وكالات - عقل أبو قرع - النجاح الإخباري - مع مواصلة مصارة الأرض واستنزاف المصادر الطبيعية ومن أهمها المياه، وبالأخص   الجوفية، تزداد وتيرة الهجمة الإسرائيلية على منطقة الأغوار الفلسطينية، ويزداد التركيز على هذه المنطقة سواء من الناحية الاقتصادية وما تحويه من أراض خصبة ومنتجة خلال فصول العام، أو لما تحويه من مياه وحيز يكفي لإقامة مشاريع إستراتيجية، أو من الناحية الأمنية والجغرافية، مع العلم أن منطقة الأغوار تشكل حوالى 30% من مساحة الضفة الغربية وحوالى 60% من منطقة الأغوار الفلسطينية تقع فيما بات يعرف بمنطقة «ج»، أي من الممنوع على الفلسطينيين استغلالها أو الاستثمار فيها أو الوصول إليها بالشكل الاعتيادي.
وتبين التقارير جسامة الأخطار المحدقة بمحاصيل كانت تشتهر بها منطقة الأغوار مثل محصول التمر والموز والخضراوات التي طالما تم إنتاجها بوفره في الأغوار، والسبب هو النقص في المياه أو تدني نوعية المياه من خلال زيادة ملوحتها، أو بالتحديد جفاف آبار مياه جوفية كانت تستعمل للري، وبالتالي تلاشى إنتاج محصول الموز مثلاً في بعض المناطق في الأغوار خلال السنوات الماضية.
والسبب هو إما نقص المياه أو زيادة ملوحتها أو تداعى خصوبة وإنتاج التربة، وهذه الأمثلة مؤشر على أهمية اعتبار الحفاظ على منطقة الأغوار أولوية وطنية إستراتيجية، سواء من الناحية الزراعية والإنتاج أو الأمن الغذائي، أو من الناحية الاقتصادية والتصدير، أو من ناحية الحفاظ على النظام البيئي الفريد في الأغوار، أو حتى من الناحية السياسية، وما لإهمال هذه المنطقة من تداعيات على الأوضاع الحالية والمستقبلية.
وحسب تقارير دولية، أشارت إلى منطقة الأغوار كمناطق لا يمكن للجانب الفلسطيني أن يستخدمها، فقد أكدت على أهمية منطقة الأغوار للاقتصاد الفلسطيني، حيث تمتاز تربتها بالخصوبة العالية القادرة على إنتاج محاصيل متنوعة للاستهلاك المحلي وللتصدير، وهي تحوي ثلث احتياطات الضفة من المياه الجوفية. وأشار احد التقارير الدولية إلى أن إنتاج المستوطنات الإسرائيلية في الأغوار فقط في الوقت الحالي، يصل إلى حوالى 500 مليون شيكل سنويا.
وبالتالي فإن مناطق الأغوار يمكن أن تكون السلة الزراعية الأساسية للفلسطينيين، خاصة أننا بحاجة إلى توفر المحاصيل الزراعية بالكمية والنوعية وبالسعر المناسب وفي الوقت اللازم، أي أننا بحاجة إلى توفير نوع ما من الأمن الغذائي، وأننا كذلك بحاجة إلى إنتاج محاصيل بنوعية متميزة وفي أوقات ملائمة للتصدير، ومنطقة الأغوار هي القادرة على تحقيق ذلك، الآن وفي المستقبل.    
ومناطق الأغوار تحوي الأرض المستوية، أي الأراضي السهلة المتواصلة، أي التي يمكن الاستثمار فيها أو إقامة مشاريع إستراتيجية كبيرة وبأنواعها، والتي تحتاجها الدولة الفلسطينية القادمة من اجل الإنتاج، والأهم من اجل التشغيل أو التخفيف من شبح  البطالة الذي بات يشكل هاجسا تقريبا لكل شاب فلسطيني، وبالأخص لكل خريج فلسطيني، ومن هذه المشاريع الضخمة، المطارات والمصانع بأنواعها وشركات التكنولوجيا والخدمات والتصنيع الزراعي وصناعة السياحة.
وفي وضع مثل أوضاعنا من الحاجة المتزايدة للمياه، أي المياه الصالحة، وفي ظل عدم وجود مصادر أساسية للمياه السطحية في بلادنا، فإن خزانات المياه الجوفية التي تحويها مناطق الأغوار هي الحل، للحياة وللزراعة وللاقتصاد وللنشاط البشري، وكيف للدولة الفلسطينية القادمة أن تحيا وتتقدم وتزدهر دون مياه، أي دون مياه الآبار الجوفية التي تتواجد في مناطق الأغوار، وكذلك دون ذلك الجزء البسيط من المياه السطحية للفلسطينيين أي تلك الحصة من نهر الأردن.
وهناك كذلك الصناعة التي يمكن أن تقوم بالاعتماد على السياحة كما هي يمكن أن تقوم على الزراعة، أي الصناعة التي يمكن أن تقوم باستغلال الثروات المعدنية بأنواعها من البحر الميت، وهناك الصناعة التي يمكن أن تستغل المناخ الفريد والتربة المتنوعة التي تحويها الأغوار، من زراعة للنخيل ومن ثم إنتاج التمور، أو من زراعة الموز أو الأزهار أو النباتات الطبية، أو محاصيل أو أنواع محددة من المحاصيل التي يمكن زراعتها ومن ثم استغلالها صناعيا في الأغوار فقط.
ومنطقة الأغوار، وبالإضافة إلى أهميتها الاقتصادية والبيئية، فإنها مهمة سياسيا ونفسيا للمواطن الفلسطيني، الذي تمنى وما زال يتمنى بأن يكون أسوة أو مماثل للناس وللمواطنين في بلدان العالم المختلفة، من حيث السفر والتنقل والاحترام وعدم مشاهدة أو التعامل مع قوة أخرى أو جهة غريبة، تحكمت وتريد أن تواصل التحكم في مجرى حياته، وللتخلص من هذا الوضع أو من هذه العقدة، يمكن تصور أهمية منطقة الأغوار للمواطن الفلسطيني، وللاقتصاد الفلسطيني، وللمستقبل الفلسطيني وللدولة الفلسطينية.
وبالإضافة إلى ذلك، وحسب تقارير مختلفه، فمنطقة الأغوار فقط يمكن أن تدر للاقتصاد الفلسطيني، حوالى مليار دولار سنويا، إذا تم استغلالها بالكامل، أي إذا تمت إزالة العوائق الإسرائيلية، وحسب الوضع الحالي، وإذا قمنا باعتبار ذلك أولوية وطنية، يمكن تحقيق ليس الاستغلال الكامل، ولكن نسبة معينة من هذا الاستغلال، أو بالأحرى العمل ومن خلال المستوى الوطني من اجل الحفاظ على زراعة النخيل وربما الموز وغيرهما من المحاصيل في الأغوار، واعتبار ذلك أولوية، وهذا يعني توفير المزيد من الفرص للعمل، والحفاظ على الأسعار، وتوفير المنتج الوطني، وتحفيز القطاع الزراعي كقطاع إنتاجي مستدام، في منطقة زراعية حيوية مثل الأغوار، والأهم التشبث بمنطقة الأغوار كمنطقة فلسطينية ذات عمق إستراتيجي لأي حلول أو تطورات أو تخطيطات مستقبلية.