وكالات - تحسين يقين - النجاح الإخباري - أولاً: نرجو أن تكون مشكلة المعلمين قد وصلت إلى نهايتها، في سياق التدخلات الإيجابية للمجتمع والحركة الوطنية، على أمل العودة إلى المدرسة.
ثانياً: من الإستراتيجي أيضاً ضمان وقف الإضرابات لدى جميع الفئات. وهذا ما أفكر به في هذا المقال إن استطعت، منطلقاً من عيشنا كأفراد وأسر، وللخبراء النصيب الأكبر في وضع ملامح هيكلية الرواتب وإدارة المال العام، لأن المشكلة في العمق هي الفجوات لا الدخل المحدود.
ليكن طريقنا فعلاً وإعلاماً من منطلق أصول الشفافية والحكم الرشيد.
على سطح المجتمع الفلسطيني، وفي عمقه، عدة قضايا، منها ما هو ملح، كإضراب المعلمين، واتهام الاتحاد الأوربي بأن المناهج الفلسطينية فيها تحريض، وانتخابات جامعة بيرزيت.
إضراب المعلمين موضوع مالي، كذلك موضوع الاتحاد الأوروبي، الذي يربط التمويل بإزالة ما يفترض أنه تحريض في المناهج، وفي العمق، فإن الانتخابات العامة، والطلابية، وإن كانت لها خلفيات وتأثيرات سياسية، إلا أننا لو تعمقنا في الجذور، سنجد الموضوع الاقتصادي هو الفاعل.
هل سنضيف حلولاً؟
سأبدأ بإضراب المعلمين، والإدارة المالية، التي لسنا خبراء فيها، لكن بيت قصيد رواتب الموظفين هو العدالة وتفهم السياقي الاجتماعي والاقتصادي.
المشكلة ليست وليدة اللحظة، لها شق تاريخي، منذ إضراب الثمانينيات المشهور، حين كنا طلبة مدارس وقتها، لكن لعل بيت القصيد في المسألة له علاقة بما نعرفه، من وجودنا ضمن نطاق جمركي مالي مع دولة الاحتلال، بمعنى أننا نشتري السلع والخدمات، بالأسعار نفسها داخل إسرائيل في ظل وجود الدخول غير الملائمة لأسعار كهذه.
الأمر الثاني، يتعلق بما تسمى هيكلية الرواتب، أو (سكيل الرواتب)، حيث إن أفضل تعبير عنها هو الفرق بين أعلى راتب وأقل راتب.
خليني أسهل الأمر: كل أسرة هنا، عليها مسؤوليات، ومهما كانت الشريحة التي ينتمي لها الموظف العمومي، فإن هناك ضرورة للاستجابة للحد الأدنى، بحيث لا يشعر بالظلم، لأنه سيظل في ظل فروقات الرواتب، يطالب بالزيادة. والمعلمون، على الرغم من أفضلية رواتبهم، بالنسبة للقسم الكبير من الموظفين، فإنهم يقيسون وضعهم المالي مع الفئات الأعلى والمهن الأخرى.
الأمر الثالث: يشعر المعلمون أنهم كالمهن الصحية، يقدمون خدمات متميزة داخل مجتمعنا، فهم من خلال الدور، ومن خلال تقديرهم بأنه لا المجتمع ولا الحكومة يتحملان إغلاق المدارس، تجدهم يواصلون، في ظل مسألتين إشكاليتين:
- مسألة التمثيل، ما بين الحراك المؤثر، وبين الاتحاد كإطار شرعي.
- إدارة الحكومة للأزمة منذ بداية الاقتطاع المالي بسبب الأزمة المالية، حيث لم يطلب المعلمون في البدايات إلا انتظام الراتب كاملاً. كذلك ما قبلت به الحكومة من علاوات عمل للمهن الطبية.
طيّب شو العمل؟
كلاهما، كلا الطرفين، بحاجة لمن ينزلهما عن شجرة المطالب، بالحفاظ على كرامة الجميع وماء الوجوه، بمعنى أننا بحاجة لتدخل رئاسي كما حدث قبل سنوات.
طيب والمستقبل؟
بنظري، من المهم إعادة وضع هيكلية رواتب تراعي العدالة، وتراعي الواقع الإشكالي الاقتصادي في ظل الاحتلال.
عندما يشعر الموظفون بشيء من العدالة للجميع، وللخبراء، فإن المطالب ستقتصر على غلاء المعيشة فقط، خصوصاً في ظل شفافية وحكم رشيد، وإدارة عادلة للمال.
وهنا في ظل ضمان العدالة، وفي ظل المناورة في مجال البروتوكولات الاقتصادية لأجل تحسينها، لتخفيف الأزمة الاقتصادية، سنصبح في واقع مستقل، لنتخفّف من الضغوطات المالية الدولية، علماً وهذا ما يعرفه المسؤولون، أن هناك واجبات قانونية على المتعاقدين لتأسيس السلطة الوطنية، تضمن رفد السلطة لحاجاتها المالية.
وهذا يقودنا مالياً واقتصادياً إلى الاتحاد الأوروبي واشتراطاته بالنسبة للمناهج، كما يفترض من وجود تحريض.
