راسم عبيدات - النجاح الإخباري - واضح بأن خبر انسحاب ” عيديت” من الإئتلاف الحكومي ،جاء كوقع الصاعقة على رأس بينت،الذي توالت على رأسه الضربات، وخاصة ضربة العمليات الثلاث التي حدثت في الداخل الفلسطيني -48 – ،النقب والخضيرة وتل أبيب والعملية الرابعة التي أعقبتها في تل أبيب مجدداً،حيث اتهمت حكومته بالضعف،وبأنها غير قادرة على توفير الأمن لمواطني دولة الإحتلال….”عيديت” بررت إنسحابها بأنه جاء لأسباب ايدولوجية،بسبب ادخال وزير الصحة “هورفيتش” للخبز المخمر الى المشافي الإسرائيلية في فترة عطلة عيد الفصح،وهو ما يتنافى مع الشرعية الإسرائيلية،ويشكل خطرا على يهودية دولة الإحتلال وشعبها ،ولكن عند الغوص في العمق نقول بأن ذلك شكل فقط المحفز لهذا الإنسحاب، الذي سبقها اليه انسحاب عضو الكنيست عميحاي شيكلي،منذ بداية تشكل الحكومة،حيث رفض هذه التشكيلة،وكان يصر على تشكيل حكومة يمين…ونتنياهو والصهيونية الجديدة بقيادة عضو الكنيست ” سموتريتش” يمارسون ضغوطا مكثفه على اعضاء حزب ” يمينا” الذين خرجوا من رحم الليكود من أجل العودة الى بيت الطاعة،وتشكيل حكومة يمينية صرفة، ولذلك من المتوقع ان تنجح تلك الضغوط في استقطاب عضو أخر من “يمينا” هو “نير اورباخ”،وبالتالي يستطيع المنسحبين الثلاثة تشكيل كتلة مستقلة،ويفقد الإئتلاف الحاكم الأغلبية في الكنيست …وبذلك تصبح هذه الحكومة مشلولة وعاجزة عن اتخاذ قرارات ذات طابع استراتيجي ولن تستطيع تمرير والمصادقة على الميزانية العامة للدولة في العام القادم،وهنا يصبح المرجح الذهاب الى حل الكنيست واجراء انتخابات جديدة خامسة في غضون ثلاث سنوات والعودة الى المأزق السياسي عام 2019،وهذا الخيار الأكثر ترجيحاً ،فحتى لو جرى التوافق على تشكيل حكومة جديدة بدون انتخابات من قوى اليمين،فهي لن تحصل على 61 صوتاً،فهي تحتاج الى موافقة القائمة العربية المشتركة،وقد اعلن قادة المشتركة انهم لن يدعموا تشكيل مثل هذه الحكومة ..واعادة تشكيل ائتلاف ” التغيير”،بدعم ومشاركة القائمة العربية الموحدة – منصور- عباس – ،يعني استقالات أخرى من قوى الإئتلاف ورفض لمثل هذه الحكومة …ولنعد الى اسباب انسحاب “عيديت” من الإئتلاف الحاكم واستقالتها من رئاسة هذا الإئتلاف التي كان محفزها الخبز المخمر،في حين اسبابها الجوهرية تتلخص في أنها تعرضت لضغوض هائلة من قبل قوى اليمين وبالذات الليكود،وهي لم تعلن خطوتها هذه والتي لم تكن ارتجالية،بل تمت بعد ان جرى الإتفاق بين زوجها صموئيلي وعضو الكنيست ورئيس كتلة الليكود ياريف ليفين،على انسحابها من الإئتلاف ومنحها مقعد وزير الصحة في الإنتخابات القادمة،وان تكون رقم عشرة على لائحة قائمة الليكود للإنتخابات،وكذلك الضغوطات الكبيرة التي تولدت من بعد العمليات الثلاث في الداخل الفلسطيني- 48 – بئر السبع والخضيرة وتل ابيب …والتي أظهرت هشاشة منظومة الأمن الإسرائيلي وفقدان مواطني دولة الإحتلال للأمن الشخصي…..ويضاف الى ذلك عوامل وأسباب أخرى لم يجر ذكرها،بأن بينت القادم من جبهة الإستيطان الديني،حيث كان الرئيس السابق للمجلس الإستيطاني الإقليمي ،لم يعمل كفاية من أجل الإستيطان،وانه عند ذكر اسم المستوطنات في الضفة الغربية امام وزير الخارجية الأمريكي “بلينكن” قال مستوطنات الضفة الغربية ولم يقل مستوطنات “يهودا والسامرة”،وكذلك لم يتحدث عن أراضي الضفة الغربية،بأنها أراضي “يهودا والسامرة” …
