دلال عريقات - النجاح الإخباري - في ظل الأعياد المسيحية التي تتزامن هذا العام مع الأعياد اليهودية وشهر رمضان، تعمل إسرائيل على زيادة القيود المفروضة على الفلسطينيين المسيحيين خلال أسبوع الآلام، وتشرعن تقييد الاحتفالات بسبت النور المقدس في كنيسة القيامة. حيث حددت المحكمة العليا عدد المصلين المسموح لهم بالمشاركة في احتفالات سبت النور بأربعة آلاف شخص!
لم تكتفِ اسرائيل بفرض سياسة إغلاق شامل على القدس خلال الأعياد اليهودية التي تتزامن مع الاعياد المسيحية، حيث منعت وصول مئات آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة، بالرغم من صعوبة الوصول بسبب الحواجز العسكرية والحواجز الإدارية من خلال نظام التصاريح، قامت دولة الاحتلال بإلغاء التصاريح الصادرة أصلاً للمسيحيين في هذه الأيام. هذا إجراء تعسفي ومقصود وهدفه تجريد المسيحيين من حقهم المشروع بممارسة الشعائر الدينية في القدس القديمة في هذه الأيام المجيدة، بنفس الوقت، يتم منح حق الوصول الكامل إلى القدس للمستوطنين الإسرائيليين المقيمين في المستوطنات الإسرائيلية التي تم بناؤها بشكل غير قانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
عيد الفصح المجيد بدأ من القدس ومن الطبيعي أن يتواجد المسيحيون في القدس في هذه الأيام بما فيها خميس الأسرار والجمعة العظيمة وسبت النور. عادة يكون هناك ما لا يقل عن أحد عشر ألف مصلٍ داخل الكنيسة إضافة لآلاف في الساحات والأسطح. محاولات تقييد الحرية الدينية بهذا الشكل غير مسبوقة وهي مثال حي على سياسة الفصل العنصري الابارتايد التي تنفذها دولة الاحتلال بشكل ممنهج تطبيقاً لسياستها الاستعمارية الكولونيالية وقانون القومية اليهودي الذي أنكر صراحة حقوق ٢ مليون نسمة من المسلمين والمسيحيين وغير اليهود.
الفصل العنصري هو جريمة ضد الإنسانية، تتحقق عندما يُرتكب أي فعل غير إنساني في سياق “نظام مؤسسي” من “القمع” الممنهج و”الهيمنة” من قبل مجموعة عرقية ضد أخرى مع نية الحفاظ على هذا النظام. في نظام الفصل العنصري يتعامل مرتكب الجريمة مع المجموعة العرقية المسيطرة على أنها مختلفة بسبب سمات معينة. الفصل العنصري هو خطأ دولي وجريمة ضد الإنسانية في نفس الوقت. وعندما تُرتكب جريمة ضد الإنسانية فإن المجتمع الدولي ملزم بمحاسبة مرتكبيها.
لا تأتي هذه الاجراءات الاسرائيلية بطريقة عشوائية، بل بهدف تهويد القدس وتفريغها من محتواها غير اليهودي، سواء كان مسيحيا أو مسلما أو أي أقلية أخرى. من غير المقبول أن يستمر الاحتلال بفرض قيود تعسفية/عنصرية من شأنها تغيير الوضع القانوني للقدس وحرمان المواطنين من أبسط الحقوق.
تعمل دولة الاحتلال على عزل القدس تماماً لتعزيز مكانتها اليهودية على حساب الديانات الأخرى من خلال:
١- سياسة الاستيطان الاستعماري
٢- سياسة التصاريح
٣- الإغلاقات التعسفية على القدس
دولة الاحتلال تحرم المواطنين من ممارسة حرياتهم الدينية حيث يتوجب على أي فلسطيني من الضفة الغربية وغزة يرغب في دخول القدس لأي سبب، بما في ذلك العبادة، التقدم للحصول على "تصريح" من السلطات الإسرائيلية، وإذا تم الحصول على التصريح، فلا يمكنه الدخول إلا من خلال نقاط التفتيش المعينة. تصدر "تصاريح الدخول" إلى القدس من قبل الجيش الإسرائيلي وهي محدودة من حيث الوقت والمدة. التصاريح قابلة للإلغاء بسهولة ويمكن حظرها "لأسباب أمنية". على هذا النحو، من الصعب الطعن في حظر التصاريح لأن المعلومات وراء الحظر مصنفة على أنها "معلومات سرية وهذا ما فعلته سلطات الاحتلال من خلال إلغاء الآلاف من التصاريح وتحديد العدد الممسوح به.
تعد القيود الإسرائيلية الممنهجة والمتزايدة على الاحتفالات المسيحية خلال عيد الفصح هجومًا على حقوقهم الدينية وتهدد الهوية المسيحية الفلسطينية القائمة منذ قرون في الاحتفال بعيد الفصح. على ارض الواقع، دولة الابارتايد تحرم آلاف المسيحيين الفلسطينيين من الاحتفال بعيد الفصح في القدس.
استنباطاً من القانون الدولي والعُرف، هذه سياسة مرفوضة ولا بد من موقف دولي بحجم مستوى الانتهاكات، لا ينبغي أن يغير الاحتلال الوضع الراهن وخاصة في المناسبات الدينية. إسرائيل هي القوة المحتلة في القدس الشرقية، حيث توجد البلدة القديمة بما فيها الاحياء المسيحية والأرمنية واليهودية والاسلامية. إن قرارات مجلس الأمن 478 و 2334، 253, 267, 476, 478, 298, 242 تحفظ الحق الفلسطيني في الاراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية. بالنسبة للأوامر العسكرية لتوحيد القدس، ينص القرار رقم 478 صراحةً على أن المحاولات الإسرائيلية لتغيير شخصية /مكانة القدس "لاغية وباطلة".
الصمود والنضال الفلسطيني مستمر في مواجهة نظام الفصل العنصري الاسرائيلي الذي يحاول فصل القدس وعزلها تماماً عن الضفة الغربية.
لا خلاف على أن القدس مركزية بالنسبة الثلاث، ولكن دولة الاحتلال تشرع بتنفيذ سياسة فصل عنصري حيث يتحلى اليهود بامتيازات وصلاحيات وحقوق أكثر من أي "أقلية" أخرى، وتقوم السلطات الاسرائيلية بتعزيز المعاملة العنصرية ما بين اتباع الديانات الثلاث من خلال السياسات التي تفرضها والتي من شأنها الحد من حريات غير اليهود في القدس.