قبل البدء بالتعاطي مع المشكلة المثارة، ينبغي مواجهة الاتحاد الأوروبي الصديق بجملة قضايا منها، واجباته تجاه تمويل السلطة الوطنية، وثانياً إشراكه في الحلول، من حيث تحقيق العدالة، حيث لا يعقل استمرار تبعية الاقتصاد الضعيف لاقتصاد قوي. من الضروري أن نري بقوة وبصراحة لممثلي الاتحاد رواتب الموظفين وأسعار السوق، ما يعني فعلاً البحث عن دعم وإصلاح لا تخفيف الدعم، لا عقاب الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، وإن كان ولا بدّ، فليكن البحث عمّا يسمى التحريض حديثاً يشمل الإسرائيليين، ما دام الطرف الأوربي الصديق طرفاً محايداً!
ترى ما الذي يمكن أن تفعله الحكومة أيضاً؟ وهل سأعيد وأكرر ما ذكرته سابقا؟
إن افترضنا وجود أسطر في المناهج تتحدث عن آلام الفلسطينيين، رأى آخرون في الغرب أنها محرضة، فكيف بالله علينا وعليكم، بمن يفعل فعل انتهاك صارخ لحقوق الإنسان علناً، فما هي قراءة الاتحاد الأوروبي لمشهد ضرب حملة نعش الصحافية شيرين أبو عاقلة!
على الحكومة، ومنظمة التحرير، وضع الاتحاد الأوروبي في سياق ما اصطلح عليه بوقف التحريض، الذي لا يتعلق بالفلسطينيين فقط، بل بالإسرائيليين، وهؤلاء ممتلئون بالتحريض المباشر وغير المباشر، في مناهجهم الحكومية والخاصة، والدينية، التي لا تخضع لرقابة الحكومة. ولعلنا نهدي نسخاً منها ومن دراسات نقدية من قبل باحثين إسرائيليين حولها، تدل على اتجاهات التعامل مع غير اليهودي.
بإمكاننا إدارة هذا الملف لتحسين وضعنا المالي، علماً أنه في العمق نسعى لا بهدف جلب المساعدات المالية كاملة، لأن هذا استحقاق معروف أصلاً، بل لكشف زيف الآخر، الذي تجاوز التحريض إلى فعل الاعتداء بجميع صوره، وعلى رأسه انتهاك الحق بالحياة.
وإن كان لا بدّ من فتح مسألة المناهج، فلدينا أولويات وطنية تربوية تهم تقديم المعلومات للأطفال، بطرق جاذبة تراعي العصر، تحتاج دعماً من الدول المانحة، لجعل فضاء المدارس أكثر سروراً وأريحية، فهل يوجد اهتمام فعلي بتطوير التعليم الفلسطيني؟ سؤال يحتاج لدراسة تظهر التطور النوعي في التعليم على مدار تأسيس السلطة الوطنية. أما أن يظل الاقتصار على إظهار عبارة هنا وهناك، فهذا لا يعني إلا "حصار الشعب الفلسطيني مالياً".
والآن إلى الديمقراطية، خصوصاً في المرحلة العمرية الجامعية، من 18-إلى 22 عاماً، التي تتسم المرحلة فيها بالانفعال، فقد كنا طلبة ذات يوم.
صحيح أن معظم طلبة جامعة بيرزيت صوتوا للكتلة الإسلامية، لأسباب سياسية كما يبدو، لكن لو تأملنا في السياق الاجتماعي السكاني لمعظم المصوتين، فسنجد أن الوضع الاقتصادي له تأثير مهم، لا التأثير الأيديولوجي؛ فعند سؤال عينة من المصوتين/ات لصالح الكتلة، فقط كان 2% منهم من هو مطلع/ة على البرنامج السياسي للحركة التي ينتسبون لها.
إن قمنا بتحليل وضع أسر الطلبة والمجتمع، فإن ذلك سيدفعنا فعلاً إلى التفكير لا بهيكلية الرواتب بل بالوضع الاقتصادي للمجتمع الفلسطيني، فليس من المناسب لهكذا مشروع وطني نبيل أن نضع رؤوسنا في الرمال، ونتناسى الحالة الاقتصادية، لأن استحقاق تمسك الجمهور بالحركة الوطنية هو تصويب جوهري لإدارة المال لدى السلطة الوطنية ذراع منظمة التحرير.
العودة إلى أصول العدالة، والبدء الفعلي لتخفيف "لبرلة السوق"، والانعتاق ما أمكن من التبعية الاقتصادية للاحتلال، عبر الضغط على الدول ذات العلاقة، وإبراز الغبن الفلسطيني، الذي يصعب الاستمرار بتقبله: "فلسطيني وإسرائيلي بدخول فيها فجوة كبيرة، يشتريان بسعر واحد".
حاولت.. ولعل من هم الخبراء الوطنيون يقودون طريق الخلاص الاقتصادي، والذي هو ممكن، والذي سيقوي من بقائنا، وسيخفف إشكالياتنا، وسيمنحنا الأمل، وأولاً وأخيراً، التمسك بالمشروع الوطني، من خلال وحدة وطنية واعية تراعي كل ما تحدثنا عنه، حيث سنجد الجيل الجامعي الجديد باحثاً معنا عن مصلحة شعبنا العليا، لا مجرد الفوز لأسباب انفعالية.