ناجي صادق شراب - النجاح الإخباري - الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تختلف عن كل الحكومات السابقة في مقاربتها لمسألة السلام، والقاسم المشترك “لا للدولة الفلسطينية، ولا للتفاوض مع السلطة الفلسطينية”، وتتبنى إستراتيجية تقليص الصراع وحصره في سياق حقوق اقتصادية وخدماتية، بسلطة وظيفية ليس لها علاقة بالسيادة التي تحتكرها إسرائيل. ومع هذه الحكومه بدأت تطرح رؤى ومقاربات بعيدة كل البعد عن الحلول السياسية، وكأنه لا يوجد صراع فلسطيني – إسرائيلى، ولا يوجد شعب تحت الاحتلال له حقوق سياسية، ولا توجد قرارات للشرعية الدولية تؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وتدين كل صور الاحتلال والاستيطان.
كل هذا ليس في حسابات هذه الحكومة؛ فهي تتجاهل وجود شعب له هويته الوطنية والقوميه، وعدده يزيد على 14 مليوناً، والآلاف من أبنائه أسرى ومعتقلون، وتتجاهل مقاومة هذا الشعب وتضحياته الذي يرفض سياسات الإذلال والإهانه.
تحاول إسرائيل ان تستغل الحالة الاقتصادية التي تعانيها السلطة الفلسطينية، وتقدم حلاً اقتصادياً مقابل الأمن وليس السلام؛ فوزير الخارجية لابيد، وفي لقاء له في «معهد دراسات الأمن القومي» يتحدث عن سلام اقتصادي شامل. وإلييت شاكيد، وزيرة الداخلية تعلن رفضها للدولة الفلسطينيه، وتتحدث عن سلام اقتصادي. وبينت نفسه لا يرى أية فائده للسلام، ويرفض حتى لقاء الرئيس عباس، كما يرفض فكرة الدولة وقال: سنأتي بالسلام الاقتصادي ولن ننسحب ولن نسلم الأراضي، وان دولة فلسطينية ستغرقنا باللاجئين. حتى في اللقاء الأخير للرئيس عباس مع غانتس، تجاهل الأخيركل التحذيرات الفلسطينية التي أراد عباس توصيلها مباشرة، وتحدث عن البعد الاقتصادي والأمني فقط.
ورغم أهمية البعد الاقتصادي أساساً قوياً لسلطة قوية، فإنه يصبح بلا مضمون من دون ربطه بالبعد السياسي، والتسليم به يعني شرعنة للاحتلال.
لماذا تصرّ إسرائيل على مقاربة الاقتصاد مقابل الأمن؟ إنها ترى بأن السلام الاقتصادي يقترن بالنظرية الليبرالية وبمقومات الرفاهية وتحسين مستويات الحياة ومحاربة الفقر والبطالة، وهذا كفيل باحتواء العنف؛ ذلك أن الإنسان عندما يصل إلى هذه المستويات الاقتصادية يحاول ان يحافظ عليها، ولا يضحي بها من أجل الصراع وتؤسس لمواطن يقبل التعايش والسلام. ويرتبط هذا المفهوم بالبعد السياسي للديمقراطية، ومفادها بأن النظم الديمقراطية لا تميل إلى الحروب وتحل مشكلاتها وخلافاتها بالحوار والتفاوض السلمي.
من هذا المنطلق تبرر إسرائيل تهربها من التزامات السلام والإعتراف بأنها سلطة احتلال، وهذا يعني أن الفلسطينيين غيرمؤهلين للسلام في هذه المرحل ، وأن السلام لكي يتحقق يحتاج إلى بنية اقتصادية ونظام سياسي ديموقراطي، وهي بذلك تلغي عامل الزمن.
إن السلطة الفلسطينية تجد نفسها بين فكي الكماشة؛ فهي بحاجة إلى المال الذى سوف يحافظ على ما حققته من إنجازات، وهي ليست مستعده للتضحية بها، لكنها من ناحية الأولويات تتمسك بإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية، بفتح أفق سياسي للتفاوض على أساس الدولة الفلسطينية والمرجعية الدولية. ومن هنا التحذيرات الفلسطينية المستمرة من انهيارالوضع السائد واندلاع انتفاضة شامله تعمّ كل الآراضي الفلسطينية.
لا بدّ من رسالة واضحة لإسرائيل، مفادها بأنه لا بديل عن السلام والمفاوضات على أساس الدولة الفلسطينية والشرعيه الدولية، وأن التحذيرات الفلسطينية جدية وليست مجرد مناوره للضغط.