هاني حبيب - النجاح الإخباري - في حال نجاح المعارضة الاسرائيلية بزعامة نتنياهو في إسقاط حكومة بينيت، فإن انتخابات خامسة ستكون أمراً لا مفر منه، ولو عدنا إلى ما يزيد على عامين للاحظنا أنّ تدحرج سلسلة هذه الانتخابات التشريعية قد بدأت نتيجة لموقف وزير الحرب آنداك أفيغدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» على خلفية معارضته قانون منع فتح الحوانيت أيّام السبت، الأمر الذي أثار أزمة في الائتلاف الحكومي بعد إثارة ملف تجنيد الحريديم والمدارس التوراتية، في ذلك الوقت كان من الممكن أن تسقط الحكومة على خلفية توجيه القضاء الاسرائيلي لملفات اتهام ضد رئيسها نتنياهو، إلاّ أنّ هذا الاخير دحرج الأزمة لكي تعقد انتخابات مبكرة يعتقد أنّها ستوفّر له فرصة أفضل لتجديد منصبه بشكلٍ أقوى وبهدف أن تعقد انتخابات مبكرة ليس على خلفية المحاكمات، ولكن على خلفية الخلاف بين الحريديم وليبرمان، وهذا ما كان.
وللتذكير أيضاً، فإن فشل نتنياهو، أكثر من مرة في تأليف حكومة منفرداً بنتائج الانتخابات المتلاحقة يعود بما بات يعرف «ببيضة القبان» بعد أن أعاد حزب إسرائيل بيتنا بزعامة ليبرمان تأكيد موقفه الرافض لمشاركة الحريديم بأي صورة من الصور في الحكومة، وفي خضم الحملة الانتخابية الأخيرة، أثار ليبرمان ضجة سياسية عندما دعا إلى إلقاء اليهود المتشددين «الحريديم» ورئيس الحكومة نتنياهو في مكب النفايات، وذلك تأكيداً لموقفه الثابت إزاء هذه المجموعة الدينية التي يرى أنها تتكسّب من وراء حاجة حكومة نتنياهو لها، ما يتيح لها أن تنال نصيباً مالياً ومراكز وزارية في الحكومة أكثر من حجمها في حين أنها لا تمثّل سوى 13% من السكان، هذه المجموعة تتبنى سياسة اجتماعية محافظة تعارض الزواج المدني كما تعارض استخدام وسائل المواصلات أيام السبت، وتعتمد نظاماً تعليمياً خاصاً بها يرتكز على الدراسات التوراتية في حين أنها معفية من الخدمة العسكرية.
لذلك، ومع أنّ حكومة بينيت تركّز الأضواء على المنتصرين فيها بعد الاطاحة بنتنياهو فإننا نعتقد أنّ أهم المنتصرين هو وزير المالية الجديد أفيغدور ليبرمان، صحيح أنه لم يقذف بالحريديم ونتنياهو إلى مكب النفايات، إلاّ أنه نجح بمشاركته في الحكومة الجديدة بالقذف بهم إلى المعارضة، ومن ناحية ثانية قد لا تلفت الانتباه، فإنّ ليبرمان هو الوحيد تقريباً الذي ظل على تعهداته وتمسّك بمواقفه دون أن يخضع للابتزاز بينما أبدت معظم أطراف المعادلة الحاكمة الجديدة تنازلات هنا وهناك، وهذا من شأنه أن يعزز زعامة ليبرمان داخل حزبه وبين جمهوره الذي يعتمد أساساً على المهاجرين الروس ومعهم من العلمانيين المعارضين لسيطرة القوى الدينية على مقدرات الدولة العبرية، وتبدو فرص ليبرمان قد تكون أفضل في انتخابات لاحقة.
الحريديم، وقبيل تشكيل حكومة بينيت ثم نيلها للثقة وجهوا كل جهودهم ودعواتهم وصلواتهم ولعناتهم على رئيس الحكومة الجديدة، ونصبوا أنفسهم حماة دولة اليهود الذي وصلت إلى نهايتها مع وصول هذا الأخير إلى رئاسة الحكومة، وطالبوه بنزع «الكيب» عن رأسه باعتبار أنّ هذه المجموعة هي الوحيدة المناط بها بإعطاء صفة اليهودي لأي شخص من عدمه في نموذج لصكوك الحرمان، إلا أنّ هذه اللعنات لم تتوجه إلى ليبرمان لاعتباره في الأصل كافراً بينما بينيت كما يقولون خرج عن الدين.
ليبرمان حقق من خلال مشاركته في هذه الحكومة الأهداف الثلاثة التي وضعها كشرط للمشاركة فيها، وهي الاطاحة بنتنياهو وإبعاد الحريديم عن الحكومة وتسلّم وزارة المالية، الأمر الذي يجعل من ليبرمان الميزان الداخلي كما يرى في معادلة الحكومة الجديدة.
عن جريدة الأيام