د. بسام سعيد - النجاح الإخباري - في لحظة تاريخية وعلى أرض الجزائر الشقيق وقف الراحل أبو عمار في الخامس عشر من تشرين الثاني عام ١٩٨٨ ، وفى المجلس الوطني الفلسطيني التاسع عشر وتحت راية منظمة التحرير الفلسطينية ليعلن قيام دولة فلسطين.
هذا الإعلان كان خطوة البداية لطريق طويل نحو تجسيد إقامة دولة فلسطين العتيدة على أرض فلسطين، خطوة عززت الاعتراف الدولي الواسع بمشروعية نضال الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة أسوة بشعوب الارض قاطبه وحقه في الحرية والاستقلال.
وربما استخف البعض ومازال بهذا الإعلان التاريخي المهم في مسيرة الشعب الفلسطيني المكافح، وتم اعتباره مجرد حبر على ورق ونوع من الفانتازيا السياسية!!! فالواقع على الأرض يختلف عن الحلم فالاحتلال مازال يسيطر حتى يومنا هذا على ٨٥% من مساحة فلسطين التاريخية ويرفض الانسحاب من الاراضي التي احتلها عام ٦٧ والعودة إلى حدود الرابع من حزيران، ويرفض الاعتراف بالقرارات والقوانين الدولية ويتحكم في مفاصل الحياة اليومية للفلسطينيين وينغص عليهم معيشتهم عدا عن الاستيطان والحواجز وغيرها من الإجراءات التعسفية أضف إلى ذلك الانحياز الأمريكي الواسع في عهد إدارة ترامب والضغط الهائل الممارس على القيادة الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني ليقبل ما يعرض عليه من صفقة القرن وشطب ما تبقى من الحقوق الوطنية الفلسطينية.
ومنذ ذلك التاريخ وحتى هذه اللحظة جرت مياه كثيرة في نهر الواقع الفلسطيني والعربي والدولي وغيرت كثيرا من البديهيات والمسلمات من تساوق عربي نحو التطبيع المجاني ومن تراجع دور القضية الفلسطينية بسبب ما مر ويمر به الوطن العربي من أحداث بعد ما سمى بالربيع العربي وبسبب الانقسام السياسي الفلسطيني.
وتأسيسا على ما سبق يمكن القول بأن هذا الإعلان كان ومازال دلاله هامه تعكس إرادة الشعب الفلسطيني للانعتاق من نير الاحتلال وبناء مستقبله فالاحتفال بذكرى اعلان الاستقلال جاءت نتيجة لنضال طويل وتضحيات عظيمة للشعب الفلسطيني ضمن برنامج منظمة التحرير الفلسطينية الذى حدد ماهية الدولة العتيدة ومكانتها وصيغة نظامها السياسي وحقوق مواطنيها، ويمكن القول أننا على يقين أن تجسيد إعلان الاستقلال على الأرض قادم مهما طال الزمن أو قصر ومهما كثرت العقبات والمؤامرات، إلا أن هذا الفعل النضالي يتطلب العمل الجاد وبناء استراتيجية وطنية تأخذ بعين الاعتبار متغيرات الواقع على المستوى الاقليمي والدولي، ويتطلب طي صفحة الانقسام البغيض واعادة بناء المجلس الوطني الفلسطيني وتفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية ، وتعزيز الشراكة وفتح الطريق أمام الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
آن الأوان وفى ذكرى الاستقلال ان يرفع الشعب الفلسطيني صوته عاليا ضد المظاهر والمسلكيات التي ارهقته وساهمت في إضعاف أمكانية تحقيق مشروعه الوطني وعمقت الانقسام في بنية المجتمع على كافة المستويات دون ذلك سيبقى هدف تحقيق الاستقلال والحرية حلما بعيد المنال.