إصدار قانون حماية المعلم. 3- زيادات على طبيعة الراتب 15% وجدولة المستحقات. - التزام المعلمين بتعويض الطلبة عن ما فاتهم من دروس. 5- إلغاء جميع الإجراءات العقابية.
يقول بيان لجنة مبادرة حل الأزمة إنه جرى تقدم مهم في تطبيق بنود المبادرة، إلا أنه للأسف لا تزال الفجوة قائمة بين ما يتطلع إليه المعلمون وما تم تحقيقه.
فرغم الخطوات الملموسة التي حصلت على صعيد دمقرطة الاتحاد من خلال تصويت المجلس المركزي لاتحاد المعلمين على التعديلات التي أوصت بها لجنة الدمقرطة، إلا أن الاتحاد ما زال مطالبا بتحديد جدول زمني واضح بما يضمن إنجاز انتخابات فروع الاتحاد قبل نهاية العام الدراسي الحالي.
يضيف البيان: "ومع أن الحكومة قد تجاوبت جزئيا مع بند علاوة طبيعة العمل، من خلال الموافقة على إدراج العلاوة على قسيمة الراتب، وصرف جزء منها (5%)، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لإنهاء الأزمة وانتظام العملية التعليمية. ودعا البيان الجميع خاصة الحكومة، لإبداء مزيد من المرونة وإعادة النظر في بعض المواقف، وأكد على مواصلة بذل كل الجهود مع جميع الأطراف والجهات المعنية للخروج من هذه الأزمة وعلى أن الحوار هو الطريق الوحيد للخروج من الحالة القائمة.
أما مبادرة المجلس الثوري لحركة فتح فقد دعت إلى دمقرطة اتحاد المعلمين، وعقد مؤتمر عام للمعلمين خلال ثلاثة شهور لإجراء الانتخابات، وبحد أقصى حتى الأول من أيلول المقبل.
ووضعت المبادرة آلية لصرف علاوة الـ 15 % التي يطالب بها المعلمون بصرف الـ 5% خلال راتب الشهر الحالي (راتب شهر آذار و 5% الثانية تصرف على راتب شهر حزيران وتصرف الـ 5 % المتبقية من العلاوة المطلوبة في راتب تشرين الأول المقبل. رفض حراك المعلمين المبادرة بسبب "عدم تناولها كافة القضايا الواردة في اتفاقية أيار 2022". كما جاء في بيان الحراك.
مبادرة أمان ركزت على الجانب المالي حين دعت إلى تخصيص مبلغ مناسب من أرباح صندوق الاستثمار وتحويله للخزينة العامة كسلفة لمدة ثلاث سنوات تسترد من الأرباح وتخصص لحل أزمة المعلمين. وتوجهت بمبادرتها للرئيس أبو مازن ولرئيس صندوق الاستثمار محمد مصطفى. السؤال الذي يطرح نفسه لماذا فشلت المبادرات ومن يتحمل مسؤولية استمرار الأزمة؟ من يخسر ومن يربح؟
أزمة المعلمين جزء من المأزق السياسي الطاحن، وجزء من أزمة النظام والمؤسسة الفلسطينية بما في ذلك نظام التعليم بمناهجه وسياساته وإدارته. بنية النظام بما في ذلك بنية التنظيمات التي بقيت دون إصلاح من داخلها وخارجها على حد سواء.
ومنذ استعصاء إصلاح البنية الفوقية للنظام، بات الإصلاح في البنية التحتية هو السبيل الوحيد للتغيير نحو الأحسن. لا يمكن فصل أزمة المعلمين عن أزمة المؤسسة الرسمية والمؤسسات غير الرسمية. ومن المنطقي أن ترتبط عملية إزالة الغبن عن أي قطاع من القطاعات وبخاصة قطاع التعليم، وتحقيق مستويات من العدالة برؤية تحررية ومنظومة قيم تحترم الإنسان وحقوقه وتعتمد المعايير المهنية والأخلاقية وتمارس الديمقراطية وتخرج من إسار العصبيات والتخلف.
المطالب الخمسة المحقة لا ترتبط برؤية حاضنة وضامنة لها، الخطاب الذي تقدمه قيادة الحراك يركز على المظلومية ولا يحدد موقفا من نظام وسياسات ومناهج التعليم التي انتجت الأزمة وستستمر في إنتاجها إذا بقيت المطالب منفصلة عن جذر المشكلة.
لا ينبغي كسر المعلم ومعاقبته وكسر إرادته، لأن مثل هذا العمل سيصيب في مقتل كرامة كل مواطن، وسيلحق الأذى بالأجيال التي تتلقى العلم.
ولا ينبغي للمعلمين الذين يقودون الإضراب ويواصلون طرح المطالب البقاء في الظل أو المجهول، بدعوى أنهم سيتعرضون للقمع والانتقام والعقوبات.
هذا السبب غير مقنع. لماذا قاد محامون الإضراب وأفصحوا عن مطالبهم وفاوضوا وأنجزوا مطالب في غاية الأهمية وسط إعجاب المواطنين، كذلك فعل الأطباء والمنظمات النسوية، النقابات لها رموز نقابية والاتحادات وكل الحركات الاجتماعية والأحزاب المعارضة لماذا يشذ المعلمون عن هذه القاعدة. إن أحد مطالب المعلمين انتخاب اتحاد معلمين ونقابة معلمين، كيف ستختار القاعدة ممثليها لماذا لا تتعرف عليهم.
بمثل ما لا ينبغي كسر المعلم لا ينبغي أيضا كسر الطلبة وكسر طلبة التوجيهي على نحو خاص وكسر العائلات التي تعتبر رأسمالها الوحيد هو تعليم أبنائها.
حتى الآن لا توجد حساسية تجاه الطلبة وعائلاتهم في الخطاب المقدم من قيادة الحراك الموحد ومن غير المعقول التشكيك المطلق في مجلس أولياء الأمور ومطالبه بوقف الإضراب والتعامل معه كصنيعة للسلطة، هذه التهمة لا تنطبق على قاعدة المجلس.
لا يمكن تحقيق المطالب مرة واحدة في واقع مليء بالتشوهات.
ما يهم ضمان الخطوات اللاحقة، ولا شك في أن انتخاب اتحاد معلمين ديمقراطي يشكل ضمانة لمنع أي إجراء تعسفي وضمانة لتحقيق المطالب الأخرى.
اتحاد معلمين ديمقراطي لا يستثني قطاع غزة بمعلميه وطلابه، لا يمكن النضال من أجل الحريات في الضفة الغربية دون مشاركة الجزء الحيوي من قطاع المعلمين الموجود في قطاع غزة والذي يعاني أشد أنواع المعاناة.
مطلوب وقف التدهور وعدم إضافة أعباء أخرى. لم تشرح الحكومة خطتها لحل الأزمة غير تأمين قرض من البنوك لشهر واحد وانتظار الدعم ومؤتمرات المانحين. ومعروف أنها أخفقت في تأمين رواتب كاملة لأهم قطاعين في المجتمع الفلسطيني: التعليم والصحة.
لم تقل إنها طرقت كل الأبواب وقلبت كل حجر وطرحت المشكلة على أجندات عربية وعلى الرأسمال الوطني الفلسطيني، لم تقدم خطة تغير فيها الأولويات للتعليم والصحة، ولم تتبن سياسة تقشف وتوفير واقتطاعات لدعم القطاعين المنكوبين. لم يعد العجز مبرراً. ولم يعد استمرار تعطيل العملية التعليمية مبرراً.