هاني العقاد - النجاح الإخباري - مازالت دائرة التصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين في اتساع مع تضرر مستويات الهدوء الذي تسعي اليه اسرائيل بكل جوارحها دون ان تدفع ثمن بعد عدد من العمليات الفدائية الفلسطينية وإصرار إسرائيل على فرض واقع جديد في المسجد الأقصى, انغلاق الأفق السياسي وغياب دور دولي عادل لحل الصراع دفع بهذا الاتجاه، ترحيل ملفات وطرح حلول مؤقتة وتأجيل التدخل إيجابيا وغياب اي استراتيجية لدي المجتمع الدولي والدول المركزية بالعالم وعلي راسها حليف اسرائيل المركزي الولايات المتحدة الامريكية لحل الصراع على أساس المرجعيات والقرارات الدولية واهمها حل الدولتين, صمت دولي مخيف على أفعال دولة الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية ، اعتداء صارخ على القانون الدولي وانتهاك حقير لحقوق الانسان الفلسطيني، إعاقة صلواتهم وتعبد المسلمين في مسجدهم الأقصى، هدم بيوت وتهجيرسكان من احياء القدس وإسكان المستوطنين فيها بالقوة المسلحة في أقذر مخطط عرفه التاريخ لقلع الهوية الفلسطينية من العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية حتى لا يبقي للفلسطينيين أي شيء يمكنهم من اقامة دولتهم المستقلة.
وصلت مساعدة وزير الخارجية الامريكية (ياعيل لامبرت) الي المنطقة كمحاولة أمريكية لاحتواء التصعيد المتواصل في الأرض المحتل ومنع أي انفجار بين الفلسطينيين والإسرائيليين على الأقل في الوقت الحالي والولايات المتحدة منشغلة في الازمة الروسية الأوكرانية وتجنيد كل مقدراتها السياسية والعسكرية والأمنية والتكنولوجية والاقتصادية لإفشال اهداف روسيا السياسية والأمنية بأوكرانيا. تحدثت مندوبة الخارجية الامريكية مع (نفتالي بينت) ووزير خارجيته (يائير لابيد) واوضحوا ان الولايات المتحدة غير معنية بان تصعد إسرائيل في هذه الآونة ضد المسجد الأقصى وعليها احترام الوضع التاريخي للمسجد والسماح للمصلين بالوصول الي بوابات الأقصى دون عوائق, وغير معنية ان تتصاعد المواجهة بين إسرائيل وغزة وعقب (يائير لابيد) علي ذلك بان إسرائيل لا تقبل باي حال من الأحوال استمرار اطلاق الصواريخ من غزة علي مستوطنات الغلاف ,وهنا قال (بيني غانتس) وزير الحرب ان جيش الاحتلال مستعد لأى سيناريو ازا لزم الامر سيرد الجيش بقوة لان لإسرائيل خطط ما في غزة , وهذا يعني ان اسرائيل لا تحتاج الي ضوء اخضر من واشنطن اذا ما قررت الخوض في هجوم عسكري علي غزة.
الرئيس أبو مازن طالب الوفد الأمريكي بان يضغط على حكومة (نفتالي بينت) بالوقف الفوري لكل الاعتداءات الاسرائيلية على المسجد الأقصى واحترام الوضع التاريخي (الستاتسكو) في الحرم الشريف وحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع وشدد على ان غياب الأفق السياسي واعمال إسرائيل أحادية الجانب هي أحد اهم أسباب التصعيد الحالي. هذا يعني ان الولايات المتحدة الامريكية يجب ان تسارع الي إعادة مسار العملية السياسية على أساس حل الدولتين ما يجدد الامل للفلسطينيين للخلاص من الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان الذي يسابق الزمن لفرض الوقائع على الأرض ما يجعل إقامة دولة فلسطينية مستقلة امر مستحيل.
الصورة واضحة الان لدي الامريكان، فاذا ارادوا استقرار المنطقة فعليهم وقف التصعيد الإسرائيلي أولا ثم تقديم حلول نهائية للصراع وإنقاذ حل الدولتين الذي تكرس حكومة الاحتلال العديد من الخطط الاستيطانية والبرامج للقضاء عليه نهائيا وبالتالي فرض حلول امنية واقتصادية بديلة، وبات واضحا امام الامريكان ان الحلول المؤقتة لا تستمر طويلا وسرعان ما تعود دائرة التصعيد للاتساع من جديد ما يعني استمرار التوتر ويحتاج الجميع لتدخلات أعمق في الصراع. وان نجاح الإدارة الامريكية في مهمتها الحالية يعتمد بشكل أساسي على قدرتها على نزع فتيل التصعيد وتفجير المنطقة وإقناع اسرائيل دولة الاحتلال باحترام حقوق الفلسطينيين والاقرار بحق تقرير مصيرهم وقبولهم الفلسطينيين كشريك وحيد لصناع السلام بالمنطقة وليس غيرهم. لا اعتقد ان مهمة وفد الخارجية الامريكية جاءت بمبادرات سلام لإنقاذ حل الدولتين لكنها عادت برسالة واضحة تماما ان إدارة بايدن يجب ان تسارع الي تغير الوضع الحالي للفلسطينيين، وخاصة ان العالم اليوم بدأ يتساءل عن الدور الامريكي في المنطقة والذي يكاد يكون قد غاب نهائيا في ظل تركيز الولايات المتحدة لقيادة حملة عقوبات اقتصادية ومالية على روسيا بسبب الصراع الروسي الاوكراني.
المؤشرات تقول ان المندوبة الامريكية (ياعيل لامبرت) لم تنجح في تضيق دائرة التصعيد واقناع إسرائيل بوقف انتهاكات المسجد الأقصى واستهداف المصلين بالغاز والرصاص ,ولا اعتقد انها استطاعت ان تقنع إسرائيل بوقف عملية (كاسح الأمواج) الأمنية في الضفة والتي طالت غزة اليوم باغلاق معب بيت حانون امام التجار والعمال الي شعار اخر ,وبالتالي عادت هي و وفدها دون ان تتمكن من نزع وتحيد عوامل التوتر والتصعيد المستمر بين الطرفين وانا اعتبر ان مهمة الخارجية الامريكية في المنطقة فشلت بسبب خطط حكومة (نفتالي بينت) للحصول علي الامن بالقوة والسعي لتقسيم الأقصى وفرض السيادة عليه وسحب الصلاحيات من الأوقاف وحراسه عامل من عوامل تقوية حكومته المتهالكة , وبالتالي تنفيذ مخطط تقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا. هذا يعني ان مهمة مساعدة وزير الخارجي الامريكية فشلت فشلا زريعا وكأنها لم تكن، وهذا سيؤثر سلبا على أي دور إقليمي في الوساطة من اجل حماية الفلسطينيين في الأقصى، فما دامت الإدارة الامريكية لم تستخدم الضغط المطلوب لأجل لجم العدوان الإسرائيلي ووقف التصعيد ضد الفلسطينيين والاعتداء على المقدسات فلا اعتقد ان احداً من العرب الذين تربطهم علاقات سياسية وتطبيعيه مع إسرائيل قد يستخدم عناصر ضغط حقيقية على الاحتلال لوقف التصعيد ضد الفلسطينيين .