نعم واضح بأن هذه الحكومة التي تشكلت من مجموعة من المكونات والمركبات السياسية والحزبية المختلفة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً جمعها هدف واحد،ألا وهو ابعاد نتنياهو عن رئاسة الوزراء،وهي رأت النور بضوء اخضر أمريكي،وأمريكا لا تريد نتنياهو رئيساً للوزراء،بسبب الخلاف معه بالعودة للإتفاق النووي مع ايران.. وبقيت هذه الحكومة عرجاء تتكىء على دعم القائمة العربية الموحدة من الخارج بفارق صوت واحد،ولذلك هي كانت دائماً غير مستقرة،وعرضة للإنهيار في أي لحظة،ولم تكن قادرة على اتخاذ قرارات استراتيجية في الجوانب السياسية،على سبيل المثال العودة للمفاوضات السياسية مع السلطة الفلسطينية وغيرها من الملفات الأخرى،ولذلك هي ظهرت كانها حكومة تصريف أعمال،تعمل في القضايا الإقتصادية والأمور المتعلقة بيهودية وديمقراطية الدولة وتجاوز أثار جائحة ” كورونا”.
نتنياهو لم يغادر حلبة المسرح السياسي،بل كان يعمل ليل نهار من اجل الإنقضاض على هذه الحكومة،والتي كان دوماً يصفها بأنها “دمية” في يد امريكا وتفرط بامن دولة الإحتلال،حيث الضعف امام ايران،وكذلك الضعف أمام ما يصفه بإرهاب الفصائل الفلسطينية و حزب الله ،ولذلك في المظاهرة الإحتجاجية التي شارك فيها الأربعاء الماضي الى جانب الألاف من أنصاره من قوى اليمين أمام مقر رئيس دولة الإحتلال في القسم الغربي من مدينة القدس،والتي كانت مخصصة للإحتجاج على ضعف الحكومة وعدم قدرتها على توفير الأمن لمواطني دولة الإحتلال بعد العمليات الثلاثة في الداخل الفلسطيني – 48 -،وجدها فرصة لكي ينقض على حكومة بينت ويصفها بالضعف ،ويدعو فيها اعضاء “يمينا” وغيرهم من اعضاء الأحزاب اليمينية الأخرى للعودة الى بيت الطاعة وتشكيل حكومة يمين،حكومة قوية تقف في وجه التحديات التي تواجه دولة الإحتلال داخلياً وخارجياً.
حكومة بينت وصلت الى محطتها الأخيرة وفرص عودة ” عيديت” عن إنسحابها وإستقالتها تكاد تكون معدومة،فهي خرجت لكي لا تعود ،وكذلك إمكانية انضمام غانتس الى المعارضة وتولي رئاسة الوزراء تبدو صعبة للغاية،فغانتس جرب نتنياهو، الذي لم ينفذ الإتفاق معه وعمد الى تفكيك حزبه “أزرق أبيض”،ولذلك يبقى هذا الخيار صعب ،ولذلك الخيار المرجح هو التصويت على حل الكنيست والذي يحتاج ل 61 صوتاً،واعتقادي الجازم بان القائمة العربية المشتركة ليس لديها تحفظ او مصلحة في بقاء هذه الحكومة،وهي لن تشكل لها حاجز صد أمام قوى اليمين الداعية الى إسقاطها،وبذلك تفتح عملية إنسحاب “عيديت” رئيسة قائمة الإئتلاف الحكومي وما سيتلوها من إنسحابات أخرى الطريق امام الذهاب الى إنتخابات جديدة ،وبما يمهد لعودة نتنياهو الى الحكم حيث استطلاعات الرأي بعد خطوة إنسحاب ” عيديت” تعطي الليكود 35 مقعداً.