طلال سلمان - النجاح الإخباري - لم يقدر لشعب فلسطين منذ الاستعمار البريطاني، في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وحتى يومنا هذا، أن يعيش حراً في وطنه، وأن يكون لأبنائه أحلامهم.
ففي 2 تشرين الثاني 1917، وعشية نهاية الحرب العالمية الأولى، نجح مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هيرتزل، في أن يحصل من وزير خارجية بريطانيا، وباسم حكومتها، اللورد بلفور، على “الوعد” الذي عرف باسمه، بأن تكون أرض فلسطين هي بالذات موئل “الدولة الإسرائيلية”.
وكان السلطان عبد الحميد قد استقبل هرتزل في اسطنبول، ورفض أن يعطيه أي وعد أو تعهد بأن تكون فلسطين للحركة الصهيونية التي تأسست كمشروع لإقامة الدولة اليهودية فوق أرض فلسطين.. وكان رد السلطان عبد الحميد على “ضيفه” هيرتزل: -لن أعطيكم فلسطين، فأهلها فيها، وأخاف أن يصيبني في فلسطين ما أصابني في لبنان.
وهي هنا إشارة إلى ما فرضه الغرب على السلطان أن يكون جبل لبنان “متصرفية”، يعين السلطان “المتصرف” على أن يكون من غير المسلمين وتحديداً من غير العرب وكان أولهم داوود باشا.
في أي حال، لقد مضى على احتلال فلسطين وإقامة دولة إسرائيل 73 سنة.. وتغير الكون، قامت دول، واختفت دول، ونشبت حروب، وجاء محتلون جدد إلى المنطقة (الأمريكان) وخرج المستعمرون القدامى والشعب الفلسطيني لا يتوقف عن الجهاد والاستشهاد من أجل استعادة أرضه، أو –أقله البقاء فيها والحياة وإنشاء عائلة يربي أبناءه على الإستشهاد من أجل تحرير الوطن.. وإعادة فلسطين إلى هويتها العربية.
إن الفلسطيني يولد شهيداً ويعيش شهيداً يناضل من أجل حقه في أرضه، فإذا لم يستطع إجلاء الاحتلال الإسرائيلي فإنه يروي أرضه بدمه لتنبت شهداء بعد شهداء حتى يتم التحرير.
لكأن الفلسطيني يولد شهيداً، ويعيش شهيداً في انتظار أن تحين ساعته لتكتمل حياته بالاستشهاد لكي يدفن في الأرض المقدسة، لا يغادرها، في انتظار أن يبعث فيها، وأن تكون وطناً للآتين بعده على طريق الجهاد من أجل الحرية، من أجل الحياة، من أجل فلسطين.