وكالات - أشرف العجرمي - النجاح الإخباري - بدأ المراسلون الإسرائيليون للشؤون الفلسطينية والشؤون العسكرية يعلقون بسخرية على عمليات إطلاق الصواريخ نحو شاطئ يافا في أول أيام العام الجديد وإطلاق نيران الرشاشات باتجاه التجمعات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، باعتبار أن العملية الأولى تمت بسبب الأحوال الجوية والبرق، حسب تفسيرات حركة «حماس»، والعملية الثانية كانت نتيجة هبوب الريح والتغيرات الكهرومغناطيسية الكونية حسب تفسيرات المراسلين، في استهزاء واضح على تعامل السلطات الإسرائيلية مع حوادث إطلاق النار من غزة باتجاه إسرائيل. وكان الرد الإسرائيلي على العمليات الفلسطينية بما فيها عملية قنص المواطن الإسرائيلي بالقرب من حدود غزة، من وجهة نطر المنتقدين الإسرائيليين، شكلياً وغير رادع لـ»حماس» والفصائل الفلسطينية.
وللوهلة الأولى تبدو الحكومة الإسرائيلية في حالة استغراب من تهديدات «حماس» بالتصعيد في ضوء ما تقول عنه أنها قامت بتسهيلات كبيرة وغير مسبوقة تجاه غزة، وخاصة السماح بدخول آلاف العمال تحت مسمى التجار، وتنوي مضاعفة أرقام هؤلاء العمال في المستقبل القريب، هذا بالإضافة إلى الموافقة على حل مشكلة المنحة القطرية، وتسهيل دخول بضائع كانت ممنوعة في السابق بحجة الاستخدام المزدوج، والموافقة على توسيع التجارة مع مصر، ولا يرون في إسرائيل سبباً للتهديدات التي تطلقها «حماس» والمتعلقة بالإعمار وغيرها.
وتخشى الحكومة الإسرائيلية من الدخول في مواجهة جديدة مع غزة على خلفية التفاهمات بين حركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي»، حيث يرى محللون إسرائيليون أن لكل من الحركتين أسبابها الخاصة للتصعيد مع إسرائيل: «حماس» بسبب عدم التقدم في ملف الإعمار والتسهيلات، و»الجهاد» بسبب الأسير هشام أبو هواش الذي يواجه خطر الموت والذي هددت حركة «الجهاد الإسلامي» بأن استشهاده نتيجة الإضراب المستمر عن الطعام لمدة تزيد على 140 يوماً ستعتبره الحركة بمثابة اغتيال للأسير وسترد بناء على ذلك، أي انها ستقصف إسرائيل. وقد التقى القادة العسكريون للحركتين أول من أمس، لتنسيق المواقف بينهما دون الإفصاح عن فحوى ما دار في الاجتماع.
والتقديرات الإسرائيلية الحالية تشير إلى احتمال المواجهة وإن كانت بعض التحليلات تراهن على رغبة «حماس» في عدم التصعيد لأنها في مرحلة إعادة بناء قوتها التي تضررت بفعل الحرب الأخيرة في شهر  أيار الماضي. وهناك من يرى أن «حماس» أيضاً ليست لوحدها من يقرر وأن العامل الإيراني مهم في الدفع باتجاه المواجهات وتصعيد الموقف لأسباب تتعلق بإدارة المفاوضات على الملف النووي.
ومن جانب آخر، لا ترى إسرائيل أن هذا التوقيت مناسب لخوض حرب، وأن لديها أولويات أخرى كالملف النووي الإيراني والاستعدادات لاحتمال توجيه ضربة لإيران وما سيترتب على مثل هذا التطور، ومشكلة التمركز الإيراني في سورية ونقل الأسلحة الاستراتيجية من إيران إلى سورية، وإيصالها لـ»حزب الله» الذي تتعاظم قوته بشكل مقلق لإسرائيل. وآخر ما تريده إسرائيل هو مواجهات مع غزة الآن، خاصة وأن الائتلاف الحكومي هش للغاية ويمكن أن يسقط نتيجة لشن حرب على غزة، ربما في حال تصويت «القائمة العربية الموحدة» الشريك في الائتلاف ضد الحكومة.
مع ذلك، ينبغي عدم استبعاد أي خيار بما في ذلك مواجهة بين إسرائيل وغزة بغض النظر عن كونها محدودة أو واسعة. وهذه الحكومة المتهمة بالتنازل والتساهل تجاه غزة لن تستطيع تحمل أن تسقط في اختبار الرأي العام، لأن بعض مكوناتها قد لا تتجاوز نسبة الحسم في الانتخابات القادمة وتريد الحصول على رصيد للمعركة الانتخابية المقبلة بالعدوان على غزة، ومنافسة الحكومات السابقة التي قادها بنيامين نتنياهو في استخدام القوة ضد الفلسطينيين. ويمكن أن تنجر تحت ضغط الانتقادات المتعاظمة من اليمين المتطرف تجاهها إلى توجيه ضربات قوية لغزة تؤدي إلى الحرب.
حتى الآن تلعب إسرائيل و»حماس» على الحافة ولا تريدان الانزلاق لمواجهة قد تؤدي لانفجار الوضع بشكل كبير، ويتركز اللعب في الضفة الغربية أكثر منه في  قطاع غزة، حيث تدّعي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن «حماس» تؤجج الوضع في الضفة لأنها تريد إضعاف السلطة الفلسطينية من جهة، وفرض شروط على إسرائيل للتعاطي مع ملفات غزة من جهة أخرى دون أن تدفع ثمن المواجهات. لكن وزير الأمن (الدفاع) الإسرائيلي بيني غانتس وجه تحذيرات واضحة لـ»حماس» بأنه سيستهدف قادتها في غزة إذا ثبت أنهم أعطوا الأوامر لخلاياها في الضفة للعمل ضد أهداف إسرائيلية. أي أن قواعد اللعبة قد تتغير.
وفي الواقع أي شيء يمكن أن يجعل الحرب أمراً واقعاً بما في ذلك احتمال استشهاد الأسير أبو هواش، في ظل التوتر الشديد على الأرض في كافة المناطق الفلسطينية وفي ظل إرهاب المستوطنين واستفزازات الجماعات اليهودية المتطرفة في القدس الشرقية، وسهولة قتل المواطنين الفلسطينيين من قبل جيش الاحتلال الذي غير أوامر إطلاق النار بالسماح بالإطلاق على المتظاهرين الذين يرجمون الحجارة حتى وهم يهربون أو ينسحبون. وكل حادثة هنا أو هناك يمكنها أن تشعل فتيل الحرب وتدفع للاشتباك والمواجهات.