توفيق أبو شومر - النجاح الإخباري - أبرزت بعضُ الصحف الإسرائيلية بعض الأخبار المتعلقة بآليات استفادة إسرائيل من الأزمات، بخاصة خلال أزمة أوكرانيا الراهنة، أشارت الصحف إلى طريقة إسرائيل في جلب وتهريب أصحاب رؤوس المال اليهود في ظل انشغال العالم بالأحداث الأمنية والسياسية لهذه الأزمة، تحدثت بعض الصحف عن أبرز ملياردير يهودي روسي هو، رومان أبراموفتش، أغنى رجل أعمال في روسيا، فهو المالك لشركة البترول الروسية الأكبر، تبلغ ثروته أكثر من عشرين مليار دولار، وهو مالك نادي تشلسي البريطاني لكرة القدم، وهو ضمن قائمة المحظورين دولياً باعتباره مواطناً روسياً ومن مقربي الرئيس الروسي، بوتين، كما يُدَّعى!
هذا الملياردير رفض في السابق نقل استثماراته إلى إسرائيل، على الرغم من أنه يمتلك جنسية إسرائيلية وفيلا فاخرة في مدينة هرتسيليا، هذا المحظور دوليا وصل - رغم الحظر الدولي- بطائرته الخاصة مباشرة من موسكو إلى مطار إسرائيل، يوم 13-3-2022 ، كاسراً الحصار المفروض عليه، لم يتمكن هذا الملياردير من إخفاء الطائرة وهي تهبط عن عيون «غوغل إيرث»، ما دفع الناطقة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، وسياسيين من دول الاتحاد الأوروبي إلى تحذير إسرائيل ومطالبتها بالالتزام بالحظر على أبراموفتش، ما دفع حكومة إسرائيل إلى أن تُجبر الطائرة الخاصة لأبراموفتش على أن تغادر مطار بن غوريون، ذكرتْ بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية: أن أبراموفتش سافر على متنها، غير أن بعض الصحافيين قالوا: لم نشاهد أبراموفتش شخصياً يركب الطائرة!
هذا الملياردير مالك أغلى أنواع اليخوت في العالم، يبلغ ثمن يخته الفاخر ستمائة مليون دولار، سبَّبَ فضيحةً أخرى في البرتغال، لأنه يحمل جنسية برتغالية، باعتباره أحد أحفاد يهود (المارانو) ممن أُجبروا على اعتناق الدين المسيحي في البرتغال عام 1492م، اتضح للسلطات البرتغالية أنَّ الحاخام اليهودي، دانيال لتفاك المسؤول عن تزكية والتوصية بمنح شهادات الجنسية لأحفاد اليهود من سلالة المارانو، قد زيَّف شهادة ميلاد للملياردير أبراموفتش، ممن استفادوا عام 2015 من قانون برلمانات، إسبانيا، هولندا، البرتغال، بضغط ومتابعة من الحكومة الإسرائيلية، فمنحتهم تلك الدول جنسياتها بالإضافة إلى جنسياتهم الأخرى لجني الأرباح وإثراء ميزانية إسرائيل! كان الحاخام المتهم ينوي مغادرة البرتغال، غير أن الشرطة ألقت عليه القبض للتحقيق معه، بتهمة التزييف وكسر الحظر الأميركي الأوروبي المفروض على أبراموفتش!
سأظل أردد: إسرائيل بارعة في (حلب) الأزمات وتسخيرها لتخدمها، فهي تستفيد من كل حدث، وتوظفه لمصلحتها، تلك ميزةٌ كان يجب على العرب الاستفادة منها!
لا بد أن نسجل كذلك براعة إسرائيل في (عصر) العقول، لخدمة التخطيط في المطبخ السياسي في إسرائيل، أوضحتُ نموذجاً عن الأزمة الراهنة في مقالي في «الأيام» يوم 22-12-2021، أي قبل الأحداث الجارية في أوكرانيا، فقد توقَّع المخططون الإسرائيليون قبل الأزمة الراهنة أن يهاجر ربع مليون يهودي أوكراني بسبب الأزمة، وهم ينتظرون عدداً مماثلاً من المهاجرين من يهود روسيا الأثرياء بسبب الحصار، ليستولوا على بقية أرضنا.
يبدو أن المطبخ السياسي الإسرائيلي يُخطط لتنفيذ مشروعٍ أضخم في ظل هذه الأزمة، هذا المشروع هو صفقة إسرائيل القادمة، وهو أهم المشاريع في تاريخها، وهو ملف الوساطة، بين روسيا وأوكرانيا، فإنها إذا نجحت في هذا الملف ستتحول من دولة احتلال وقمع وعنصرية إلى (وسيطٍ دولي عادل)! يسعى لتجنيب العالم حرباً نووية ثالثة، حينئذٍ فإن دول العالم ستكفُّ عن مطاردتها باعتبارها دولة أبارتهايد عنصرية، لتصبح رائدة دول (عدم الانحياز) في الألفية الثالثة، ما سيُفقدنا نُصرة كثير من دول العالم، وسيكون في الوقت نفسه سبباً لتجاهل قضيتنا الفلسطينية، وإزاحتها عن جدول اهتمام العالم!