نابلس - أشرف العجرمي - النجاح الإخباري - بدأت الجولة الثامنة من المفاوضات حول الاتفاق النووي مع إيران ويتصدر الاتحاد الأوروبي هذه المحادثات التي يقودها ممثل الاتحاد أنريكي مورا بحضور ممثلي «الترويكا» ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بالإضافة إلى وفدي روسيا والصين وبالطبع إيران، بينما تشارك الولايات المتحدة بصورة غير مباشرة بعد انسحابها من الاتفاق في العام 2018. وهناك تفاؤل من حصول اتفاق خاصة بعد التقدم الفني الذي تم تحقيقه في الجولة السابعة في وقت سابق من هذا الشهر. وبعد أن وافقت الأطراف الأوروبية على قسم كبير من المقترحات الإيرانية.
الممثل الأوروبي مورا توقع حصول اتفاق في غضون أسابيع وليس أشهرا في أعقاب الاجتماع الأول من هذه الجولة الذي بدأ، أول من أمس. وأكد في تصريح له أن الأطراف المشاركة تعمل على إلغاء العقوبات المفروضة على إيران وضمان التزام الأخيرة بتعهداتها بشكل متواز. والتزامن هنا هو الذي يساعد في حل العقدة المتمثلة بتناقض الموقفين الأميركي الذي يريد التزام إيران بالاتفاق أولاً قبل رفع العقوبات، والإيراني الذي يطالب بضمانات لتمكين إيران من تصدير نفطها والحصول على العائدات بالعملات الصعبة ورفع العقوبات كافة عن الدولة.
في الواقع، كل الأطراف معنية بالعودة للاتفاق، فأوروبا منذ البداية كانت تعارض الموقف الأميركي الذي أدى لانسحاب واشنطن من طرف واحد من الاتفاق في عهد الرئيس دونالد ترامب وهي تتوق للتوصل إلى اتفاق مُرضٍ لجميع الأطراف، ولديها مصالح مع إيران كما لها مصلحة في استقرار الوضع الأمني في الشرق الأوسط. والولايات المتحدة لا تملك بديلاً واقعياً للاتفاق مع إيران ويبدو أن مصلحة الرئيس جو بايدن في العودة للاتفاق حتى يسجل لنفسه إنجازاً في ظل تراجع شعبيته في الفترة الأخيرة وهو بحاجة للاتفاق ولا تخدمه الحرب مع إيران. وبخصوص روسيا والصين فهما تؤيدان الموقف الإيراني بشكل عام ولديهما مصلحة أكيدة كما لإيران في الرجوع للاتفاق حيث تربطهما مصالح اقتصادية كبيرة مع هذا البلد.
الطرف الأكثر معارضة ولا مصلحة له في الاتفاق هو إسرائيل التي تريد تشديد الضغوط على إيران لإنهاء مشروعها النووي الذي تدعي أنه عسكري بامتياز ويقربها من إنتاج السلاح النووي، كما تريد توسيع الاتفاق بأن يشمل برنامج إيران لتصنيع وتطوير الصواريخ البالستية بعيدة المدى التي تغطي إسرائيل والقادرة على حمل رؤوس نووية. وكذلك ربط الاتفاق بعدم توسع إيران في دول المنطقة ودعمها لمنظمات تشكل تهديداً على أمن إسرائيل مثل «حزب الله» وفصائل المقاومة في غزة وتواجدها ومحاولات تمركزها في سورية.
والأطراف الدولية لا ترى هذه المطالب ملحة حتى لو كانت الولايات المتحدة تؤيد هذا الطرح ولكنها فعلياً لا تصر على تضمينه في الاتفاق في هذه المرحلة وربما يصار إلى المفاوضات حول هذه البنود لاحقاً في إطار توسيع الحوار والضغط على إيران. وهذا الخلاف في المواقف بين إسرائيل والولايات المتحدة يثقل كثيراً على السياسة الإسرائيلية ويضع الحكومة في مأزق، وخاصة في ظل رغبتها في ضرب المشروع النووي الإيراني وشله بصورة كبيرة وتأخير قدرة إيران على إنتاج سلاح نووي، ومعارضة واشنطن لهذه الفكرة طالما هناك إمكانية للعودة للاتفاق السابق وطالما تلتزم إيران بتعهداتها وفقاً له.
هناك أصوات عديدة داخل إسرائيل وخاصة من رجالات الأمن تطالب بالإسراع بتوجيه ضربة عسكرية لإيران حتى لو كان الثمن تعرض إسرائيل لقصف صاروخي إيراني وربما الحرب مع «حزب الله» في الجبهة الشمالية واحتمالات التصعيد مع غزة. وهؤلاء يعتقدون أن الوقت ضيق أمام إسرائيل وفرصتها تكمن في البرهة التي تسبق التوصل إلى اتفاق مع إيران. وعملياً، بدأت إسرائيل منذ فترة تجهز نفسها لهذا السيناريو وأجرت تدريبات ومناورات تحاكي الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، كما ابتاعت صواريخ وقنابل من الولايات المتحدة خاصة بتدمير الأنفاق والمواقع المبنية تحت الأرض كما هو حال بعض المنشآت الإيرانية. وتحاول الحصول على طائرات التزويد بالوقود في الجو. وكلما تقترب فرصة الحل يزداد التوتر داخل المؤسسة السياسية والأمنية في إسرائيل.
وليس واضحاً مدى رغبة إسرائيل في المجازفة بشن حرب على إيران دون ضوء أخضر أميركي ودون دعم لوجستي من الوحدات والقواعد العسكرية الأميركية المتواجدة في المنطقة على مقربة من إيران. فمثل هذا الاعتداء قد يقود إلى تعقيدات تتجاوز حسابات إسرائيل وتحرج شركاءها وحلفاءها في المنطقة والعالم. وحصول ضربة إسرائيلية من هذا النوع سيواجه ربما بتقديم روسيا مساعدات لإيران وخاصة في المجال الاستخباري. ومع كل هذه التشابكات في احتمال قيام إسرائيل بضرب إيران، لا ينبغي أن نسقط هذا الخيار، خصوصاً أن إسرائيل في غالب الحالات تحظى بغطاء أميركي - دولي حتى في ظل عدم موافقة الولايات المتحدة على السياسة الإسرائيلية كما تفعل واشنطن ذلك باستمرار في التغطية على العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.