عيسى قراقع - النجاح الإخباري - ماذا لا يقاطع الفلسطينيون المحاكم العسكرية الإسرائيلية؟ سؤال الصحفية الإسرائيلية عميرة هس، فمنذ 54 عاما من الاحتلال اصبح هناك خبرة متراكمة لدى الشعب الفلسطيني عما يجري تحت الأقنعة التي ترتديها محاكم الاحتلال، نظام عنصري تمييزي، احكام انتقامية تعسفية، غياب المحاكمة العادلة، فهل نستمر في دورنا كممثلين في هذه المسرحية التي تسمى محاكم ونبقى نتعامل معها كأمر واقع وطبيعي؟
نعم قاطِعوا محاكم الاحتلال الإسرائيلي، ولنبدأ بمقاطعة محاكم الاعتقال الإداري كخطوة لتفكيك ارتباطنا بمؤسسات وأدوات الاحتلال، ولنكشف الأقنعة التجميلية المخادعة حول دور هذه المحاكم التي تعتبر الأداة والوسيلة الأخطر لتعميق وتكريس الاحتلال واضفاء الشرعية عليه.
قاطِعوا محاكم الاعتقال الإداري لانها لا تعترف بالفلسطيني كأنسان، انه دون خط البشر، انه الإرهابي والمجرم والقاتل، لا مكانة حقوقية ووطنية إنسانية له، انه انسان مهدور تعمل هذه المحاكم على تجريده من مشروعية نضاله ضد الاحتلال ومن حقه كمحارب قانوني في حركة تحرر وطني تسعى للحرية وحق تقرير المصير.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري بكل مستوياتها واختصاصاتها من محاكم التثبيت الى محاكم الاستئناف الى المحكمة العليا، انها جميعا تمارس دور القاضي والجلاد، تأتمر بأوامر المخابرات، ختم مطاطي لمنظومة القمع الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.
قاطِعوا محاكم الاعتقال الإداري، فالوقوف امام هذه المحاكم والتعامل مع لوائح اتهام غامضة او سرية او كيدية فهذا يعني الموافقة مسبقا على اعتبار كل شكل من اشكال المقاومة لهذا المحتل جريمة، ولا احد يقبل ان يرضى بوضع المشنقة على رقبته او القبول طواعية بعبودية تحت بساطير الاحتلال.
قاطِعوا محاكم الاعتقال الإداري، عطلوا هذا النظام المتوحش، عطلوا ترتيباته وروتينه، انزعوا شرعية هذه المحاكم التي لم ترحم أحدا من أبناء شعبنا بسبب الظلم والجور والتعسف الذي تمارسه في أروقتها.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، أوقفوا هذا الاستنزاف البشري الكبير الذي يدفع ثمنه الالاف من ابناء شعبنا، أوقفوا هذه السياسة التي تحولت الى عقاب جماعي واجراء يومي وروتيني تقوم به سلطات الاحتلال بحق الكبير والصغير والرجل والمرأة.
قاطِعوا محاكم الاعتقال الإداري، حرروا الشعب الفلسطيني من كونه اصبح رهينة لهذا الاحتلال، اعتقالات لمجرد الاشتباه، اعتقالات تحت حجة وجود ملف سري، انها شعوذات وبلطجات المحتل الذي يتهم الشعب الفلسطيني دائما انه يشكل خطرا على الكيان الصهيوني يستحق القتل او الاعتقال.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، أوقفوا زمن السجن المفتوح، هذا التعذيب النفسي، هذا الانتظار والقلق، هذا الكابوس، هذه اللعبة القاسية التي تجعل الأسير لا يعرف لماذا اعتقل ومتى سيفرج عنه، انقذوا اسرة الأسير التي تتعذب وهي تنتظر ما بين تجديد وتجديد لهذا الاعتقال.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، حطموا عقيدة الاحتلال القائمة على مبدأ صهر الوعي الفلسطيني كممارسة ثابتة في اطار منظومته الاستعمارية، الانهاك الوطني والفكري والجسدي، إعادة صياغة البشر وفق نظام السيطرة الإسرائيلي.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، هذا المجهول زمانيا ومكانيا، الاجراء المتطرف الخارج عن القانون والعدالة الإنسانية، حالة الطوارئ التي لم تنته ولا تزال تطحن الاسرى عقليا وروحيا.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، هذه الاكذوبة التي تسمى القضاء الإسرائيلي، اعتقال الحالمين والنشطاء السياسيين ونشطاء العمل الاجتماعي، سياسة خربشة حياة الأسير وعائلته، حطموا هذه الصورة البشعة لهذا القضاء ودوره الشكلي والصوري، اخرجوا من هذه العلب المغلقة وهذه الأبواب المدورة ومن المعاناة المضاعفة والمتزايدة والمكررة.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، دمروا هذا الاستثناء الذي تحول الى قاعدة جارفة، ومن تدبير شديد القسوة الى عقاب جماعي وسيف مسلط على كل فلسطيني، السلب والنهب والهدم والاستيطان والقتل والاعدامات تتم جميعها بقرارات قضائية وبتشريعات عدائية لحقوق الانسان وحقوق الشعب الفلسطيني.