راسم عبيدات - النجاح الإخباري - لا بد من طرح الحقائق واضحة وعارية وبدون بيع اوهام وخداع وتضليل، أمام المقدسيين حول طبيعة الخيارات المطروحة أمامهم للمشاركة في الانتخابات التشريعة والرئاسية بعد صدور المراسيم عن الرئيس التي تحدد تواريخ إجرائها.
وثمة أسئلة كثيرة واستفسارات يطرحها المقدسيون، وهي مشروعة وتحتاج الى اجوبة مقنعة من قبل لجنة الإنتخابات المركزية ومن قبل صناع القرار الفلسطيني سلطة واحزابا وفصائل، هل السلطة والفصائل جاهزة ومستعدة لخوض اشتباك سياسي مع الاحتلال حول مشاركة المقدسيين في الانتخابات بعد تأجيل قضية القدس الى ما يسمى بالمرحلة النهائية والتي حتى اللحظة لم تأت بعد 27 عاماً، وعملية التأجيل تلك ندفع ثمنها حتى اللحظة ، والتي بات فيها المحتل في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية والعربية وتنامي قوة اليمين المتطرف في دولة الإحتلال، وبلوغ الاستيطان في مدينة القدس مرحلة ال" تسونامي" أكثر قدرة على فرض شروطه وحسمه لمعركة القدس، أي هل ستصر الفصائل والسلطة على أن يكون هناك مراكز اقتراع في القرى والبلدات المقدسية داخل جدار العنصري؟ بحيث يمارس المقدسيون فيها حقهم في الانتخاب وكل ما يتصل بالعملية الانتخابية من دعاية وتجمعات انتخابية وحق المرشحين والمراقبين بالوصول الى صناديق الاقتراع... وفتح صناديق انتخابية في المساجد والمؤسسات التعليمية ؟
واذا ما تعذر ذلك فهل السلطة والفصائل من باب ممارسة الضغط على الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والدول الأوروبية التي لديها قنصليات في القسم الشرقي من المدينة ان تكون مستعدة لفتح سفاراتها كمراكز اقتراع لتصويت المقدسيين فيها، وترجمة قرارهم وموقفهم الى فعل بتبني شعار حل الدولتين واعتبار القسم الشرقي من القدس مدينة محتلة وفق القانون الدولي وإلزام اسرائيل باحترامه؟ ام أن ذلك مجرد كلام وشعارات بدون رصيد، وبأن تلك الدول تابعة لأمريكا وتخشى اسرائيل وغير قادرة أو لا تجرؤ على فرض أي عقوبة عليها؟
وهل الخيار البديل الذي ستمارسه السلطة والفصائل في ظل عجزها عن فرض الخيارات السابقة أو إجبار اسرائيل على تنفيذها،ستقول في إطار الذرائعية والتبرير يشارك المقدسيون في الانتخابات من خارج حدود بلدية الاحتلال في ضواحي مدينة القدس او من خلال التصويت الألكتروني وعقد التجمعات الانتخابية الكترونياً وكذلك ممارسة الدعاية الانتخابية ونحن نتعاطى مع القدس كمحافظة وليس خارج وداخل جدار الفصل العنصري؟ وهذا بحد ذاته هروب الى الأمام وتسليم بالشروط الإسرائيلية. وهل هناك ضمانات دولية وعربية وإقليمية بان من سيترشح عن دائرة القدس ممن تعتبرهم اسرائيل وأمريكا تنظيمات إرهابية ان لا يجري اعتقالهم او طردهم خارج حدود ما يسمى ببلدية القدس كما جرى مع نواب حركة الإصلاح والتغيير المحسوبين على حماس، احمد عطون ومحمد ابو طير ومحمد طوطح ووزير شؤون القدس السابق خالد ابو عرفه الذين جرى سحب اقاماتهم ( الهوية الزرقاء ) وابعادهم الى مدينة رام الله بعد فوزهم في الانتخابات التشريعية عن دائرة القدس كانون ثاني/2006 تحت ذريعة ما يسمى بقانون الولاء لدولة الاحتلال والدخول الى دولة الاحتلال. اسرائيل تحتل المدينة وتضم سكانها قسراً وتعتبر سكانها الأصليين دخلاء على المدينة.
