فاروق جويدة - النجاح الإخباري - "يعيش العالم العربي فترة من أصعب وأسوأ فترات تاريخه الحديث والقديم، ولا أدري ماذا سيحكي التاريخ عن هذه الفترة.. وسط كل هذه الشواهد والأحداث أبحث عن مؤسسة عريقة تسمى جامعة الدول العربية.. أبحث عن دبلوماسي كبير هو الصديق أحمد أبو الغيط أمين عام الجامعة.. أبحث عن القمم العربية ومواقفها التاريخية فى الأحداث الكبرى.. أبحث عن زعماء عرب صالوا وجالوا فى أرجاء هذه الجامعة حين كانت للعرب- شعوبا وحكاما- مواقف تاريخية اهتزت بها أركان العالم.. أبحث عن الجامعة العربية ودورها الغائب تماما أمام سلسلة من الكوارث تحيط بنا من كل جانب".
"إن هذا الغياب لم يكن نتيجة أحداث قريبة فقط، ولكنه كان تاريخا من الهزائم والانكسارات.. لن ننسى مواقف الأنظمة العربية من الاحتلال الأميركي للعراق، وكيف ترك العالم العربى بغداد تسقط أمام جحافل الغزو الأميركي.. إن موقف العالم العربي من جرائم أميركا في العراق سيظل وصمة عار فى جبين هذه الأمة".
"من كان يصدق أن يواجه العالم العربي كل هذه التحديات والأطماع وهو يعيش أكثر الفترات في تاريخه ثراءً وجيوشا وقوة لقد انهارت الجيوش وضاعت الثروات، وبدأت رحلة التراجع والتهميش والانقسامات ومن هنا بدأت دول العالم تتجه نحو الغنائم".
"كانت إسرائيل أكبر الفائزين حين قدم لها الرئيس ترامب «القدس» هدية رأس السنة، واكتفى العالم العربي بالصمت المريب حتى الشعوب نسيت مواقفها القديمة في الرفض والتظاهر.. إن صمت العالم العربي على ضياع القدس واحدة من كبرى جرائم العصر في حق الشعوب، وسوف يظل عارا يطارد العرب.. ولم تتوقف هدايا الرئيس ترامب لإسرائيل على القدس مدينة السلام، ولكنه قدم «الجولان» القطعة الذهبية التى تمثل حلما من أحلام إسرائيل الأبدية، ولم تنته هدايا الرئيس ترامب لإسرائيل، ولكن كانت خطته للسلام آخر ما ينتظره ترامب لكي يكون هدية فوزه في الانتخابات الأميركية".
"تتابعت الأحداث والعالم العربي يفقد كل يوم شيئا من دوره وقدراته وثرواته وشعوبه وأرضه في سنوات قليلة.. انهارت دول وتهدمت مدن وهربت شعوب من بلادها .. من يعيد لهذه الأوطان أمنها واستقرارها ويعيد لها أصحابها.. ومن يعيد بناء ما خربت الحروب وما تركت أيدي الدمار؟؟".
"آخر ما بقي لهذه الأمة المنكوبة هي الآن انقسامات الشعوب على بعضها .. ويكفى أن تشاهد معارك الإعلام ومواقع التواصل غير الإنساني وما يجري من الصفقات حول آخر ما بقي لهذه الأمة من القدرات.. إن معركة التطبيع الآن هى آخر المعارك بين العرب وإسرائيل، إن إسرائيل تكتفي بالعمل والإنجاز والعرب لا يملكون غير الصراخ".
"لقد بدأت كلامي بما يشبه العتاب للصديق أحمد أبو الغيط وهو يعلم كم أقدره، ولكنني كنت أبحث عن شاطئ أبثه همومى وإحباطاتي.. وأنا أعلم كثيرا عن الظروف والتحديات التى تواجهها جامعة الدول العربية .. حتى إن البعض يطالب بإغلاقها فى الظروف الحالية أو البحث عن صيغة أخرى، أو مؤسسة بديلة يمكن أن نبني من خلالها مستقبلا وأوطانا وشعوبا أخرى".
"لقد كان غياب جامعة الدول العربية عن قضايا وأزمات الشعوب العربية من أخطر الجوانب السلبية فيما جرى من الأحداث.. رغم أن أمينها العام كان يبذل جهودا كثيرة على المستوى الشخصي، وإن كان دوره قد غاب تماما عن كل ما حدث فى ليبيا واليمن وسوريا والعراق وحتى فى كارثة لبنان كان دور فرنسا أكبر وأهم من كل الدول العربية".
"إن معركة التطبيع مع إسرائيل وفتح العواصم العربية أمام الصفقات والمعاهدات الجديدة سوف يزيد من جراح شعوبنا، خاصة أن هناك أطرافا تسعى لأن تحتكر المواقف، وتفرض على الشعوب العربية واقعا جديدا. لا أحد يعرف موقف جامعة الدول العربية فى كل ما حدث فى الفترة الأخيرة، خاصة أن هناك شعبا تسلب حقوقه وأرضه أمام صمت عربي مهين".
"أخشى ما أخشاه أن ينتهي الصراع العربي- الإسرائيلي إلى صراع عربي- عربي تحت رعاية جامعة الدول العربية".
"إن السؤال المحير الآن وسط حالة الانقسام والتشرذم، هل يمكن أن تستعيد جامعة الدول العربية دورها وتسهم فى عودة وحدة الصف العربي؟ هل يمكن أن تصفي الجامعة الخلافات العربية، وتعيد الأسراب الشاردة؟".
"كيف ستواجه الجامعة العربية ما حدث من تصادم فى المواقف حول قضية السلام مع إسرائيل، ومواكب التطبيع التى تهرول نحو تل أبيب؟؟ وماذا ستفعل القوى الفلسطينية، وهى الآن تجني ثمار الصراعات والمعارك والخصومات بينها، وظهر من وجدناه يطالب بتعويض أموال يهود خيبر في عهد رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام.. وأن تقام سفارات لإسرائيل في العواصم العربية بدلا من سفارات فلسطين كلام لا يستحق الرد؟؟".
لقد انسحبت فلسطين من رئاسة الدورة الحالية للجامعة العربية احتجاجا على ما يجري الآن من صفقات ومعاهدات سلام بين العرب وإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني فأين جامعة الدول العربية من ذلك كله..؟!".
"أصبح الآن من الضروري أن تتكشف كل الأوراق، أما الصفقات السرية والتنازل عن حقوق الغير فالقضية يجب أن يكون للجامعة العربية موقف واضح فيها".
"إذا كانت الجامعة قد غاب دورها في كل القضايا والكوارث التي حلت بالشعوب العربية طوال السنوات الماضية فإن القضية الفلسطينية آخر ما بقي للجامعة لكي تؤكد دورها.. خاصة أنها لم تتحرك أمام واقع سياسي جديد يفرض نفسه تحت دعوات السلام والتطبيع ابتداء بقضية القدس وانتهاء بخطة ترامب للسلام وتوابعها".
"إن قضية فلسطين كانت يوما قضية العرب كل العرب..فأين تقع الآن؟!".
"إنني أشفق على أحمد أبو الغيط أمام كل هذه المتغيرات والتحديات وقضايا الشعوب التي لا يستطيع أحد تجاهلها".