وكالات - مهند عبد الحميد - النجاح الإخباري - أكد القادة - في القمة الصينية - العربية - على ضرورة التوصل لحل عادل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود العام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية. ووقف الاستيطان وكافة الإجراءات الأحادية، واحترام الوضع التاريخي القائم في مدينة القدس ومقدساتها. وأكد بيان القمة على ضرورة تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية والصين القائمة على التعاون الشامل والتنمية. هذا ما ورد في البيان الختامي الصادر عن القمة الصينية العربية.
يأتي هذا الموقف العربي، على خلفية فشل الاحتكار الأميركي لعملية سياسية وعدت بإيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ العام 1991، ونكثت بكل وعودها، وكانت النتيجة مضاعفة الاستيطان ومفاقمة الصراع، وتوفير غطاء أميركي للتوحش الاستعماري الإسرائيلي. وما يعنيه ذلك من تثبيت سيطرة نظام أبارتهايد استعماري في المنطقة وكبح حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
وكان آخر المواقف الأميركية الكابحة للحل السياسي ممارسة الضغط لمنع تحديث لائحة بالشركات العالمية العاملة في المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضٍ فلسطينية، وذلك استجابة للقرار العالمي الصادر عن مجلس حقوق الإنسان الذي دعا إلى إنشاء قاعدة معلومات لجميع الشركات العاملة بالمستوطنات الإسرائيلية، من أجل دعوتها للتراجع عن العمل في المستوطنات غير المشروعة بحسب القانون الدولي.
النتائج الكارثية للاحتكار الأميركي للعملية السياسية، تدفع فلسطين وقوى عربية أخرى للبحث عن حلفاء وأقطاب أخرى، فقد سبق القمة الصينية العربية انعقاد مؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني وقادة 80 حزبا ومنظمة سياسية من 17 دولة عربية ومبعوثين دبلوماسيين من عدد من الدول العربية. عقد المؤتمر تحت شعار "العمل معاً لبناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك في العصر الجديد".
وأكد مسؤول صيني في كلمته أمام المؤتمر "أن الصين تواصل العمل لتقديم مساهمات جديدة للسلام والتنمية العالميين ولتقدم الحضارة الإنسانية. وقد تميزت الصين تاريخياً بدعم القضية الفلسطينية، سواء عبر تصويتها على القرارات الدولية المؤيدة للحقوق الفلسطينية المشروعة وكذلك القرارات المناهضة للاحتلال والاستيطان، أو عبر دعم الثورة الفلسطينية إبان صعودها، ودعم وكالة “الأونروا” المتخصصة بشؤون اللاجئين الفلسطينيين.
وفي العام 2017 تقدمت الصين بمبادرة لحل القضية الفلسطينية - حل الدولتين -، ودعت إلى التنفيذ السريع لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334، ووقف جميع الأنشطة الاستيطانية، وحماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.. وكان كثيرون قد عولوا على تغيير النظام الدولي من نظام القطب الواحد إلى نظام متعدد الأقطاب، في أعقاب احتلال روسيا لأجزاء كبيرة من أوكرانيا. ورأوا أن النظام الدولي المتعدد الأقطاب سيتيح فرصة جديدة أمام الشعوب للتحرر من الوصاية الأميركية وعلاقات التبعية لها.
المصالح الاقتصادية المتبادلة كانت العنصر الأساسي الذي جمع الصين بالدول الخليجية، وهو مبدأ سائد في إطار علاقات السوق والنظام النيو ليبرالي.
هذا المبدأ الذي يدفع الدول والشعوب الفقيرة خارج المعادلة وخالية الوِفاض باستثناء الكلام المعسول والوعود بلا رصيد.
من يقارن بين مؤتمر الأحزاب العربية والحزب الشيوعي الصيني الدورة الثالثة والقمة الصينية الخليجية سيجد الفارق بين المصالح والوعود.
