ايهاب عمرو - النجاح الإخباري - لعل القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بشأن تقرير الولاية القضائية الإقليمية على الأراضي الفلسطينية، الذي جاء نتيجة جهد حثيث للدبلوماسية الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس وطواقم وزارة الخارجية، كان متوقعا، ليس فقط بسبب ما صرحت به المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية عند إحالتها للطلب للمحكمة التمهيدية بشأن تقرير الاختصاص الإقليمي للمحكمة من أنها لم تطلب من المحكمة الإذن بالشروع في إجراء التحقيقات كون أن معايير الشروع بالتحقيقات قد توافرت، وإنما أيضا لاعتبارات موضوعية استندت إليها المحكمة عند إصدارها للقرار المذكور، منها أن دولة فلسطين تعد عضوا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998. ناهيك أنه جاء في توقيت مريح للمحكمة وللمدعية العامة، خاصة بعد إزاحة الرئيس الأميركي الشعبوي الأسبق دونالد ترامب عن المشهد السياسي الداخلي والدولي، ما يمنع من ممارسات أية ضغوطات أو فرض عقوبات إضافية على أعضاء مكتب المدعية العامة أو المحكمة على السواء.
ولعل القرار الصادر عن المحكمة المذكورة يعكس الإجماع الدولي بشأن الحالة الفلسطينية، خاصة الدول الموقعة على نظام روما الأساسي لسنة 1998.
ومن خلال استقراء الآثار المستقبلية للقرار سالف الذكر يمكن القول إنه من المتوقع ألا تسمح الحكومة الإسرائيلية لأعضاء مكتب المدعية العامة بمباشرة التحقيقات الميدانية، خاصة من جهة كونها غير موقعة على نظام روما الأساسي سالف الذكر، وفي ظل عدم وجود أية إمكانية لممارسة ضغوط من قبل الإدارة الأميركية عليها بهذا الخصوص. والسؤال المطروح: كيف يمكن لمكتب المدعية العامة إجراء مثل تلك التحقيقات في ضوء تلك المعطيات؟
إن الإجابة عن هذا السؤال ليست من الصعوبة بمكان حيث يمكن لأعضاء مكتب المدعية العامة التواصل مع المؤسسات الحقوقية الفلسطينية، والدولية، وحتى الإسرائيلية مثل مؤسسة بتسيلم من أجل الحصول على المعلومات ذات العلاقة. ناهيك عن إمكانية تواصل الأفراد المتضررين مباشرة مع مكتب المدعية العامة عبر وسائل التكنولوجيا المتاحة، أو من خلال التواصل مع الجهات الرسمية الفلسطينية المختصة.
ولعل هذا القرار سوف يشكل وسيلة ضغط على الحكومة الإسرائيلية ما قد يساعد في منعها من ارتكاب أية انتهاكات مستقبلا، وهذا يشكل جزءا مما تهدف إليه القرارات الصادرة عن مكتب الإدعاء العام التابع للمحكمة الجنائية الدولية، تماما كما حدث مع نظام الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير حيث تم استخدام قرار مدعي عام الجنائية الدولية آنذاك كوسيلة ضغط لمنعه من ارتكاب أية انتهاكات أخرى. إضافة إلى استخدام القرار المذكور كوسيلة ضغط لحث نظام البشير على المضي قدما في دفع عملية السلام مع جنوب السودان وعدم عرقلة إجراءات انفصاله عن الوطن الأم.