باسم برهوم - النجاح الإخباري - بعد 73 سنة على تأسيسها، الفاشية فكرا وادوات تنخر في جسد إسرائيل وعقلها. حاخامات العنصرية والتطرف يحرضون جمهورهم الفاشي " افعلوا أي شيء لمنع تشكيل حكومة جديدة "، انها دعوة صريحة للقتل والاغتيال او لارتكاب مجازر وافتعال مواجهة عنيفة مع الشعب الفلسطيني. الصهيونية الدينية تعود لتنظيم مسيرة الأعلام في القدس المحتلة يوم الخميس القادم، وذلك في محاولة لدفع الأمور لحافة المواجهة، وربما حرب جديدة قد تخلط الأوراق من جديد. ويبقى نتنياهو امير الجماعة الفاشية.
مسؤول جهاز الأمن " الشباك " يحذر من تصعيد التحريض الذي سيقود للقتل والاغتيال، على غرار اغتيال رئيس وزراء إسرائيل رابين عام1995 على يد اليمين المتطرف الصهيوني.
في مقال سابق قلت ان هناك ما يشبه الحرب الأهلية داخل معسكر اليمين الاسرائيلي، ولكن المسألة هي أعقد من ذلك، فهناك خلل بنيوي في إسرائيل عميق الجذور، هذه الدولة حديثة وديموقراطية بالشكل لكنها دولة متعفنة فكريا، دولة رجعية من مخلفات حقبة الاستعمار القديم ومن عهود سيطرة الفاشية والعنصرية على اوروبا في النصف الأول من القرن العشرين. ومن البديهي ان تحرق العنصرية أصابع اصحابها، او تحرقهم كلهم، إسرائيل قامت ونشأت وتطورت انطلاقا من فكرة وفكر عنصري يميز عرق صاحب هو ينفي وجود الآخر.
كانت هناك عدة فرص امام إسرائيل لتتخلص من فكرها القديم، من إرثها العنصري وتاريخ التطهير العرقي والاستيطان والتوسع لكنها اختارت ان توغل في عنصريتها وتطرفها وهي اليوم تدفع الثمن. نتنياهو قاد انقلابا من منتصف تسعينيات القرن منذ اغتيال رابين، ومنذ ذلك التاريخ حول إسرائيل الى دولة فاشية بامتياز، بعد ان نجح بتفتيت كل القوى العقلانية نسبيا والتي كان يطلق عليها يسار ووسط. عمل نتتياهو كل شيء من أجل توسيع قاعدة اليمين واليمين المتطرف، وتحويل اليهود في إسرائيل إلى قطيع تحركه الغرائز، واليوم هو يستخدم هذا القطيع القبلي الفاشي لإخافة المعارضين.
مشهد إسرائيل يبدو اليوم وكأنك تشاهد فيلما وثائقيا عن قبائل تعيش قبل آلاف السنين، او فيلما عن المانيا في الثلاثينات مع صعود الحزب النازي، وفي ايطاليا مع صعود الفاشية...اي تخلف أكثرمن ذلك؟
لقد حاولت الصهيونية ليكون الشرق الاوسط مقسما إلى طوائف وأعراق صغيرة، ان تحول المنطقة لتكون على شاكلتها " الدولة اليهودية "، ان تحول الدول العربية الى دويلات طائفية وعرقية بفكر ضيق عنصري، لكن من يصنع السم يذوقه.
الخطير في كل ذلك، ونتنياهو يحاول حرق الأرض كما قال منافسه بينيت في زعامة اليمين، ان تقود هذه الهيستريا إلى انفجار كبير وضحايا اكثر، خصوصا اذا واصل نتنياهو جنونه في تنظيم مسيرة الاعلام النازية في القدس، لأن الشعب الفلسطيني لن يصمت وسيواجه بكل السبل هذا الجنون، اي انفجار قادم قد لا تكون حدوده فلسطين التاريخية، قد تتسع دائرة الانفجار لتتحول الى حرب إقليمية...قد يكون هذا هدف نتنياهو ولكن الثمن الذي ستدفعه إسرائيل سيكون كبيرا جدا هذه المرة، ليس من المحاربين معها فقط بل من كل العالم غير الراغب ابدا في تصعيد التوتر.
عن الحياة الجديدة