نبيل عمرو - النجاح الإخباري - استخدمت الحروف اللاتينية لأنها الأكثر تداولا في الحديث عن المنظمات غير الحكومية المنتشرة في بلادنا، وتقع هذه المنظمات ضمن تصنيفات يتداولها الناس، بعضها وهمي اختلق من اجل التمويل، وبعضها الاخر متهم باستخدامه كغطاء استخباري لقوى خارجية. وهذا النوع ليس هو ما يعنيني في هذه المقالة، لأن الذي يعنيني ويعني المواطن والمجتمع الفلسطيني، هي المنظمات الجدية التي برهنت عن حضور منتج وفعال ومستمر في حياتنا، وسدت ثغرات كثيرة وكبيرة في مجالات حيوية عدة، حتى ان بعضها تفوق في ادائه على الحكومات ذات الإمكانيات الأكبر، ومن هذه المنظمات تلك التي أعلنت الحكومة الإسرائيلية الحرب عليها أي المنظمات الست، التي تعمل منذ سنوات طويلة وفي وضح النهار، وان كنا لا نعرف بنيتها وهياكلها وتمويلها فإننا نعرف إنجازاتها.
الذريعة التي استخدمت لتبرير هذا العمل العدواني الفظ، ان هذه المنظمات تتبع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وانها تقوم بتمويل الإرهاب، ومن اجل غسيل هذا القرار توجه وفد إسرائيلي الى واشنطن وربما الى بلدان أخرى، حاملا معه ما وصف بتقارير استخبارية تدين هذه المنظمات وتبرر قرار اعلان الحرب عليها.
حكاية الجبهة الشعبية هي اكثر عنوان إسرائيلي ساذج ومثير للسخرية، ذلك ان كل الذين يعملون الان على ارض فلسطين، والذين جاؤوا بعد أوسلو، وكانوا في الوطن قبلها، ينتمون الى كل فصائل منظمة التحرير التي ابرمت الاتفاق مع إسرائيل، اما حكاية دعم الإرهاب وارسال تقارير استخبارية الى واشنطن وغيرها، فهذا أيضا نوع من تحايل ساذج وضع فيه متخذ القرار نفسه في موضع الحكم بينما هو الخصم ، فليس صعبا تلفيق تقارير ومعلومات تصنعها مطابخ الاستخبارات في إسرائيل وهي بارعة في هذا المجال.
ثم ان الجهات التي تلقت تقارير الاستخبارات لا يمكن ان تقدم ولو دولاراً واحداً دون ان تعرف مسبقا لمن قدمت والى اين ستذهب الأموال.
كل ما تقدم يندرج في سياق فني لما حدث اما السياق السياسي وهو الأخطر في الامر كله، فهو مضي إسرائيل في برنامجها المعلن والذي تتداوله كل حكوماتها بصرف النظر عن اوصافها ومسمياتها.
برنامج تعميق السيطرة واطالة امدها حتى الى الابد ان امكن على الحياة الفلسطينية بجملتها وتفاصيلها، وضمن هذا البرنامج تقع مسألة الضغط المالي بالاقتطاعات الباهظة من أموال الشعب الفلسطيني، وتقع كذلك حرب قطاف الزيتون التي نحن في موسمها الان، حيث المستوطنون المحروسون من قبل القوات الحكومية الإسرائيلية، وحرب الاستيطان التي يصدر كل يوم قرار اما لإنشاء جديد او لتوسعة القديم، ناهيك عن الاغلاق المطلق على غزة وبصورة مختلفة الوسائل على الضفة والقدس، وكل ذلك يدعمه اغلاق المسار السياسي الذي يريده الفلسطينيون مع فتح مسار اقرب الى الرشوة يسمونه مجازا بالمسار الاقتصادي.
العالم يقف مشلولا من حيث الفعل، مكتفيا بإطلاق البيانات المنددة بهذه الحرب، اما أمريكا فهي عاتبة على الابن المدلل الذي اتخذ القرار دون تنسيق معها مع ان إسرائيل قالت في حينه انها اعلمت مصادر أمريكية عديدة بصورة مبكرة.
ان علاجا واحدا فعالا لمواجهة هذه الحرب هو ان تواصل المنظمات الست وكل من يماثلها العمل كل في مجاله وبزخم مضاعف ولن يكون صعبا على الشعب الفلسطيني ان يمول أنشطة هذه المنظمات، وشعبنا مجرب في أمور اصعب من هذه فالبلد كله بني بفعل المبادرات الشعبية قبل زمن الثورة والسلطة وسوف يواصل.