نقطة لقاء أخرى جمعت الصين مع الدول العربية أتى على ذكرها البيان الختامي وهي: "احترام سيادة الدول ورفض التدخل في شؤونها الداخلية بذريعة الحفاظ على الديمقراطية، واحترام خصوصية الشعوب وحقها في الاختيار دون وصاية أو تدخلات خارجية، ورفض تسييس قضايا حقوق الإنسان".
يفهم من ذلك أنه لا يجوز نقد قمع المجتمع المدني ومصادرة حقوق الإنسان، وشطب الحريات العامة والفردية والحق في التعبير، واضطهاد نصف المجتمع. فأي نقد لهذه الانتهاكات من وجهة نظر المؤتمرين يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية، ومسا بالخصوصية.
كان هذا كعب أخيل البيان الختامي للقمة الصينية - العربية. أما التعامل مع الصين كشريك اقتصادي وتجاري، وتسعير عقود النفط بالعملة الصينية وتجاوز واقع أن الدولار الأميركي هو العملة المتداولة في أسواق الطاقة. لا شك في أن البند الاقتصادي في القمة والاتفاقات الخاصة به استفز الولايات المتحدة لأنه شكل اختراقا اقتصاديا صينيا للعلاقات الأميركية الخليجية بمثل ما شكل اتفاق أوبك اختراقا روسيا لتلك العلاقات. كما عبر عن ذلك المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي بالقول، إن الصين تحاول مد نفوذها إلى الشرق الأوسط وتعزيزه. وأضاف إن الصين غير معنية بالمحافظة على نظام دولي يستند إلى القواعد.
من المفترض أن يكون في التعدد نجاح غير أن مقياس النجاح في الاتفاقين يحسب بمدى خدمته لمصالح الشعوب. فإذا كان ربحا صافيا للأنظمة، فإن التعدد والانفتاح لا قيمة له. وإذا ما تشارك الأقطاب المتعددون مع القطب الواحد في الصفات الأساسية وإذا ما ميز الأقطاب الجدد حالهم باللا ديمقراطية والاستبداد، يتحول الصراع صراعا على الربح والنفوذ والهيمنة والجشع.
إذا ما عدنا إلى موقع فلسطين في الاصطفافات الإقليمية والدولية الجديدة، سنجد حضورا سياسيا، من زاوية تأييد الحقوق الفلسطينية المشروعة، ومن زاوية رفض الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية، ومن زاوية بعض الدعم المادي. لكن هذا الدعم لا يرقى إلى المساهمة في ترجمة الحقوق التي لا يمكن لها أن تتحقق بمعزل عن ممارسة الضغوط الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية على دولة الاحتلال، وبمعزل عن دعم جدي لنضال الشعب الفلسطيني. أما سياسات توطيد العلاقات الاقتصادية والأمنية والتكنولوجية مع دولة الأبارتهايد الاستعماري، والتغاضي عن حقيقة ممارستها للتطهير العرقي وارتكابها جرائم حرب يومية، وحصارها الاقتصادي للشعب، والتغاضي عن دوسها على القانون الدولي وقرارات الشرعية، وممارستها لضم الأراضي الفلسطينية وتهويد مدينة القدس، فكل هذا لا يزول ولا يتوقف ببيان يؤكد للمرة بعد الألف على حل عادل، أو حل الدولتين. الأقوال لا تسمن ولا تغني من جوع وبخاصة عندما تتحول إلى بديل عن مواقف فعلية.
تفسر الأقوال بلا أفعال أن فلسطين المنكوبة بأطول احتلال لا تستطيع مبادلة المصالح بمصالح. لأنها لا تملك مثل تلك المصالح المتداولة، لذلك تُستخدم غطاء لأصحاب المصالح كما يرد في البيانات والقرارات.
عندما يبلغ التبادل التجاري بين إسرائيل والصين 10.68 مليار دولار في العام 2022 أقل بـ 3 ملايين دولار من التبادل مع الولايات المتحدة، وعندما يزدهر التبادل التجاري بين الدول الخليجية ودولة الاحتلال، تكون قيمة فلسطين الفعلية فقرة تأييد في بيان القمة المشفوع بقليل من الدعم. ويكون من الواجب إعادة النظر في حالنا.