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، فالأسير اذا لم ينتزعوا منه اعترافا يحول الى الاعتقال الإداري، واذا افرج عنه يعاد اعتقاله في كل لحظة، تحويل الأسير الى شخص مهووس، ملاحق، مقيد في كلامه وحركاته وعلاقاته ووتنقلاته، تحويل حياة اسرة الأسير الى جحيم، انه في دائرة مغلقة من البيت الى السجن وبالعكس.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، فالاعتقال له انياب تتفرع وتتوسع وتتوغل في حياة اسرة الأسير، إقامة جبرية، منع سفر، غرامة مالية، ابعاد او تهديد بالإبعاد، سلسة عقوبات تطال المجتمع الفلسطيني برمته، فإما الخضوع واما البقاء في ظلام السجن.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، اخرجوا من ساعة القضاة ورجال المخابرات، تجديد، عدم تجديد، التحكم بمدة الاعتقال ووقت الافراج، ليكن لنا زمننا الخاص وليس زمن السجن المفتوح، يكفي ترقب وتوقف وانتظار، نحن بحاجة الى خطوة الى الامام، وان نملك نحن الوقت تماما.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، هذه البطيخة التي تعرف لونها الخارجي ولكنك لا تدري لونها الداخلي ومذاقها وطعمها، ودائما طعمها شديد المرارة، الانجرار الى المجهول، الصفقات، المساومات، طلاسم، تنهك الادراك والمشاعر والاحلام وتضعك في مربع اللايقين.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، هذه المحاكم التي تتبع سياسة المراقبة والتفتيش في كل تفاصيل حياتك، هي معك في البيت وفي الكتاب وعلى الشاشة، في كلامك ومنشوراتك والبوم صورك، فأنت متهم بجريمة فيسبوكية، وانت متهم بسبب اصدقائك الافتراضيين على موقعك الاجتماعي، وكما قال الأسير المحرر الصحفي عمر نزال: تعتمد مدة الحكم تبعا لعوامل عدة ذات ابعاد فيسبوكية تقنية، مثل عدد الذين وضعوا (لايك) لهذا البوست التحريضي، وعدد الذين علقوا عليه وعدد الذين اعادوا نشره، اصبح الفيسبوك اياديه ملطخة بالدماء يجب القاء القبض عليه، وأصبحت هذه المحاكم سوق تحدد اسعار الاحكام كما تشاء.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، هذه المحاكم تطبق القوانين النازية العنصرية، تذهب في الطريق ذاته الذي سلكها النازيون، وكما قالت (استير حيوت) رئيسة محكمة العدل العليا الإسرائيلية بأن القوانين التي سنها الكنيست الإسرائيلي تشبه قوانين (نيرنبرج) النازية، قوانين الرايخ التي تسمح بدوس منظم للكرامة الإنسانية.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، هناك اجماع دولي وحقوقي يتهم إسرائيل كسلطة محتلة بانها تستخدم الاعتقال الإداري كعقاب جماعي ومخالف للقوانين الدولية، فالنستثمر هذه الحاضنة الدولية ونقلب الطاولة على رؤوس هؤلاء القضاة العسكريون وننزل الستارة عن هذه المسرحية المستمرة.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، لان نسبة البراءة في هذه المحاكم تكاد تساوي صفر، لا احد بريء الكل متهم، الكل مدان، والكل مصيره السجن، لم تنظر هذه المحاكم في الاف الشكاوي المرفوعة اليها حول انتهاكات حقوق الاسرى، لا محاسبة ولا مساءلة، المحققون والجنود والسجانون يحظون بحصانة وحماية من القضاء الإسرائيلي.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، ردا على العقلية الفاشية الإسرائيلية التي وردت في مقال لنقابة الصحفيين اليهود الأمريكيين والذين يدعون فيه الى كسر روح المقاومة لدى الاسرى الفلسطينيين كمقدمة لهزيمة الشعب الفلسطيني، وردا على دعوات المسؤولين الإسرائيليين بتشديد الإجراءات على الاسرى، وقد دعت بعض التصريحات الى قتل الاسرى وخنقهم بالغاز.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، ولتكن خطة وطنية استراتيجية يشارك بها الاسرى وذووهم والمؤسسات الحقوقية والمؤسسات الرسمية ونقابات المحامين، مصحوبة بحملة شعبية وجماهيرية وإعلامية وتحركات على كل المستويات الدولية، نحن بحاجة الى قفزة توعية، الى حالة تمرد وعصيان، نحن بحاجة الى وحدة وطنية ورؤية جماعية وليست حزبية او فردانية او وجاهية.
قاطعوا محاكم الاعتقال الإداري، ولتعيد الحركة الاسيرة حساباتها، فمن المهم إعادة الاعتبار للعمل الجماعي والنضال الموحد والمنظم والقيم الوطنية الجامعة لمواجهة العدوان المستمر على حقوق اسرانا وشعبنا، ولنشكل حالة فارقة باسقاط قناع الشرعية الذي يستخدمه الاحتلال من اجل اعطاء طابع قانوني لممارساته الاستعمارية والعنصرية والعدوانية ضد شعبنا الفلسطيني.