حمادة فراعنة - النجاح الإخباري - لا تقل قضية اللاجئين الفلسطينيين أهمية لطرفي الصراع، عن أهمية أرض فلسطين لكليهما، لأكثر من سبب:
أولاً لأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يستهدف من كليهما مفردتين هما الأرض والبشر، فقد تمكن المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي من احتلال خارطة فلسطين وطرد نصف الشعب العربي الفلسطيني وتشريده خارج وطنه، لأنه يسعى تدريجياً إلى تقليص الوجود البشري العربي الفلسطيني على أرض فلسطين، وجعل اكثرية سكانها، من اليهود الأجانب وإكسابهم المواطنة الإسرائيلية.
ثانياً يشكل اللاجئون الفلسطينيون من المشردين المطرودين المبعدين نصف الشعب الفلسطيني الذي يتوق لاستعادة حقه في العودة إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وطبريا وبيسان وبئر السبع وفق قرار الأمم المتحدة 194.
ثالثاً تم تأسيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وفق قرار الأمم المتحدة 302، وباتت هي عنوان قضية اللاجئين ويقظة المجتمع الدولي نحو مأساة أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون بالمخيمات على امتداد خارطة الأراضي والبلدان المحيطة بفلسطين.
رابعاً إلى جانب النضال الفلسطيني بات وجود وكالة الغوث واستمراريتها عامل إحياء لوجود اللاجئين كجريمة قارفتها المستعمرة الإسرائيلية، تتحمل المسؤولية نحو نتائجها، وضرورة معالجتها.
خامساً فشلت الولايات المتحدة والمستعمرة في إنهاء تكليف الأمم المتحدة لوكالة الغوث وشطبها، فتعمل الآن على تقليص مهامها وتجفيف مواردها.
قضية اللاجئين الفلسطينيين هامة لطرفي الصراع، ولذلك تعمل منظمة التحرير ودائرة اللاجئين المختصة ومعها الأطراف المتضامنة المشتبكة المؤيدة لعدالة المطالب الفلسطينية وفي طليعتها الأردن لإبقاء قضية اللاجئين حية على جدول أعمال المجتمع الدولي من زاويتين أولاً توفير متطلبات وكالة الغوث وحاجتها للتمويل وتغطية مستلزماتها المالية لمواصلة تأدية وظيفتها الإنسانية، وثانياً إلزام المستعمرة لعودة اللاجئين إلى المدن والقرى التي طُردوا منها واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها.
تواجه وكالة الغوث عجزاً مالياً مقصوداً منهجياً مبرمجاً، بعد أن فشلت واشنطن في عهد ترامب شطب الوكالة وإلغاء تفويضها من قبل الأمم المتحدة، ولكنها تواجه أزمات مالية متلاحقة وتردد من قبل الأطراف الممولة على تأدية واجباتها الأدبية والأخلاقية والإنسانية نحو قضية اللاجئين.
لقد بلغ الدعم العربي من البلدان عام 2021، أكثر من مائتي مليون دولار، ولم يزد عن 20 مليون دولار فقط لهذا العام 2022، مما يعكس حجم الفجوة المالية، الذي قد يؤدي إلى توقف العديد من عناوين عمليات وكالة الغوث وعدم مواصلة تشغيلها.
وكالة الغوث هي المعادلة والعنوان لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وبقائها حية قابلة للتداول والاهتمام، مهما بلغ توقيت معالجتها وتأخيره، لوجود الكتلة البشرية من اللاجئين في المخيمات، ولوجود عنوان دولي لهذه الكتلة هو: وكالة الغوث.
فهل تتجاوب البلدان الممولة العربية والأوروبية والولايات المتحدة لنداء وكالة الغوث، أم يتم تركها تغرق في دهاليز الحاجة الملحة وصولاً إلى الاختفاء القسري والرحيل البطيء.