وكالات - أشرف العجرمي - النجاح الإخباري - بدأ الرئيس الأميركي جو بايدن زيارته للمنطقة، حيث وصل إسرائيل ليلتقي رئيس الوزراء يائير لابيد، مع أن جدول لقاءاته بقي إلى الأمس غير مكتمل ومحدد بدقة. ثم سيلتقي الرئيس محمود عباس، وسيغادر إلى السعودية وهناك يلتقي زعماء دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى مصر والأردن والعراق. وبالرغم من تعدد لقاءات بايدن إلا أن أهم لقاء بالنسبة له هو الذي سيتم مع القادة السعوديين وخاصة ولي العهد محمد بن سلمان. والذي يأتي بعد تراجع الرئيس عن تصريحاته التي أطلقها بحق السعودية قبيل الانتخابات بأنه سيجعل السعودية منبوذة وسيمتنع عن مقابلة الأمير محمد بن سلمان وأنه سيحاسبه على مقتل الصحافي جمال الخاشقجي.
بايدن يشعر بالإحراج من الزيارة المقررة للسعودية ولكنه مضطر إليها جداً، لأن مصيره أصبح على المحك بعد انخفاض شعبيته لدى الجمهور الأميركي إلى مستويات متدنية جداً لرئيس في الحكم، وهذا سيلقي بظلاله على الانتخابات النصفية للكونغرس في شهر تشرين الثاني المقبل، حيث من الممكن أن يفقد الديمقراطيون الأغلبية كرد فعل للمواطنين تجاه سياسة بايدن وغلاء الأسعار وخاصة الوقود والتضخم الكبير. وزيارته للسعودية هي أشبه باعتذار مرتبك على مواقف لم تعد قائمة أو ممكنة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الناجمة عن الحرب الروسية - الأوكرانية وفرض العقوبات على موسكو.
في مقاله الذي نشر في صحيفة "واشنطن بوست"، يوم الأحد الماضي، حاول الرئيس بايدن أن يسدل شيئاً من الغموض حول هدف زيارته وتحدث عن ملفات عديدة منها تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع السعودية، دون التركيز بشكل خاص على موضوع النفط. مع أن الجميع يدركون أن الهدف الرئيس للزيارة هو إقناع السعودية بضخ المزيد من النفط في الأسواق لتخفيض أسعاره علّ هذا ينقذه من خسارة الانتخابات المقبلة. والواقع أن بايدن يريد استخدام السعودية في مواجهته مع روسيا والصين، وهذا ملف شائك للغاية لأن السعودية مرتبطة باتفاق "أوبك بلس" الذي يوزع حصص إنتاج النفط بين الشركاء وهي أيضاً تستفيد من غلاء أسعار الوقود. كما أنه تربطها علاقات وطيدة مع الصين وإلى درجة ما مع روسيا، وليس من مصلحتها خلق توترات معهما قد تؤثر على سلوكهما تجاه الخلاف الإيراني - السعودي. وليس واضحاً ما الذي سيقدمه للسعودية في المقابل، سواء في موضوع بيع السلاح للسعودية لمساعدة الاقتصاد الأميركي أم التحالفات العسكرية الجديدة، فهل سيعرض على السعودية معاهدة دفاع مشترك مثلاً، أم سيكتفي بالمساعدة في خلق حلف جديد من دول عربية وإسرائيل في مواجهة إيران. وكيف سيبدد قلق السعودية من احتمال العودة للاتفاق النووي مع إيران وهو بالأساس قلق مشترك لإسرائيل وبعض الدول العربية خاصة أن إيران استقبلت بايدن بالإعلان عن تخصيب جديد لليورانيوم إلى درجة 20%؟
هناك شكوك كبيرة في إمكانية نجاح بايدن في حل أزمة النفط العالمية، وهناك تقديرات بأن السعودية لو زادت إنتاجها من النفط فلن يحدث تغير كبير في سوق الطاقة، ولكن لا توجد لديه خيارات كثيرة عدا المحاولة التي قد تفضي إلى تحسن ما، أو تقنع الجمهور الأميركي بأن الرئيس فعل ويفعل كل ما يستطيع لحل المشكلة التي تثقل على جيوب المواطنين والتي ستجعلهم يستقبلون شتاءً بارداً ومكلفاً جداً.
حديث بايدن عن الملفات الأخرى كان شكلياً، فعلى سبيل المثال، ما قاله حول العلاقة مع الفلسطينيين من أن إدارته أعادت العلاقة الأميركية - الفلسطينية وأنها حررت 500 مليون دولار من المساعدات، وأن لابيد تحدث مع الرئيس أبو مازن، ولكنه لم يقل هل سيفتتح القنصلية في القدس، وهل سيتم فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وهل هناك حديث عن أفق سياسي، خاصة في ظل حكومة إسرائيلية انتقالية وذهاب إسرائيل إلى انتخابات بعد حوالي أربعة شهور، وماذا سيفعل مع السياسة الإسرائيلية التي تنتهك القوانين والأعراف الدولية بشكل دائم ومنهجي. ولقد تحدث عن السلام بالإشارة إلى التطبيع بين إسرائيل والدول العربية. وهو يتفاخر بأنه سينتقل من إسرائيل إلى جدة مباشرة في سابقة هي الأولى من نوعها في العلاقة بين إسرائيل والسعودية، وإن كان يعتقد أن التطبيع الكامل مع السعودية سيحتاج إلى الوقت.
وبالنسبة لإسرائيل، فأهمية الزيارة تبدو في لقاء لابيد الذي يعول عليها في تلميع صورته قبل الانتخابات القادمة، ولن تكون هناك أمور جديدة باستثناء محاولة مساعدة إسرائيل على تطوير علاقاتها مع الدول العربية على قاعدة اتفاقيات "أبرهام" للتطبيع مع إسرائيل. ولكن لا تزال قضية الاتفاق النووي مع إيران من أهم ما يشغل بال إسرائيل ومواقف الطرفين منها لا تزال متباعدة. والجميع بانتظار ما سيحمل بايدن في جعبته إلى المنطقة ولكن دون تفاؤل كبير على الأقل من وجهة نظر بعض الأطراف.