خيار تصويت المقدسيين خارج ما يسمى بحدود بلدية القدس، سيجعل من اقبال المقدسيين على المشاركة في هذه الانتخابات متدنيا، ناهيك عن هذا الخيار مستقبلاً سيرفع ويزيد من نسبة المشاركين في الانتخابات لبلدية الاحتلال وكذلك سيزيد من نسبة الساعين للحصول على الجنسية الإسرائيلية. أضف الى ذلك بان الاحتلال لاعب أساسي في تلك الانتخابات، وأجهزته واعوانه وطابوره الخامس سيعملون على افشال الانتخابات في القدس وسينشرون ويبثون الإشاعات بان من سيشارك من حملة الهوية الزرقاء في الانتخابات التشريعية للسلطة الفلسطينية ستسحب هويته الإسرائيلية " الزرقاء" او ستقطع عنه مخصصات التأمين الوطني والتأمين الصحي او مخصصات التقاعد والشيخوخة والأرامل وغيرها من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
والبعض قد يطرح بأن يصوت المقدسيون عبر كود محدد الكترونياً، وهذا سيثير شكوك اويخلق بلبلة وإشاعات واتهامات بالتلاعب والتزوير وغيرها.
هذه التساؤلات والإضاءات ليست من باب التشكيك او خلق حالة من اليأس والإحباط، بل هي ضرورية وعلى درجة عالية من الأهمية، كي لا نقع في المطبات دوماً،لأني قرات تصريحاً لعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الرفيق تيسير خالد يقول فيه بأن اسرائيل خدعتنا فيما يتعلق بانتخابات القدس، ودعا الى تحديث سجل الناخبين للمحطتين الانتخابيتين في مدينة القدس وضواحيها وبما يغطي جميع سكان محافظة القدس بمن فيهم التجمعات البدوية، والى تحرير هذا السجل من جميع القيود الاسرائيلية التي كانت سببا في انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، التي جرت في العام 1996 وفي عامي 2005 و 2006.
وأضاف:" لقد حصرت هذه القيود المشاركة في المدينة في بضعة آلاف نتيجة ترتيبات ينبغي عدم تكرار الالتزام بها، ونتيجة "عمليات خداع فرضتها اسرائيل على قيادة السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية في حينه".
وقرأت جيداً الورقة التي رفعها حزب الشعب الفلسطيني يوم الإثنين الموافق 11/1/2021 الى الرئيس أبو مازن حول مشاركة المقدسيين في الانتخابات التشريعية والرئاسية والتي حملت عنوان "تعديلات مقترحة على قانون الانتخابات في القدس" بإضافة الفقرة 3 للمادة 7 حول الحدود الانتخابية لمنطقة القدس، بحيث تشمل التجمعات السكانية داخل جدار الفصل العنصري وخارجه (محافظة القدس) وكذلك تعديل المادة 115 حول دور لجنة الانتخابات المركزية، بحيث تمارس نفس الدور الذي تمارسه خارج جدار الفصل العنصري في داخل حدود ما يسمى ببلدية القدس.
وهنا لكي تكون الملاحظات والإضاءات واضحة بشكل جلي ولا نترك مجالا لأحد لكي يقول انخدعنا، أو أننا لم نكن على علم ودراية، أود التذكير بأن اتفاق أوسلو الذي اجل قضية القدس الى المرحلة النهائية، وتنازل فيه المفاوض الفلسطيني ومن وقع ذلك الاتفاق عن تمثيله لأسرى القدس والداخل الفلسطيني- 48 – معتمداً على حسن النوايا وبأن هؤلاء الأسرى يحملون الهوية الإسرائيلية " الزرقاء" والـ48 مفروض عليهم حمل الجنسية الإسرائيلية، هناك أسرى من الجهتين مضى على وجودهم في الأسر أكثر من 30 عاماً، بل ان الأسيرين كريم وماهر يونس دخلا عامهما الاعتقالي التاسع والثلاثين.
والإضاءة الأخرى هي، بأنه بعد توقيع اتفاق أوسلو وتولى نتنياهو للحكم في اسرائيل عام 1996 ،أعاد فتح اتفاق الخليل المتفق عليه، الخليل الى "H1 " و"H2"،وما زال شعبنا الفلسطيني في الخليل يدفع ثمن الموافقة على اعادة فتح الإتفاق .
ونحن حتى لا نخسر معركة القدس الى الأبد علينا أن ندرس بشكل جدي خيارات مشاركة المقدسيين فيها، وبما لا يلبي شروط وإشتراطات الإحتلال.. والله من وراء القصد.
نقلا عن صحيفة القدس