وكالات - أشرف العجرمي - النجاح الإخباري - انتهت العملية الانتخابية في جامعة بيرزيت بنجاح كبير ومميز لحركة «حماس» ممثلة بـ»كتلة الوفاء الإسلامية» التي حصلت على 5068 صوتاً ضمنت لها 28 مقعداً، بينما حصلت «فتح» التي تمثلها «كتلة الشهيد ياسر عرفات» على 3379 صوتاً بما يعادل 18 مقعداً، وحصلت الجبهة الشعبية على خمسة مقاعد.
ومثلت الانتخابات هذا العام فوزاً كبيراً لـ»حماس» وتراجعاً مماثلاً لحركة «فتح».
ما خلق حالة من الاستياء الشديد في أوساط «فتح» وفرحاً عظيماً لدى «حماس».
وتبع إعلان هذه النتائج استقالة قيادة إقليم رام الله في «فتح».
يمكن القول بثقة إن الانتخابات جرت في أجواء موضوعية وشفافة ونزيهة ولم يعكر صفوها أي شائبة تمس بجوهر العملية الانتخابية أو تشكيك في نتائجها.
وهذا عملياً يمثل انتصاراً للديمقراطية وشهادة اعتزاز لجامعة بيرزيت العريقة.
وليت هذه العملية تحدث في قطاع غزة المحرومة جامعاته من الانتخابات وممارسة الديمقراطية والحق في اختيار الهيئات الطلابية التمثيلية.
ولكنّ هناك منغصات واكبت عملية الانتخابات أهمها أن التنافس لم يكن على البرامج التي تخدم الحركة الطلابية بل على الاتهامات والتهجمات التي وصلت إلى مستوى التخوين والتشكيك في وطنية كل طرف للآخر، وخاصة بين «حماس» و»فتح»، وعلى الأقل هذا ما عكسته المناظرة التي أجريت للكتل الطلابية. فهي كانت سلبية للغاية ومشحونة ولا تعكس أجواء تنافس إيجابية بالمطلق.
وبالنظر لخسارة شبيبة «فتح» القاسية في الانتخابات ينبغي البحث في أسبابها وما أدى إليها.
وفي هذا المقام نعتقد أن هناك مجموعة من الأسباب، أولها يتعلق بمشكلات حركة «فتح» التي تعاني من ترهل ومن غياب الترابط التنظيمي التراتبي بين مكوناتها والصلة بين الهيئات المركزية والأطر القاعدية ما انعكس سلباً على حركة الشبيبة التي ينتمي لها قطاع الطلاب.
كما أن «فتح» اعتادت على العمل الموسمي أي أن الشبيبة الطلابية تبدأ بالعمل من أجل الانتخابات قبيل موعد إجرائها بوقت قصير على عكس حركة «حماس» على سبيل المثال التي تعمل للانتخابات طوال العام.
الشيء الآخر المرتبط بموضوع الخسارة هو الخطاب السياسي والإعلامي للشبيبة الذي يحمل مواقف وشعارات تبدو متناقضة في بعض الأحيان مع الخطاب الرسمي لقيادة «فتح» والسلطة الوطنية.
وفي هذا السياق يبدو أن هناك انفصاماً بين بعض قطاعات «فتح» عن واقع السلطة والقيادة.
ولا تجري تعبئة قواعد «فتح» بما في ذلك الشبيبة والأطر الطلابية بمواقف الحركة ومنظمة التحرير، فتبدو كأنها في حالة دفاع عن النفس في وجه خطاب آخر لا يعكس بالضرورة موقفاً أكثر صوابية ولكنه أكثر تماسكاً ويحظى بالقبول الشعبي.
وقد تحملت «فتح» المسؤولية عن كل أعباء وإخفاقات السلطة والانتقادات الموجهة لها بحق أو بغير حق، وخاصة في ظل سيادة وهيمنة خطاب آخر يتبنى شعارات المقاومة التي تحظى بشعبية كبيرة مقابل خطاب سياسي آخر تمثله السلطة ولا يتناقض بالضرورة مع الخطاب الأول ولكنه يتعرض لتحريض شديد، يظهر وكأن السلطة في تناقض مع فكرة المقاومة.
بالإضافة إلى لوم «فتح» على أي شائبة توجد في السلطة بما في ذلك بعض مظاهر الفساد.
ولعل الأحداث الأخير وخاصة ما جرى في القدس والعمليات التي نفذت في الداخل ساهمت في حدوث شرخ بين خطاب السلطة التي يحملونه لحركة «فتح» وبين خطاب فصائل المعارضة والشارع الفلسطيني عموماً.
ولا شك في أن السياسة الإسرائيلية كانت عاملاً مهماً في خسارة «فتح» سواء بإجراءات القمع والتنكيل بالفلسطينيين التي تجري بشكل متواصل وممنهج بما في ذلك ما حصل مؤخراً في جنين واستشهاد الصحافية شيرين أبو عاقلة وما جرى في جنازتها، أو حتى باعتقال أعضاء من الكتلة الطلابية لحركة «حماس» قبيل الانتخابات.
وهذا مثل نوعاً من التحريض الإسرائيلي ضد السلطة وبالتالي ضد حركة «فتح»، ونتائج هذا السلوك الإسرائيلي الخبيث أدت إلى تعاطف الناس مع «حماس» وانحياز جزء من الجسم الطلابي لها.
التجربة القاسية التي تعرضت لها «فتح» بخسارتها في انتخابات بيرزيت لا ينبغي أن تقود إلى اليأس والإحباط في صفوف الشبيبة والحركة، بل يجب أن تكون دافعاً لمراجعة وتطوير الأداء في مختلف النواحي، بدءاً من إعادة النظر في هياكل الحركة وترابطها الداخلي مروراً بتحديث خطابها وجعله أكثر ذكاء وواقعية وأكثر التصاقاً بالجماهير وأكثر تعبيراً عن روح البرنامج الوطني الذي تمثله «فتح» ومنظمة التحرير.
ومن الأهمية بمكان العمل بشكل منهجي ومثابر طوال الوقت، والكف عن النظر للجسم الطلابي على أنه فقط جمهور ناخبين.
باختصار على «فتح» أن تعمل كتنظيم متماسك ومتناغم ومتكامل وليس كجزر متفرقة ومعزولة عن بعضها البعض.
وهذا عملياً التحدي الذي يواجهها. كما أن الحركة الطلابية مطالبة ببرامج عمل أكثر نضوجاً وبمنافسة إيجابية على من يقوم بخدمة قطاع الطلاب بعيداً عن المهاترات والإهانات والاتهامات.